أطل الصيف في 21 حزيران الماضي، وذلك بعد أسبوع واحد على انتهاء عيد الفطر، وتساءل الجميع حينها، وخاصة أصحاب المحلات التجارية و​الفنادق​ والمطاعم والمقاهي والمسابح، كيف سيكون موسم الاصطياف في ​لبنان​ هذه السنة.

فقطاع ​السياح​ة والخدمات المحلي، يعاني منذ سنوات من تراجع ملحوظ من ناحية الإقبال، على الرغم من طبيعته الجذابة، ومناخه المعتدل، وخدماته المتنوعة؛ أي العوامل التي جعلت منه، في السابق، وجهة رئيسية للسياح الأجانب والخليجيين والعرب، والمغتربين أيضا.

وقد جاءت الحركة مع بداية الموسم، دون التوقعات التي كانت معقودة بعد انتهاء الانتخابات النيابية وتكليف الرئيس ​سعد الحريري​ تشكيل الحكومة، كما أن الواقع السياحي لا يزال مخيبا للآمال، والأرقام المحققة غير مشجعة ولا تزال دون المعدلات، والمؤسسات السياحية بمختلف أنواعها تحارب من أجل الوصول الى أرباح مشابهة للعام الماضي، لأن تخطيها لن يكون ممكنا بعد الآن. مع العلم أن ​السعودية​ كانت قد وعدت في مناسبات عدة، بقدوم ​السياح الخليجيين​ هذا الصيف، وافتتحت وزارة ​السياحة​ بدورها، مكاتب سياحية تسويقية في الخارج، واعدة بقدوم مئات السياح.

لكن رغم التراجع الحاصل، يبقى صيف لبنان "ولعان"، مع المهرجانات الفنية والثقافية والتراثية التي تجتاح غالبية المناطق اللبنانية، والسهرات والنشاطات المختلفة، والمسابح المكتظة بالرواد. وذلك بسبب الاستقرار الأمني السائد رغم الأجواء السياسية المشحونة، كالعادة!

فلبنان لا يموت، والشعب اللبناني يحب الحياة، وهذه ​الطاقة​ الايجابية لا بد أن تنعكس على ​المجتمع الدولي​، لكي ينظر الى لبناننا الجميل بدلا من لبنانهم الملوث!

وللاطلاع أكثر على انطلاقة الموسم السياحي 2018، كان لـ"الاقتصاد" مقابلة خاصة مع نقيب أصحاب المؤسسات البحرية، جان بيروتي:

كيف تقيم حركة السياحة في لبنان بشكل عام وفي ​المنتجعات​ البحرية بشكل خاص؟ هل جاءت على قدر التوقعات؟

لم تصدر الإحصاءات الرسمية بعد حول أعداد السياح القادمين الى لبنان، لكنها قد تكون مشابهة للعام الماضي، أو أكثر بنسبة 4% أو 5%، في ما يتعلق بشهر تموز الجاري.

لكن معدل ​الانفاق​ تراجع بنسبة تترواح بين 15% و20%، وذلك لأن اللبنانيين القادمين من الخارج، وخاصة من ​الدول العربية​، يعيشون في ظل أوضاع استثنائية، وأحوال اقتصادية سيئة، كما أن السياحة الداخلية تعاني بفعل ​الأزمة الاقتصادية​ القائمة.

واليوم، نحاول قدر الإمكان الحفاظ على أرقام السياح القادمين والرقم المالي المحقق خلال العام الماضي 2017، لأننا لن نتمكن حتما من تخطيها.

وهذا الأمر صعب للغاية، اذ لا يمكن الجزم الآن ما اذا كان ​القطاع السياحي​ سينجح في الحفاظ على هذا الرقم، لأن الإحصاءات الكاملة لم تصدر بعد، لكن التراجع، في حال وجد، سيكون محدودا.

ولا بد من الاشارة الى أن القطاع السياحي البحري هو الأكثر تضررا هذا العام، بفعل الإشاعات المنتشرة مؤخرا، التي تتناول بحرنا، والتي ضربت لبنان ولا زالت تحاول ضربه. وأنا متأكد من أنها ليست بريئة، وأن هناك وراءها جهات وأجهزة رسمية.

كما أن ​الوضع الاقتصادي​ الداخلي يؤثر مباشرة على القطاع السياحي البحري، والتراجع هنا يلامس نسبة 30% و40%، ما يعتبر كارثة على هذا القطاع.

هل شهدت الحركة على تراجع ملحوظ بعد صدور هذه الإشاعات؟

الحركة جاءت بالأساس متأخرة لأن الطقس كان ممطرا خلال شهر أيار، وبعد ذلك جاء شهر رمضان، ومن ثم الامتحانات الرسمية، ولكن بعد انتهائها بدأت الإشاعات بالانتشار، وهذا الأمر مقصود 100%.

ففي تاريخ 19 تموز، صدرت، ولو متأخرة، دراسات عن مركز علوم البحار المختص بهذا الموضوع، تدحض كل الإشاعات، لكن ​مواقع التواصل الاجتماعي​ استمرت بالانجرار وراء موجة الإشاعات، كما أن الـ"CNN" بثت تقريرا كانت قد صورته منذ شهرين. وكل هذه الأمور مقصودة من أجل ضرب الاقتصاد الوطني.

وأتمنى لو يصبح اللبنانيون أكثر وعيا حول ما يحصل لنا، لأننا سندفع ثمن هذه الأزمة طوال فصل الشتاء.

وأنا شخصيا تمنيت على ​رئيس الجمهورية ميشال عون​، وطلبت من الأجهزة الأمنية و​الدولة اللبنانية​، القيام بحملة من التحقيقات حول هذا الموضوع، لأن ما حصل مشبوه ويضرب اقتصادنا الوطني، ولكن الى حد اليوم لم نحصل على أي جواب، وقد يكون السبب الانشغال الأطراف كافة بتشكيل الحكومة.

هل أن التأخر في تشكيل الحكومة يؤثر أيضا على حركة السياحة؟

هذا الأمر لا يؤثر بشكل مباشر على حركة السياحة، لأننا نعلم جميعا طبيعة السياسة في لبنان. لكن ​السائح​ قد يتأثر مباشرة بأزمة ​مطار بيروت​، والزحمة الموجودة فيه، ومستوى الخدمات الذي يتراجع نتيجة لهذه الزحمة.

وكنا قد وجهنا بعض المطالب في السابق، مؤكدين أن الحل لا يكمن في توسيع المطار بل بإنشاء مطار ثان. والخيارات كثيرة لإنشاء هذا المطار ومنها الدامور، وحامات، حيث يوجد مطار جاهز اليوم. وهذا الحل سريع وقابل للتطبيق اليوم، في حين أن إعادة توسيع مطار بيروت قد يتطلب خمس سنوات من العمل، والوضع لا يحتمل كل هذا الوقت الطويل.

من هم رواد المسابح في لبنان خلال هذه السنة؟ هل كانت النسبة الأكبر للسياح أو للبنانيين المقيمين؟

خلال موسم الصيف، معظم الحركة السياحية تكون من اللبنانيين، يا إما من المغتربين أم من اللبنانيين المقيمين. و70بالتالي فإن نسبة 70% من زبائن المسابح هم من المقيمين و30% من القادمين من الخارج، أي السياح والمغتربين معا. ولكن لا نستطيع الحصول على إحصاءات دقيقة 100%، لأنه لا يمكن تفريق اللبناني المغترب عن اللبناني المقيم.

لكن لا بد من الاشارة الى أن الأزمة الحاصلة في مجال القطاع السياحي البحري، تطال 25 ألف موظف وتمس بوجه لبنان السياحي وصورته.

هل أنت متفائل من الأيام المتبقية من موسم الاصطياف؟

متفائل تعدّ كلمة كبيرة، لكنني أتمنى أن يعي اللبنانيون مصالحهم ومستقبلهم، وأن نشهد أيضا على مستقبل سياسي مزدهر. لكن التحسينات بحاجة الى علاج سريع ومنطقي يوصلنا الى حلول فعالة.