اتخذ الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​، قرار وقف التمويل المخصص لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "​الأونروا​" بشكل كامل.

وكان هذا القرار متوقعاً بعد مرور أشهر على خفض ​الدعم المالي​ للوكالة، و بعد احداث متتالية حصلت، تظهر نية ترامب بالضغط على الفلسطينيين و​الدول العربية​ بهدف تحقيق صفقة القرن ونسيان القضية الفلسطينية، كما نُقلت مؤخراً السفارة الاميركية الى القدس. 

بالرغم من وضوح الهدف السياسي لقرار وقف تمويل "​الأنروا​"، الا ان الآثار الاقتصادية لهذا القرار ستكون وخيمة لأن ​الولايات المتحدة​ تقدم نحو 350 مليون دولار سنويا للمنظمة، بشكل يفوق إسهام أي دولة أخرى، ويمثل هذا المبلغ أكثر من ربع ​الميزانية​ السنوية للمنظمة البالغة 1.2 مليار دولار.

قامت "الاقتصاد" بحديث هاتفي مع الصحفي هيثم زعيتر، اوضح خلاله ان قرار تقليص الدعم لـ"الأنروا" قد بدأ منذ سنين عبر سياسة تراكمية للحد من تقديمات الدول المانحة لهذه المنظمة في ظل تزايد عدد اللاجئين الفلسطينيين، وشدد زعيتر على ان الخدمات و​المساعدات​ التي تقدمها المنظمة لا تشمل جميع اللاجئين الفلسطينيين الموزعين على "​لبنان​، ​سوريا​، ​الاردن​ وجزء من الاراضي المحتلة"، بل هي تغطي فقط الفلسطينيين الذين اضطروا الى اللجوء والنزوح الى تلك الدول بفعل الاحتلال الاسرائيلي منذ حزيران 1946 الى عام 1948.

اعتبر زعيتر في حديثه ان الولايات المتحدة تقوم بالضغط وباتخاذ مثل هذه القرارات بهدف سياسي بحت وهو تحقيق صفقة القرن واجبار الدول على توطين الفلسطينيين، مضيفاً ان الاحتلال الاسرائيلي كان يعتبر ان قضية اللجوء الفلسطيني سيتم تناسيها مع مرور الزمن وهو ما عبر عنه "بن غوريون" بقوله: " غداً الكبار يموتون، والصغار ينسون". الا ان الاجيال الفلسطينية بقيت متمسكة بحق العودة الذي أُقرّ في ​الامم المتحدة​.

اما بالنسبة الى اللاجئين الفلسطينيين المتواجدين على الاراضي اللبنانية، فتتعامل معهم ​الدولة اللبنانية​ وفق تصنيفات "الأنروا" و​الأمم المتحدة​، حيث تعتبر الدولة الشخص الفلسطيني لاجئاً، اذا كان قد نزح أو لجأ منذ عام 1984، وهو مسجل في الوكالة، وأيضاً فاقدي الاوراق الثبوتية الذين لجأوا بعد العام 1967 وهم غير مسجلين لدى وكالة "الانروا"، وعدداً من اللاجئين المسجلين لدى السلطلت اللبنانية، المديرية العامة للشؤون الساسية، لكن لم يسجلوا انفسهم لدى وكالة "الأنروا".

وقد أظهرت لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني بالتنسيق مع مركز الاحصاء الفلسطيني ان هناك اشكالية في اعداد الللاجئين الفلسطينيين الموجودين على الاراضي اللبنانية و عدد المسجلين في وكالة "الأنروا" مما يظهر ان عدداً كبيراً من اللاجئين غادر الاراضي اللبنانية، أو حصل على جنسية أخرى، أو لم يتم تسجيله في "الأنروا".

أضاف زعيتر ان التأثير الاقتصادي الرئيسي لقرار ​اميركا​ بوقف تمويل "الأنروا" سيكون بشكل أساسي على الفلسطينيين من نواحي عديدة، منها على الصعيد الطبي والاستشفائي وايضاً الصعيد التعليمي التربوي، الا ان تنفيذ واصدار هذا القرار في هذا التوقيت تحديداً هو ضغط سياسي من قبل ادارة ​الرئيس الاميركي​ دونالد ترامب، وليس حرصاً على توفير أموال "الأنروا" وتحويلها الى مجالات أخرى، أي ان القضية ليست اقتصادية معيشية نظراً الى الازدواجية التى يتعاطى بها الرئيس الاميركي مع الملف الفلسطيني، فهو يتحدث عن مساعدات اقتصادية لقطاع غزة من جهة، ويوقف تمويل "الأنروا" من جهة أخرى.

واعتبر زعيتر ايضاً ان تقليص الدعم لـ"الأنروا" سيؤثر بشكل سلبي على الفلسطينيين المتواجدين على الاراضي اللبنانية الذين يدخلون المستشفيات لتلقي العلاج حيث تغطي "الأنروا" نصف كلفة العلاج، ومن الناحية التربوية، ستقوم "الأنروا" بتقليص عدد المدارس ودمج بعضها مما سيضع التلميذ الفلسطيني في موقع حرج.

وفي موضوع الاغاثة، فستزداد نسبة البطالة في المخيمات، كما ستتدنى نسبة المساعدات للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وهذا يستوجب تحرك لبناني-فلسطيني مع الدول الصديقة للضغط على الدول المانحة للايفاء بالتزاماتها بشأن الوكالة، وأيضاً تحويل ​موازنة​ "الأنروا" لتكون من ​الموازنة​ الرئيسية للأمم المتحدة، باعتبارها أحد مؤسساتها المعترف بها دولياً، ولا يكون الدعم مباشر من الدول المانحة، الا ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب عمل على عرقلة هذا الموضوع.

ويحول هذا الامر للضغط السياسي من اجل الغاء هذه القضية وشطب حق العودة للّاجئين، وبالتالي توطينهم حيث يتواجدون او اعادة توزيعهم وتوطينهم في بلدان أخرى.

كما اضاف زعيتر ان اي تقليص بالدعم تقوم به "الأنروا" سيكون عبئ على الدولة اللبنانية، لأنها ستضطر لزيادة نفقاتها بشأن اللاجئين الفلسطينيين، باعتبار ان ​أميركا​ تموَّل المنظمة بقيمة 350 مليون دولار، وهو مبلغ لا يمكن لأي دولة تعويضه.

وذكر ان هناك أكثر من تحرك لبناني-فلسطيني بشأن هذا الامر، لكن الخطورة تكمن بعدم توقف الولايات المتحدة عند وقف دعمها للمنظمة، بل ان تتخطاها للضغط على الدول الأخرى لوقف التمويل أيضاً.