من الواضح ان الاهتمام ​الصين​ي بالقارة الافريقية يتعمق ويزداد يوما بعد يوم، ولعل قمة الصين ​افريقيا​"فوكاك" التي كانت محط الاهتمام في اليومين الاخيرين خير دليل على الاهمية القصوى التي توليها ​بكين​ للاستثمار في القارة السمراء ودفع العلاقات وتحسينها فيما بينهم، وتأتي هذه القمة في الوقت التي ينشغل العالم بالحرب التجارية بين واشنطن والصين الامر الذي دفع بالبعض الى التخوف من التواجد الصيني في افريقيا على المصالح القومية الاميركية، وركزت هذه القمة بالاضافة الى تخصيص 60 مليار دولار للمساعدات و​الاستثمارات​ في الدول الأفريقيةعلى موضوعين اساسين للجانب الصيني وهما مبادرة الحزام والطريق او ما بات يعرف بـ"طريق الحرير" والثاني الصناعات الافريقية.

ويتخوف المراقبون من تطور العلاقات بين بكين وافريقيا وزيادة التوغل الصيني في القارة على اعتبار ان العلاقة بين الطرفين غير متكافئة وتشوبها الكثير من الانتقادات وعلى رأسها الاتهامات الموجهة الى الصين واهدافها المبطنة الهادفة الى السيطرة واستنزاف ​الموارد الطبيعية​ لافريقيا وفرض نوع من الاستعمار الاقتصادي على القارة .

ما هي اهمية العلاقات التجارية بين الصين وافريقيا وما الذى تعنيه قمة "فوكاك" على الساحة الدولية؟

شكل منتدى الصين افريقيا الذي عقد في 3 و4 ايلول الحالي فرصة مهمة لالتقاء قادة ​الدول الافريقية​ والتعاون المشترك فيما بينهم ، وشهد الاستثمار الصيني في السنوات الاخيرة في افريقيا زيادات كبيرة مثيرة للاهتمام حيث زاد من 5 مليار دولار فى 2006 إلى 60 مليار دولار في العام 2015.

كما تسعى الصين إلى للاستثمار فى ​البنية التحتية​ بأفريقيا تحديدا فى الساحل الشرقى للقارة والذى يعد "الجزء البحري" من طريق الحرير، وهذه الاستثمارات سيجرى فيها التعاون من جانب بكين مع ​مصر​ و​كينيا​ وجيبوتى مع توقعات بتوسع المحادثات لتشمل ​إثيوبيا​ و​تنزانيا​ أيضا، ويخص مصر من هذا الطريق الجزء المتعلق ب​قناة السويس​.

وكشف مؤتمر ​التجارة العالمية​ والتنمية أن حجم التجارة بين الصين وافريقيا في عام 2000 كان يحقق 10 مليارات دولاروفي غضون 17 عاما تجاوز عشرين مرة هذا الحد حيث وصل مؤخرا إلى نحو 200 مليار دولار، في الوقت الذي تشهد فيه التجارة مع ​أوروبا​ والولايات المتحدة الأمريكية ركودا منذ سنوات وبموازاة ذلك يُسجل نمو قوي في الاستثمارات المباشرة للصين في إفريقيا.

وتعهد الرئيس الصينى في وقت سابق ببناء وتطوير مناطق صناعية وتقديم الدعم المالى من خلال ​قروض​ عبر صندوق "الصين - أفريقيا للتعاون الصناعى"ومن الواضح ان هذا الصندوق هوتهديد واضح لمصالح واشنطن في القارة الافريقية لانه يقوض السياسة الأمريكية فى أفريقيا فى عدة مجالات سواء فى التصدير أو حتى فى جهود مكافحة الإرهاب، حيث قد تفضل دول أفريقية تقليل التعاون مع ​أمريكا​ عسكريا فى المستقبل أيضا.

وأكد عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصينى وانج يى أن قمة بكين 2018 لمنتدى التعاون الصين -أفريقيا التى تحظى باهتمام عالمى غير مسبوق من شأنها رفع الشراكة التعاونية الاستراتيجية الشاملة بين الجانبين إلى مستوى عال جديد،مشيرا إلى أن الصين حافظت على موقعها كأكبر شريك تجارى لأفريقيا لتسع سنوات متتالية باستثمارات إجمالية تجاوزت 110 مليارات دولار فى القارة الأفريقية.

الشراكة الصينية الافريقية :هل هي نوع جديد من الاستعمار؟

تشوب العلاقات الصينية الافريقية الكثير من الانتقادات ويعتبرها البعض انها تشكل نقمة على القارة السمراء وان بكين تعمد الى استغلال موارد الطبيعية للقارة والسيطرة عليها وهذا ما يبرر تصرف الصين بالتعامل مع المنظمات الغير شرعية والفاسدة للحصول على الموارد الطبيعية الافريقية، كما تعرضت الصين للكثير من الانتقادات على اعتبار انها دمرت بصادرات مدعومة الأسواق الإفريقية، لاسيما بصادرات رخيصة من شركات حكومية بمواد استهلاك رخيصةساهمت في النهاية في تدمير الصناعة في البلدان الإفريقية حيث ان افريقيا لا تشكل جاذبا للشركات الكبرى فقط بل لجأ الاف الصينين الى العمل فيها لبيع البضائع الصينيةالزهيدة الثمن كما ان الافارقة لا يستفيدون من فرص العمل في ​الشركات الصينية​ نظرا الى اغلب العاملين في هذه الشركات هم من الصين وبالتالي هناك علاقة غير متوازنة بين الطرفين الامر الذي يدعو للقلق ويثير الكثير من الانتقادات .

كما يرى الخبراء الاقتصاديين ان هناك مخاطر إضافية في تبعية الأفارقة من القروض الصينيةنظرا الى ان بكين تمول إجراءات البنية التحتية مثلبناء السكك الحديدية من جيبوتي إلى أديس أبابا أو من مومباسا إلى نيروبي، وهذه المشاريع تعرف بتكاليفها المرتفعة مما يدفع بالكثير من الدول الافريقية الى الوقوع فخ الديون والتبعية الكبيرة للجهات المدينة .

وفي الاونة الاخيرة تسعى الصين من خلال المساعدات والهبات اتي تمنحها لافريقيا الى تغير صورتها النمطية التي تشكلت منذ سنوات وان تتحول من مستغل لثروات البلاد الى عنصر دعم حيث قامت بكين في وقت سابق بتخصيص 2 مليار دولار لتنمية افريقيا ، لتبقى الايام والسنوات القادم كفيلة باظهار النوايا الصينية والاهداف الرئيسية من التوحه الى القارة السمراء.

الاهتمام المصري بالاستثمارات الصينية:

تسعى مصر في الاونة الاخيرة الى تقوية العلاقات الثنائية مع الصين حيث زار الرئيس المصري ​عبد الفتاح السيسي​ منذ توليه الرئاسة بكين 5 مرات وتهدف هذه الزيارات الى التعاون والدعم في عدة مشروعات وعلى رأسها احياء طريق الحرير والاستثمار الصيني في محور قناة السويس الجديدة.

واعلن وزير التجارة والصناعة المصري عمرو نصار إن بلاده تسعى لتكون مركزا إقليميا للاستثمارات الصينية، منوها بتضاعف قيمة ​الصادرات المصرية​ للصين وتحقيقها زيادة كبيرة خلال عام 2017 لتصل إلى حوالى 1.3 مليار دولار مقابل نحو 500 مليون دولار عام 2016 بزيادة تصل قيمتها إلى 776 مليون دولار ونسبتها 139,8%.

وتستفيد الشركات الصينية من الحوافز الاستثمارية فى مصر والفرص المتاحة فى هذا السوق فى التصدير للأسواق التى ترتبط مع مصر باتفاقات تجارة تفضيلية لاسيما الدول الأفريقية والعربية و​دول الاتحاد الأوروبي​، بحيث يتم الاستفادة من الإعفاءات التى تحصل عليها المنتجات المصرية عند التصدير لهذه الأسواق.