دخلت الحزمة الأولى من ​العقوبات​ على ​إيران​، يوم الثلاثاء الماضي، حيّز التنفيذ على أن تطبّق الحزمة الثانية في تشرين الثاني القادم.

وتشمل المرحلة الأولى من العقوبات تشمل: حظر تبادل الدولار مع ​الحكومة الإيرانية​، إضافة لحظر التعاملات التجارية المتعلقة بالمعادن النفيسة، ولاسيما ​الذهب​، وفرض عقوبات على المؤسسات والحكومات، التي تتعامل بالريال الإيراني أو ​سندات حكومية​ إيرانية، حظر توريد أو شراء قائمة من المعادن أبرزها ​الألومنيوم​ و​الحديد​ و​الصلب​، وفرض قيود على قطاعي ​صناعة السيارات​ والسجاد في إيران، و حظر استيراد أو تصدير التكنولوجيا المرتبطة بالبرامج ​التقنية​ الصناعية، ذات الاستخدام المزدوج المدني والعسكري.

أما المرحلة الثانية من العقوبات فتشمل: فرض عقوبات ضد الشركات، التي تدير الموانئ الإيرانية إلى جانب الشركات العاملة في الشحن البحري وصناعة السفن، فرض عقوبات شاملة على ​قطاع الطاقة​ الإيراني بعد انتهاء "مهلة تصفية أعمال" في 4 تشرين الثاني، وفرض عقوبات على ​البنك المركزي الإيراني​ وتعاملاته المالية.

ما هي تداعيات هذه العقوبات على الإقتصاد الإيراني؟ ومن هي الدول الأخرى التي ستتأثر نتيجة تحالفاتها السياسية مع إيران؟ ما هو مصير عمل الشركات الأوروبية العاملة في ​طهران​؟ لمعرفة المزيد من التفاصي، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع ال خبير الإقتصادي د. كامل وزنة:

- هل ترى أن إيران قادرة على الصمود مع الموجة الجديدة من العقوبات، وخاصّةً أننا بدأنا نرى التظاهرات التي يقوم بها المواطنون الإيرانيون؟

الإقتصاد الإيراني بات يتمتع بمناعة قوية تجاه العقوبات. العقوبات ليست بجديدة على إيران التي اعتادت عليها، لكن طبعاً لم تكن العقوبات يوماً غير صعبة على أي دولةٍ كانت وليس فقط على إيران.

هناك ارتدادات سلبية على الإقتصاد وعلى معيشة المواطن الإيراني الذي يحق له التعبير عن رأيه، وهو أمر تجلّى بالتظاهرات. التظاهرات كانت نتيجة وجود خلل في التركيبة المالية وتمّ اتخاذ اجراءات لمعالجتها عبر إقالة وزير العمل وبعض المسؤولين في البنك المركزي، ولكن العقوبات قاسية لا شك في ذلك.

إيران ستحتاج الى الوقت للتكيف من جديد مع هذه العقوبات، خاصّةً وأن ​الولايات المتحدة​ الأميركية هي التي فرضتها، في الوقت الذي لا زال فيه الطرف الأوروبي ملتزماً بالتبادل التجاري مع طهران. هذا الأمر سيقلّل من أثر العقوبات.

والجدير بالذكر هنا ​كوبا​ التي تعيش مع ​العقوبات الأميركية​ منذ الستينات، بالإضافة الى ​فنزويلا​، ​سوريا​ و​روسيا​ و​الصين​. مروحة العقوبات الأميركية باتت كبيرة جدًّا، الأمر الذي يخفّف من حدتها.

طالما أن المركزي الإيراني قادر على استخدام ​اليورو​ كعملة احتياط، تبادل ومراسلات عبر ​البنوك الأوروبية​، فإن الوضع ليس خطيراً والمسألة مسألة وقت فقط.

- من المنتظر أن تؤثر العقوبات على دول أخرى، حيث أعلنت واشنطن أنها ستفرض عقوبات على الدول التي لا تلتزم بقرارها وتواصل تبادل التجارة مع إيران، هل ستتمكن الولايات المتحدة من مواجهة روسيا والصين و​تركيا​؟

إن تضرر القوى العالمية من العقوبات الأميركية يؤدي الى خلق ​اقتصاد​ غير مضطر للإلتزام بالموقف الأميركي.

هذه الدول لديها أسواقها وطبعاً ستبني اقتصاد خاص بها دون ان تعود للولايات المتحدة. وبهذا القرار فإن ​ترامب​ يضع بلاده في خانة غير مفيدة لمصالحها الإقتصادية وخاصّةً ان الأوروبيين والكنديين أيضاً وضعوا تحت العقوبات الأميركية. الولايات المتحدة اليوم تفرض عقوبات على العالم، أي أنها تقوم بعزل نفسها.

- برأيك، ما هو مصير الشركات الأوروبية العاملة في إيران وخاصّةً أن الحكومات الأوروبية تركت لهذه الشركات حرية القرار؟

نعم، تركت الحكومات حرية الخيار للشركات التي تدرس مواقفها ومصالحها في الوقت الحالي وهي غير ملزمة بالبقاء في إيران. وهنا يمكننا طرح سؤال مهم جدًّا: هل تستطيع الولايات المتحدة ان تحتمل فرض العقوبات على كل هذه الدول دون أن تتأذى؟

في النهاية، هذا العالم مبني على التجارة الحرة. إذا فرضت دولة ما عقوبات على دولة معيّنة، قد تنجح نعم، ولكن أن تفرض عقوبات على دول كبرى وأساسية في العالم كالصين وروسيا فإن الأمر لن ينجح.

- ما هي توقعاتك لأسعار ​النفط​ في ظل هذه التوترات؟

الصين و​الهند​ أكدوا أنهم مستمرين في استيراد النفط من إيران، لذلك فإنه في حال عدم حدوث حرب في المنطقة فسعر النفط سيبقى في السبعينات، إذا لم ينخفض أيضاً.

أما إذا شهدنا حرب، وهو أمر يعول عليه الكثيرون، فإن السعر قد يصل إلى التسعينات.