رجل من الطراز الفريد، فهو مثال للتاجر الناجح والناشط الاجتماعي الدؤوب. رجل التحديات الكبرى والمسؤوليات الضخمة والمهام الصعبة. رجل الطموح العالي والإرادة الصلبة والاحترافية الواسعة؛ هو ببساطة رجل محلّ ثقة.

نال التقدير والإعجاب في مختلف أنحاء العالم بحنكته ​التجار​ية ومساهماته الاجتماعية.

فثمة أشخاص ولدوا بلقب "رجل أعمال"، وعملوا مع الأيام على تنمية هذه الصفة "الفطرية" وصقلها. وسليم موسان ثابر على نحت تجربته المهنية بالإرادة والمثابرة، منذ نعومة أظافره، ونجح في المرور من إنجاز الى آخر على مدى أكثر من 37 عاما . ولعل نجاحه الواسع محليا وإقليميا وعالميا، يكمن في ترشحه مؤخرا لمنصب الرئيس الدولي لجمعية أندية "الليونز".

فلنتعرف أكثر الى موسان في هذه المقابلة الحصرية لـ"الاقتصاد":

كيف تصف انطلاقة مسيرتك المهنية؟ هل كانت البدايات صعبة؟

والدي كان تاجرا بالجملة في مجال الخرضوات غير الحديدية، أي المنتجات الاستهلاكية اليومية، وقد أسس شركة "جبرا موسان وأولاده". أما مسيرتي العملية، فبدأت في مرحلة عمرية مبكرة، اذ كنت حينها لم أبلغ بعد التاسعة عشر من العمر. وفي شهر كانون الثاني من العام 1980، سافرت الى ​ايطاليا​ و​المانيا​ و​اليونان​، بامكانيات خجولة الى حد ما، من أجل ​استيراد​ المنتجات وبيعها في ​لبنان​؛ وحصلت على وكالات عدة، منها جديدة ومنها موجودة بالأساس لكنها تفتقد الى وكيل.

وبعد ثلاثة أشهر، أي في نيسان 1980، سافرت الى ​الصين​ التي كانت حينها مغلقة اقتصاديا - كما أن الأسواق اللبنانية لم تكن متخمة بالبضائع الصينية، بل كانت المنتجات المستوردة منها محدودة.

وكنت أسافر الى الصين مرتين سنويا من أجل المشاركة في "معرض كانتون" في نيسان وتشرين الأول. وخلال أول سنتين من العمل، انفتحت الصين اقتصاديا وتحررت الى حد ما، كما هبطت الأسعار بشكل مفاجئ؛ وهذه المرحلة الانتقالية كانت بمثابة تحول عايشته بنفسي، فقد التمست نهاية حقبة سيطرة الدولة بشكل واضح على الأسعار الموحدة والاقتصاد المركز. وخلال تلك الفترة، كان عدد التجار اللبنانيين الذين يستوردون من الصين خجول.

وبالاضافة الى ذلك، لم تكن الهواتف المحمولة موجودة كما هي الحال اليوم، وكنا نعتمد على نظام الـ"تلكس" لارسال ​الرسائل​ النصية واستقبالها. كما أن ​الرحلات​ الجوية المباشرة الى الصين كانت غائبة، وقد يتطلب الأمر أحيانا الاستعانة بطائرات أخرى، أو بالبواخر، و​القطارات​، والباصات، وسيارات الأجرة.

ما هو الإنجاز العملي الأكبر الذي حققته الى حد اليوم؟

الإنجاز الأكبر يكمن في المرحلة الأولى من مسيرتي المهنية، أي الانطلاقة بعمر الثامنة عشر، ويتمثل في تعاملي مع أشخاص يتمتعون بخبرات طويلة وأعمار متقدمة، وبالتالي واجهت في بعض الأحيان نظرات الشك بإمكانياتي، ومن هنا أعتبر أنني نجحت، بسبب قدرتي على إقناعهم بأفكاري وبجديتي في العمل.

أما بالنسبة الى الإنجاز الثاني، فقد عثرت على نفسي خلال العمل في الصين، وبالتالي أعتبر أنني محظوظ بسبب حصولي على الفرصة لمعايشة تلك الفترة الانتقالية؛ فالشخص الذي يقرر اليوم الانفتاح الى الصين، لن يشعر بكل تلك الأحاسيس التي اختبرتها، لأن الأمور باتت سهلة، وقد تطور الموضوع خاصة مع التقدم التكنولوجي الحاصل.

ما هي الوصية التي أعطيتها لابنك عند استلامه العمل، من أجل ضمان استمرارية هذه الشركة العائلية التي ورثتها عن والدك؟

عندما أهملت العمل قليلا بحكم نشاطي في جمعية "الليونز"، وتوجهي نحو المناصب العليا، كان ابني غبريال يهتم بالشركة العائلية، اذ اختار بنفسه التوجه نحو هذا العمل، وتحمل المسؤوليات كافة، والحفاظ على اسم جده، خاصة أنني حصلت في العام 1994، على منصب حاكم "الليونز" في لبنان و​الاردن​، وكنت حينها أبلغ من العمر 33 سنة.

وكانت غيرة غبريال، ولهفته وشغفه تجاه الشركة كبيرة للغاية، وبالتالي كانت المراحل التطبيقية التي عايشها مع جده ومعي، بمثابة الرسالة أو الوصية التي حصل عليها.

هل نجحت في تحقيق التوازن بين حياتك الخاصة وعملك؟

في الحياة، علينا التنسيق بين العمل والعائلة والصحة وأوقات الفراغ، وفي بعض الأحيان، فشلت في تحقيق هذا التوازن وشعرت بالتقصير، وهذا الأمر يزعجني، لكنني أشكر الله على ما وصلت اليه اليوم.

كرجل أعمال، ما هي الصفات التي أسهمت في تقدمك ونجاح المهني؟

أولا، بطبيعتي أحب السفر كثيرا، وعندما يقوم الانسان بما يحبه سيبرع فيه حتما؛ اذ كنت أقوم بما أحبه، وأحب ما أقوم به، وبالتالي أشعر بلذة في العمل. فقد زرت 95 بلدا الى حد اليوم، كما سافرت الصين حوالي 50 مرة.

ثانيا، الشغف وحب العمل منذ عمر صغير.

ثالثا، القدرة على المفاوضة وحب التواصل مع الناس، فالمفاوضات تعد عاملا أساسيا في مجال التجارة والاستيراد.

رابعا، المصداقية العالية في التعامل مع جميع الأشخاص.

أخبرنا أكثر عن الحملة الانتخابية التي تخوضها اليوم من أجل الفوز بمنصب الرئيس الدولي لجمعية أندية "الليونز"؟

تضم جمعية "الليونز" حوالي 1.5 مليون عضو في أكثر من 200 بلدا، ونحن أكبر جمعية من نوعها، من حيث العدد والانتشار وحتى النشاط الاجتماعي. وتبدأ السنة "الليونزية" في تموز وتنتهي في حزيران، ولهذا السبب فإن المؤتمر السنوي الدولي ينعقد بالعادة بين نهاية حزيران وبداية تموز.

وسينعقد المؤتمر القادم في مدينة ميلانو الايطالية من 5 الى 9 تموز، وبإمكاني القول أن ترشيحي اليوم قائم ورسمي، وعلى هذا الأساس أنا موجود في معركة انتخابية، حيث إمكانية الفوز مرتفعة للغاية، بسبب علاقاتي الدولية وقدرتي على فهم الشعوب؛ فأنا أحب القراءة كثيرا حول الثقافات والتاريخ والحضارات، كما أستطيع التأقلم بسرعة مع الظروف المحيطة بي، ومع طرق التفكير المختلفة.

بالاضافة الى ذلك، فإن الجغرافيا تساعدني، بسبب الدعم الكبير الذي أناله من أوروبا؛ وخلال هذه السنة، سيكون الحضور الأوروبي أكبر من العادة، ما يشكل ضغطا ايجابيا كبيرا لمصلحتي.

كما أن فوزي بهذا المنصب يعدّ مهما للغاية بالنسبة الى لبنان أيضا، لأنه يعني المزيد من السفرات والرحلات، وخاصة الرسمية منها، من أجل لقاء رؤساء الدول والوزراء. وسيتم وضع النشيد الوطني اللبناني في جميع المؤتمرات، حتى في غيابي. وفي الوقت ذاته، سأتمكن من الحصول على الكثير من ​المساعدات​ الانسانية للبنان بحكم علاقاتي وموقعي.

ولا بد من الاشارة الى أن غالبية الناس ينظرون الى لبنان على أنه بلد صغير، ويعتبرون أن الدول الكبرى هي الوحيدة القادرة على الوصول، وهذا ما يتبين لنا، الى حد اليوم، مع فوز المرشحين من ​الهند​ و​الولايات المتحدة​ وغيرها من البلدان الكبيرة.

ولهذا السبب، أتمنى أن أنجح في تغيير هذه النظرة، وأتمكن من كسر هذه القاعدة من خلال فوزي. والوضع اليوم إيجابي للغاية والتفاؤل هو سيد الموقف.

ما هي نصيحة سليم موسان الى جيل الشباب اللبناني؟

قد تكون الخيارات، في بعض الأحيان، صعبة للغاية، وقد تفرض الحياة ذاتها علينا، بشكل يلزمنا بوظيفة معينة. ولكن اذا كان الشخص يتمتع بملء الحرية، أنصحه أن يختار ما يحبه؛ ومن هنا سيولّد نجاحه، اذ لن يشعر حينها بضغوط العمل، ولن يمارس مهنته لأنه مضطر أو مجبر على ذلك، بل لأنه يعشق ما يقوم به، ويحبه. وعليه أيضا أن يغتنم الفرص التي يحصل عليه، أينما وجدت.

فعندما يبلغ الانسان عمر الثامنة عشر، قد يكون إما "دلوع" ومهمل، وإما مثابر وطموح، ويقوم بما قمت به، ويكون متفانيا ومخلصا لعمله؛ ومن هنا عليه اختيار مصيره ومستقبله!

ولكن النصيحة الأهم التي أقولها لكل شخص هي : "you will never have a second chance to make a first impression"، أي أنك لن تحصل على فرصة ثانية من أجل تكوين الانطباع الأول.