بدأت رحلتها خطوة بخطوة بسبب إيمانها بأهمية التنمية الاجتماعية والعمل التطوعي، وخدمة المجتمع، ودعم الفئات المهمشة والأقل حظا، وتمكين المرأة.

رؤيتها الاجتماعية والبيئية من خهة، والريادية والفنية من جهة أخرى، تتبلور في مشغلها الخاص "حرتوقة"، ونشاطها مع الجمعيات.

سنتعرف أكثر في هذا الحديث الخاص مع "الاقتصاد"، الى مؤسسة "Atelier Hartouka"، ناهدة توبة، والى المفهوم الذي تسعى الى تقديمه من خلال مشروعها:

من أين جاءت فكرة "حرتوقة"؟

الفكرة بدأت منذ حوالي سنتين، لكن تمكنا من تنفيذها في بداية العام 2018، حين حصلنا على مشغل خاص، وبدأنا بـ"الحرتقة" على طريقتنا.

فأنا أعمل كمدربة حرفية منذ أكثر من 10 سنوات في جمعيات غير حكومية تابعة للأمم المتحدة، ومستشارة تقنية مع "UN Women"، وقد جاءت هذه الفكرة إنطلاقا من تجربة شخصية؛ فبسبب حبي للموضة، كنت أعدل في ملابسي لكي تصبح كل قطعة فريدة من نوعها. ومن هنا قررت افتتاح مشغلي الخاص لكي يكون مقصدا للأشخاص الذين يحبون الحفاظ على ملابسهم، والتعديل فيها بأسعار مقبولة.

ما هو الهدف من هذا المشروع؟

هناك أهداف عدة من هذا المشروع ومنها أولا إعادة تصميم الثياب، و تحويلها لقطع فريدة.

ثانيا، إعادة التدوير والمساهمة بتخفيف ​إستهلاك​ المواد الأولية.

ثالثا، توسيع المشروع لكي يشمل التنمية الاجتماعية، وذلك من خلال إعطاء الدورات التدريبية للنساء المهمشات، لكي يسهمن بعدها بالعمل في المشغل لقاء مردود مادي يفعّل أدوارهن في الحياة. وبالتالي أسعى الى تفعيل دور المرأة وإعطائها الآليات المناسبة لكي تصبح مستقلة ماديا.

كيف تصفين إقبال الناس وتفاعلهم مع "حرتوقة"؟

في البداية، كان البعض يعتقدون أن المشغل هو متجر للخياطة، ولكن بعد أن ترددوا اليه لمرات عدة، فهموا الفكرة وأحبوها، وباتوا يخصصون كيسا لـ"حرتوقة" أثناء فرز الملابس في المنزل. ومن هنا أريد التوضيح أن الخياطة التقليدية ليست ضمن نطاق عملي.

ولا بد من الاشارة الى أنني أراقب بنفسي سير العمل في المشغل، ولا أكرر أبدا الموديلات لكي تشبه بعضها البعض.

ما هي أبرز التحديات التي تواجهك خلال العمل على كل قطعة؟

أولا، نوعية الأقمشة تلعب دورا كبيرا، وتفرض أحيانا أنواعا معينة من التصاميم.

ثانيا، يجب الأخذ بعين الإعتبار ذوق كل زبونة وما يليق بها وبشخصيتها.

ثالثا، أسعى دائما الى خلق تصاميم جديدة ومختلفة من أجل الحفاظ على التنوع والفرادة.

     هل أن خدمات "حرتوقة" مناسبة للميزانيات كافة؟

       الفكرة تستهدف الفئات الاجتماعية كافة، وذلك لأننا نشجع        على عدم         استخدام المواد الأولية الجديدة، وبالتالي نتقاضى      ثمن الفكرة فحسب؛         فالأسعار مقبولة بالنسبة الى الخدمات ا    لمخصصة (customized) التي          نقدمها.

       كيف تنجحين في نشر هذا المفهوم بشكل أكبر بين الناس؟

وسائل التواصل الاجتماعي تحتل المرتبة الأولى من هذه الناحية، بالاضافة طبعا الى الأصداء الايجابية من الناس. كما أن عملي في مجال الجمعيات يساعدني كثيرا.

كيف تقنعين الناس بعدم شراء الملابس الجديدة بل العمل على تعديل القديمة؟

من خلال المنشورات والصور على "​فيسبوك​" و"​انستغرام​"، يرى الناس أنه بإمكانهم الاستفادة من القطع المرمية في خزاناتهم منذ سنوات عدة، واستخدامها بشكل عصري ومميز؛ ومن هنا يقتنعون بالفكرة.

ولا بد من الاشارة الى أنه بإمكان الناس شراء الملابس خلال فترة التنزيلات، وإحضارها الى "حرتوقة" من أجل تحويلها الى قطع مميزة وفريدة من نوعها.

من شجعك على القيام بهذه الخطوة وافتتاح هذا المشغل؟

"حرتوقة" كان موجودا منذ العام 2000 ولكن بمفهوم مختلف، اذ كنت أعمل حينها في مجال الاكسسوارات النسائية والمنزلية المصنوعة يدويا. وتوقفت لمدة سبع سنوات بسبب تفرغي للعمل الاجتماعي، وبالتالي أغلقت المشغل، وعملت على تغيير المفهوم لأنه قد استُهلك بشكل كبير.

وفي البداية انطلقت بمفردي، فأنا أحب الملابس لكنني لا أستطيع شراء القطع المختلفة والمميزة بشكل يومي أو أسبوعي أو حتى شهري، كما لم أكن أتمتع بالقدرة المادية على افتتاح هذا المشغل، لكن شريكتي وصديقتي آمنت بهذا المفهوم وقدمت لي كل الدعم المادي اللازم.

ما هي الصفات التي تساعدك على تحقيق أهدافك؟

أنا أسافر كثيرا وبالتالي أتعرف الى ثقافات مختلفة، ومن هنا يتطور عملي.

ومن جهة أخرى، أعتقد أنه في حال تحسنت الأوضاع في البلاد، سوف أتشجع على أن أكون منتجة أكثر.

أين ترين المشروع بعد خمس سنوات؟

أرى هذا المشروع قد توسع بالفعل ليشمل جمعيات دولية عدة، اذ أطمح بالاستمرار في استهداف جميع الناس، وفي مساعدة الفئات المهمشة؛ من المساجين، واللاجئين، و​النساء​ المعنفات، وسكان الأرياف،... فالله أعطاني الموهبة، وأنا بدوري أشاركها مع محيطي.

وأعتقد أنني بمثابة دافع يشجع الأشخاص على التطور، اذ أعمل بشكل واسع مع اللاجئين، وقد دربت عددا كبيرا من اللاجئين العراقيين من حرب الخليج، الذين افتتحوا اليوم أعمالهم الخاصة في مجال الاكسسوارات المصنوعة يدويا في ​كندا​. وخلال الأزمة السورية أيضا، عملت على تدريب أعداد من السوريات اللواتي يتواجدن حاليا في المراكز الاجتماعية في ​فرنسا​ و​المانيا​، ويعملن في هذا المجال أيضا.

وهذا الإنجاز يسعدني الى حد كبير، لأن هدفي هو إيصال الرسالة، اذ ليس من الضروري أن نسعى الى تحقيق الأهداف التجارية والمادية، وبالتالي فإن كلمة "شكرا" قد ترضيني أكثر من مئات الأرباح التي قد يحققها المشروع.

اذ تربيت على العقلية الاجتماعية منذ ​الطفولة​، وكبرت وأنا أحاول دائما أن يكون لي دورا فعالا في المجتمع.

ما هي رسالة ناهدة توبة الى ​المرأة اللبنانية​؟

أنصح المرأة أن تحاول قدر الإمكان الانخراط في المجتمع، لأن المساواة لا تتحقق أثناء الجلوس والانتظار.

فلا شيء يقف في وجه المرأة الطموحة والمثابرة، ففي النهاية كل شخص يتعب سيصل. وعندما يؤمن الانسان بمهمة أو رؤية معينة، سيحقق الكثير.