فشل ​الاقتصاد اللبناني​ طيلة الاشهر التسعة الماضية من العام الجاري في تحقيق اي اختراق يذكر في جدار الازمة التي يعاني منها منذ العام 2012، وذلك بتأثير مباشر من استمرار فشل الطبقة السياسية الحاكمة في التوصل الى اتفاق بشأن الحكومة الجديدة، ما يترك البلاد سياسياً وامنياً واقتصادياً ومالياً امام خطر حقيقي ما لم يصار سريعاً الى "لملمة" الوضع العام والدخول فوراً من باب التوافق السياسي، وصولا الى تشكيل حكومة في اسرع وقت ممكن كي لا تضيع البوصلة.

في غضون ذلك، كان البارز اقتصادياً ومالياً هذا الاسبوع ما اعلن عن ارتفاع مستوى التضخم في لبنان الى مستوى 7.60%، وهي اعلى نسبة تسجل منذ اكثر من 10 اعوام. كما تستمر ازمة المديونية العامة حيث لا تزال الظروف المالية العامة للدولة غير مؤاتية في ظل تواصل العجوزات المالية في ​الميزانية​، ونمو المديونية العامة وايضاً مزاحمة ​القطاع العام​ للقطاع الخاص على مصادر التمويل العام اللازمة للاستثمار. وبحسب بيانات وزارة المالية، فان المديونية العامة للبنان ارتفعت بنسبة 7.1% على اساس سنوي من 76.2 مليار دولار في نهاية شباط 2017 الى 81.5 مليار دولار في نهاية شباط 2018. وقد وصل الدين الخارجي الى مستوى 30.6 مليار دولار بنمو سنوي نسبته 7.9%، كما وصل الدين المحلي الى 50.9 مليار دولار لنمو سنوي نسبته 6.6% خلال الفترة المذكورة.

وتشير ال​احصاءات​ والارقام المتوافرة عن نشاط القطاع الحقيقي في النصف الاول من العام الحالي الى تراجع في معظم هذه المؤشرات ان على مستوى الصادرات وان على مستوى ​الاستثمارات​ الوافدة وان على مستوى القطاع التجاري، بالاضافة الى استمرار ازمة ​القطاع العقاري​ لا سيما بعد توقف القروض السكنية المدعومة عن طريق المؤسسة العامة للاسكان.

وحده ​القطاع المصرفي​ بقي محافظاً على الحد الادنى من النمو، اذ تظهر احصاءات ​مصرف لبنان​ وجمعية مصارف لبنان ان اجمالي موجودات المصارف التجارية بلغت 224.6 مليار دولار في نهاية آذار 2018 بنمو سنوي نسبته 9.1%. وقد بلغت ودائع القطاع المصرفي 170.7 مليار دولار وبلغ معدل دولرة هذه ​الودائع​ 68.3% في نهاية آذار، وبلغت قيمة القروض المصرفية للقطاع الخاص نحو 59 مليار دولار.

من جهة ثانية، سجّل ميزان المدفوعات في الفصل الاول من العام الحالي عجزاً بمقدار 207 مليون دولار مقارنة مع فائض بلغ 554.8 مليون دولار في الفترة نفسها من العام السابق. وهذا العجز ناجم عن تراجع الموجودات الخارجية الصافية للمصارف والمؤسسات المالية بمقدار 1.64 مليار دولار وزيادة الموجودات المماثلة لمصرف لبنان بمقدار 1.43 مليار دولار خلال الفترة المذكورة.

باختصار، يبقى ​الوضع الاقتصادي​ رهينة الوضع السياسي المأزوم والانقاذ يبدأ أولا من تشكيل الحكومة وتالياً، من اقرار الاصلاحات المطلوبة من الدول المانحة في "سيدر 1".