لا تزال عدد من الدعوى القضائية العقارية عالقة أمام المراجع المختصّة منذ عشر سنوات، وينتظر أصحابها البتّ بها لاستعادة حقوقهم، ولعلّ النموذج الأوضح على وجود مئات الحالات المماثلة، الدعوى التي تقدمت بها السيّدة "أ. ن" وأفادت فيها أنها تملك عدداً من ​العقارات​ التي ورثتها عن والدها في منطقة الجنوب، ولدى مراجعتها الدوائر العقارية لإستلام سندات التمليك العائدة لها والخاصة بهذه العقارات، إكتشفت أن موظفة في إحدى الدوائر العقارية سلّمت هذه السندات الى شخص آخر يدعي "م. ر" بناء على طلب الأخير، بعدما زعم أنه يملك وكالة من صاحبة العقارات من دون أن يبرز هذه الوكالة، التي تخوّله القيام بهذا العمل، واعداً بإحضار الوكالة في وقت لاحق.

بناء على هذا العمل الذي يهدد بحرمان المدعية "أ. ن" أملاكها، تقدمت الأخيرة بشكوى ضدّ الموظفة، اتهمتها فيها بارتكاب جرم التزوير في أوراق رسمية، والتواطؤ مع المدعى عليه "م. ر" الذي استولى على الشهادات العقارية وسندات الملكية العائدة لها، واتهمت الأخير والموظفة بجرم الإحتيال وإنتحال هوية، لكن حكماً صدر عن إحدى محاكم البداية، قضى بإبطال التعقبات عن المدعى عليه، لإنتفاء الركن المادي المتمثل بالمناورات الإحتيالية، وعدم إثبات الموظفة المدعى عليها تسليمها سندات الملكية الخاصة بالمدعية، في حين أن المدعية تتهمها بـ"كتم معلومات مهمّة تهدف من ورائها الى إخفاء الحقيقة، لتغطية الفعل الجرمي الذي ارتكبه المدعى عليه، والمحرّض الأساسي على إخفاء سندات التمليك العائدة للمدعية". كما قضت المحكمة بتبرئة الموظفة من مما أسند اليها لعدم توفر النية الجرمية لديها.

بعد صدور هذا الحكم، تقدّمت المدعية بواسطة وكيلها القانوني بمذكرة توضيحية، أشارت فيها الى صدور قرار عن وزير المال يحثّ فيه على إلغاء سندات الملكية المسلّمة للمدعى عليه "م. ر" والترخيص للمدعية "أ. ن" بالإستحصال على سندات ملكية جديدة تسلّم لها فوراً، الا أن المدعية لم تتسلّم أي سندات ملكية، بل تسلمت شهادة قيد، وأشارت الى أن شهادة القيد لا تخولها التصرف بملكها من بيع أو إنشاءات أو ​استثمارات​، وهذه الشهادة لا تشكل دليلاً على ملكيتها لعقاراتها، خصوصاً وأنه بعد أن أخذ المدعى عليه السندات من الموظفة وضع إشارات رهن على العقارات لصالح أحد ​المصارف​، مقابل حصوله على ​قروض​ مالية من دون توقيع أصحابها.

وتؤكد المذكرة التوضيحية، أنه بات من الثابت أن الموظفة أدلت في مراحل التحقيق وأمام المحكمة بإفادات وشهادات كاذبة، بقصد إخفاء الحقيقة، وقامت بتدوين عبارات على السجلات العائدة للدوائر العقارية تهدف الى التضليل وإخفاء الحقيقة بهدف الإضرار بالمدعية، وهذا يثبت التلاعب بدفتر الذمة الممسوك في الدوائر، ما يؤكد ارتكابها جرم التزوير واساءة استعمال الوظيفة والتحريف في القيود الرسمية.

وخلصت المدعية في مذكرتها الى الطلب من المحكمة إعادة المحاكمة بناء للمعطيات الجديدة، وإدانة الموظفة المدعى عليها، والمتهم "م. ر" بجرائم التزوير والتحريف في قيود وسجلات الدوائر العقارية، وتضليل العدالة وإخفاء الحقيقة، وإلزامهما بدفع تعويض عطل وضرر للمدعية.

خاص ــ الإقتصاد