ما ان بدأ الحديث عن اتفاق لإعادة فتح معبر نصيب حتى استفاقت الآمال بتشريع الابواب امام الصادرات اللبنانية التي توصد بوجهها الاسواق الخارجية .

نعم نصيب الصادرات الزراعية والصناعية والحركة ​التجار​ية ككل في لبنان كبير من إعادة فتح معبر نصيب اذ ستعود حركة الترانزيت البري من لبنان الى ​الاردن​ ومنه الى دول ​مجلس التعاون الخليجي​ الى حيويتها.

قبل التطرق الى اهمية هذا المعبر للحركة التجارية في لبنان لا بد من الاشارة الى ما يدور حول جدية إعادة فتحه حيث أن ​الأردن​ وضع 5 شروط من أجل تنفيذ هذه الخطوة على الحدود مع ​سوريا​.

والشروط تتمحور حول وجود ​موظفين​ سوريين محايدين، ورفع العلم السوري على المعبر، الذي يبقى تحت سيطرة قوات معارضة يوافق عليها الأردن.

ومن ضمن الشروط إبعاد اي تواجد عسكري سوري عن المعبر، إضافة إلى تأمين الطريق الدولي الواصل بين دمشق والحدود.

و تطبيق الشروط سيكون مقدمة لتهيئة أجواء المصالحة والاستقرار والدخول في عملية إعادة اللاجئين السوريين من الأردن.

وجاء الحديث عن فتح المعبر بعد توصل ​الولايات المتحدة​ وروسيا إلى اتفاق في 7 تموز الجاري، بوقف إطلاق النار في جنوب سوريا، وإقامة منطقة "تخفيف توتر" في درعا والقنيطرة والسويداء.

وترتبط الأراضي السورية مع الأردنية عبر معبرين؛ الأول نصيب المسمى بمعبر جابر على الطرف الأردني، إلى جانب معبر درعا القديم، الذي يقابله الرمثا في الأردن.

بكداش

يقول نائب رئيس جمعية الصناعيين ​زياد بكداش​ "للاقتصاد ": "تكمن اهمية هذا المعبر في عامل الوقت والكلفة معاً للشحن، الا انه يبقى الاهم الوقت. وصحيح انه عن طريق البر يحتاج نقل البضائع للوصول الى اسواق الخليج اسبوعاً، وعن طريق البحر 3 ايام، الا ان هذه البضائع تبقى في المرافئ ​السعودية​ 3 اسابيع قبل ان يتم سحبها من التجار".

كان الصناعيون يرسلون عن طريق التجميع براً الى السعودية والكويت.

وفي الوقت الراهن، نستطيع القول ان خسارة ​الصناعة​ بعد إقفال المعابر هي مليار دولار اكثر من نصفها سببها إغلاق معبر نصيب .

ويتابع بكداش: نتمنى إعادة فتح المعبر مع تخوفنا الكبير من الاكلاف الجديدة التي سترتب عن الشحن مثل رسوم التأمين في ضوء الاوضاع الامنية غير المستقرة بعد . لا شك ان الصناعة الزراعية هي المستفيد الاول من فتح المعبر الا ان هذا لا يمنع من وضع دراسة جديدة للكلفة.

ويلفت بكداش الى ان مع تسهيل ​آلية​ التصدير والشحن عبر المعبر ستتحسن الصادرات الصناعية، وبالتالي ​الاقتصاد اللبناني​ ككل، لأن واردات الصادرات الصناعية تصب في الاقتصاد الوطني .

وتمنى بكداش ان تجري المفاوضات مع الدولتين السورية والاردنية على احسن ما يرام لتذليل كل العقبات وتسهيل انسياب السلع.

زخور

من جهته، رئيس الغرفة الدولية للملاحة في بيروت ايلي زخور اكد لـ "الاقتصاد"، أن هذا المعبر هو حيوي للبنان واستراتيجي لدول المنطقة، فهو يربط عبر سوريا كل من الاردن ودول ​الخليج العربي​ ب​تركيا​ و​أوروبا​ و​العراق​ و​ايران​ وحتى روسيا من جهة، ويربط عبر سوريا أيضا الاردن و​دول الخليج​ العربي بلبنان من جهة أخرى. فقبل اندلاع الحرب في سوريا في العام 2011، كان عدد ​الشاحنات​ التي تعبره يوميا يتجاوز الـ7 آلاف شاحنة من بينها حوالي 300 شاحنة محملة بالمنتجات الزراعية والصناعية اللبنانية. وشكل إقفال المعبر في نيسان من العام 2015، بعد سيطرة المسلحين عليه، نكسة وصدمة كبيرتين للقطاعين الزراعي والصناعي اللبنانيين.

دور محطة الحاويات

ويقول زخور: "ولا بد من الاشارة الى أن محطة الحاويات في ​مرفأ بيروت​ ساهمت في ​إنقاذ​ هذين القطاعين من ​كارثة​ محتمة، إذ أتاحت للمزارعين والمصدرين من الاستمرار في تصدير منتجاتهم بحرا ولو بكلفة أكبر وفترة زمنية أطول، ومن المحافظة على القسم الاكبر من زبائنهم في الاسواق الاردنية والخليجية. فهذه المحطة الحديثة والمتطورة استقطبت أهم الخطوط الملاحية العالمية التي أمنت للصناعي وللمزارع اللبناني إمكانية تصدير منتجاته بواسطة بواخر الحاويات الى مرفأ جده السعودي والموانئ الخليجية مباشرة، أو تفريغ تلك الحاويات في مرفأ جده حيث يتم إعادة نقلها برا بواسطة الشاحنات الى مقصدها النهائي في بلدان مجلس التعاون الخليجي".

ونشير أيضا الى الدور الهام الذي ما يزال يلعبه مرفأ طرابلس على هذا الصعيد، حيث تؤمه بواخر الرو/رو (عبارات) الناقلة للشاحنات التي تنقل المنتجات الصناعية والزراعية اللبنانية الى مرافئ في تركيا و​مصر​ والاردن أو مرفأ ضبا السعودي. وهذه الشاحنات تستفيد من الدعم الذي خصصته ​الحكومة اللبنانية​ عبر مؤسسة "​إيدال​" للتصدير البحري والذي بلغ حوالي 30 مليون دولار حتى تاريخه.

تراجع حجم التصدير بحرا

وعن أهمية هذا المعبر قال زخور أن لبنان كان يصدر برا وقبل إقفال معبر نصيب حوالي 550 ألف طن من المنتجات الزراعية والصناعية سنويا، تبلغ قيمتها الاجمالية حوالي 1.300 مليار دولار، فانخفض حجم التصدير بعد اقفال هذا المعبر واستبدال ​النقل البري​ بالبحري بواسطة بواخر الحاويات عبر مرفأ بيروت أو بواخر الرو/رو عبر مرفأ طرابلس الى حوالي 375 ألف طن سنويا، تبلغ قيمتها الاجمالية 700 مليون دولار، علما أن كلفة ​النقل البحري​ تساوي أضعاف عدة كلفة النقل البري، كما أن مدة الرحلة البحرية بين لبنان ودول الخليج العربي تتراوح ما بين 12 و 15 يوما، في حين أن النقل البري لا يتجاوز الـ 5 أيام.

الكلفة

وتابع: "مما تقدم، تتبين أهمية إعادة فتح معبر نصيب أمام المنتجات الصناعية والزراعية اللبنانية، فكلفة النقل البري أدنى والرحلة أسرع وبالتالي تحافظ تلك المنتجات الزراعية على جودتها وتتفادى تعرضها للتلف. كما أن إعادة فتح هذا المعبر تتيح للشاحنات العادية والمبردة استعادة نشاطها بين لبنان والاردن والخليج العربي، ويخلق فرص عمل جديدة"، بالاضافة الى إلغاء الدعم المخصص لتلك الشاحنات.

وحول إمكانية أن تستعيد حركة التصدير برا الحجم الذي كانت عليه قبل إقفال معبر نصيب، أشار زخور الى أن هذا الموضوع مرتبط بتطور العلاقات بين لبنان وسوريا. لذلك على الحكومة العتيدة المنتظر تشكيلها أن تضع مصلحة لبنان العليا فوق كل اعتبار وتأخذ القرار الصائب بهذا الخصوص. فالصناعيون والمزارعون اللبنانيون تنفسوا الصعداء عندما طرقت مسامعهم إمكانية إعادة فتح معبر نصيب، لأنه الوحيد الذي يؤمن نقل الصادرات اللبنانية برا الى الاردن ودول الخليج العربي بالكلفة الادنى والوقت الاسرع.

الدولة دعمت ولكن؟

من المعلوم ،ان الدولة دعمت التصدير البحري بـ21 مليار ليرة من 2015 الى اوائل 2017، و 21 مليار ليرة اخرى منذ اوائل 2017 ولا تزال مستمرة حتى اليوم مع العلم ان أموال الدعم لم تنته بعدوفق ما يذكره ​رئيس مجلس ادارة​ ​ايدال​ ​نبيل عيتاني​. الا ان هذا التدبير لم يحل مشكلة النقل والتصدير بسبب ارتفاع الكلفة .

وفي هذه المرحلة اصبح معبر نصيب معبر الفرج المنتظر، غير ان ذلك بدوره سينتظر

إبرام اتفاق مع ​النظام السوري​ والحكومة لتمكين المُصدِّرين من الوصول إلى أسواق الشرق الأوسط عبر معبر نصيب البري. ولإتمام هذه الخطوة المطلوب حكومة رسمية تتمتع بصلاحيات التفاوض وليس حكومة تصريف اعمال كما هو حال اليوم.