هي شابة لبنانية عصامية، واثقة من نفسها، وتعكس صورة ​المرأة اللبنانية​ الطموحة. بدأت مسيرتها من الصفر، وشقت طريقها بثبات، وتألقت في مجال العمل الذي اختارته لنفسها، كما نجحت في كل مشروع أنجزته.

إرادتها الصلبة وعزيمتها القوية وطموحها الواسع، هي عوامل شجعتها على الاستمرار. كما أن روحها المرحة والإيجابية تضفي رونقا خاصا على تصاميمها، التي تسعى من خلالها، الى الحفاظ على الهوية الثقافية اللبنانية، التي أهملتها السنوات، وتغلبت عليها العولمة.

مؤسسة "دار ​مريم​"، مريم غانم، خصت "الاقتصاد" بهذه المقابلة الخاصة:

ما هي خلفيتك الأكاديمية والعملية؟

تخصصت في الهندسة المعمارية في "جامعة بيروت العربية"، وتخرجت منذ أربع سنوات. أما "دار مريم" فقد انطلق في السنوات الجامعية الأخيرة، حين قررت عدم الاتجاه نحو ​التوظيف​، بل إطلاق عملي الخاص.

وبقيت ​الدار​ لمدة سنة كاملة عبر ​الانترنت​ فقط، حتى أصبحت موجودة في منطقة سامي الصلح في بيروت، وقد افتتحنا مؤخرا فرعا جديدا في مدينة جدة ​السعودية​.

من أين جاءت فكرة "دار مريم"؟

الفكرة الأساسية تكمن في إعادة هويتنا الثقافية، التي خسرناها في منازلنا، بهدف عدم فقدان جزءا من أنفسنا. فمنازلنا تشبه شخصيتنا، وبالتالي علينا الابتعاد عن الأمور التجارية والنمطية و"المستوردة"، وعدم الانجرار بشكل كبير وراء إتجاهات الموضة.

فقد تخصصت في مجال العمارة، وتعرفت الى البناء القديم، وكيف نخسر كل الملامح التي تؤكد على هويتنا في منازلنا سواء من الداخل أم من الخارج، كما اكتشفت الفرق بين العمارة القديمة والحديثة، ومن هنا قررت التركيز على داخل المنزل، أي على التصميم الداخلي، من أجل إعادة الهوية بطرق سلسة وجميلة؛ وتجدر الاشارة الى أنه يمكن إيجاد طريقة حديثة لاسترجاع الفترات الماضية، وهذا ما نطلق عليه اسم "ما بعد الحداثة" (postmodern) أو الفنون المعاصرة (contemporary arts). ومن هذه النقطة انطلقت منها واستمريت!

و"دار مريم" هو داري الذي أفتح بابه أمامكم وأدعوكم إليه، ومشروعي الشخصي الذي يجيب على سؤال نفكر فيه دائماً ونحن نفتح منازلنا: كيف نعلم الأثاث والجدران الكتابة والرسم أيضاً؟

هل تعتبرين اليوم أنك حققت النتائج المتوقعة من "دار مريم" حين قررت إطلاقه؟

أعتقد أن مدة ثلاث سنوات تعتبر فترة زمنية قصيرة، لكنني راضية الى أقصى الحدود بما حققته الى حد اليوم، خاصة أنني تمكنت من جذب الفئة العمرية ​الشباب​ية الى الدار.

اذ أن هذه الفئة باتت تقصد "دار مريم" بشكل متكرر، كما أن تعي أهمية المفهوم الذي نسعى الى تقديمه.

هل أن "دار مريم" موجه الى جميع الناس؟

زبائن "دار مريم" من جميع الفئات العمرية، وخاصة جيل الشباب، الذين يشجعون على استرجاع الهوية الثقافية اللبنانية، وإعادتها الى منازلهم. والدار يتوجه بالأساس الى الطبقة المتوسطة.

ما هي العوامل التي تميز عملك وتضمن نجاحه واستمراريته؟

أولا، المنزل هو مكان متفرع للغاية وبالتالي يتطلب العديد من القطع المميزة.

ثانيا، لقد بدأت مؤخرا بتصميم المطاعم والاستوديوهات والمقاهي التي تحمل الهوية اللبنانية القديمة – الجديدة؛ وبالتالي فإن هذا المفهوم بدأ بالانتشار أكثر فأكثر.

أما "دار مريم" فبدأ بالتحول من متجر صغير لبيع منتجات معينة، الى مكان يقدم "هوية".

هل تعتبرين وسائل التواصل الاجتماعي عاملا إيجابيا أم سلبيا في مجال الأعمال؟

انطلقت بالأساس من وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي لم أشعر يوما أنها مضرة لعملي. كما أنني أسوّق لتصاميمي اليوم من خلال "​انستغرام​" و"​فيسبوك​"، لأن هذا العصر يتطلب هذا النوع من التسويق.

أما بالنسبة الى التقليد، فهو موجود حتما وقد عانيت منه كثيرا، لكن مهما نسخوا التصاميم، لن يتمكنوا أبدا من نسخ الروح المميزة الموجودة في كل قطعة.

ما هي الصفات التي تميزك كسيدة أعمال؟

في المرحلة الأولى تحلّيت بـ"قوة ​القلب​"، اذ يجب أن يشعر الانسان بالقوة، ولا يتردد أو يخاف ويلجأ الى الطريق الأسهل، أي الوظيفة، بل عليه الإيمان بقدرته على الوصول الى أهدافه كافة، والابتعاد عن الأصداء السلبية لكي يعيش تجربته الخاصة.

ولا بد من الاشارة الى أن ​عمل المرأة​ لن يكون ناجحا أبدا، إن لم تكن الأمور الموازية له ناجحة أيضا! فأنا بالاضافة الى عملي التجاري، أشارك في ورش عمل للفلسطينيين، ومشاريع الدمج للسوريين، وبرامج التوعية البيئية وإعادة التدوير،... وبالتالي فإن العمل الخيري والاجتماعي يعد أيضا من مفاتيح ​نجاح المرأة​، ذاتيا وعمليا.

ما هي خططك المستقبلية على الصعيد المهني؟

من المفترض أن يتوسع "دار مريم" لكي يتحول من مكان لتقديم الخدمات الى مكان لتقديم المعلومات؛ ولكي يضم ورش العمل، والمحاضرات، والدروس للكبار والصغار.

هل حصلت على الدعم من محيطك من أجل الانطلاق بالعمل؟

تلقيت دعما واسعا من العائلة، بالاضافة طبعا الى زوجي الذي كان مشجعا لهذه الفكرة منذ اللحظة الأولى.

هل شعرت يوما بالتقصير تجاه حياتك الخاصة والعائلية بسبب العمل؟

أشعر أحيانا بالتقصير تجاه الدار أكثر من نفسي، أما بالنسبة الى عائلتي، فأنجح في تحقيق التوازن، كما أن الأمور تسير على السكة الصحيحة من خلال تنظيم الوقت.

كيف تقيمين وضع المرأة في سوق العمل؟

أعتقد أنه لم يعد من الممكن التمييز بين المرأة والرجل في عصرنا هذا، لأن مفهوم المساواة بات منتشرا بكثرة.

كما أن المجتمع يدعم المرأة كما يدعم الرجل، والمرأة تتمكن من الوصول الى أبعد الحدود، كما هو الحال مع الرجل أيضا. وبالتالي نرى عددا كبيرا من ​النساء​ اللواتي يأخذن المبادرة، ويطلقن أعمالهن الخاصة؛ وهذا الأمر رائع ويدعو الى الفخر.

فالأعمال الصغيرة قد تنطلق أحيانا من المنزل، ما يسهل الأمور على المرأة؛ ومن هنا، يتجه العدد الأكبر من النساء الى هذا النوع من الأعمال، بالمقارنة مع الرجال، الذين يغرقون، بغالبيتهم، بالوظيفة والنظام.

بالاستناد الى تجربتك المهنية الخاصة، ما هي النصيحة التي تودين إيصالها للمرأة؟

أنصح الشابات المتخرجات حديثا من الجامعات، أن لا يخفن من خوض تجاربهن الخاصة، في النجاح والفشل أيضا، وأن يثابرن من أجل الوصول الى النهاية دون الاستسلام.

كما أنصحهنّ أن لا يعتمدن على تجارب الآخرين لدى اتخاذ قرارتهنّ المهنية المستقبلية، لأن هذه القرارات تحدد مصيرهنّ.