تصعيد خطير للغاية شهده مضيق باب المندب في الاونة الاخيرة، بعد هجوم الحوثيين على سفينتين سعوديتين محملتين ب​النفط​ الخام، فتوالت ردود الفعل الدولية والتكهنات حول التبعات السياسية والاقتصادية لاحتمال تعطيل الملاحة في المضيق الذي يعد أحد أبرز مسارات النفط والتجارة في المنطقة والعالم ، خاصة بعد ان اعلن وزير ​النفط السعودي​ خالد ​الفالح​ تعليقاً فورياً ومؤقتاً لجميع صادرات نفط بلاده عبر مضيق باب المندب والذي تبعه اعلان ​دولة الكويت​ انها من الممكن ان تتخذ قرارا مماثلا ، حيث اعتبر رئيس مجلس إدارة شركة ناقلات النفط الكويتية بدر الخشتي ان جميع الاحتمالات واردة ولكن لا بد أن يكون هناك بديل.

ويقع ممر باب المندب احد اهم خطوط النقل في العالم، والذي يربط خليج ​عدن​ ب​البحر الأحمر​، على بعد 30 كيلومترا بين ​اليمن​ و​جيبوتي​ ، ويصل ​البحر الاحمر​ ب​خليج عدن​ وبحر العرب، ويتمتع بأهمية عسكرية وأمنية كبيرة بالاضافة الى اهميته على الصعيد الاقتصادي والتي ازدادت مع افتتاح ​قناة السويس​ عام 1869 حيث بات مضيق باب المندب يربط التجارة بين ​أوروبا​ وبلدان المحيط الهندي وشرق افريقيا، وضاعف النفط من أهميته حيث يمر عبره أكثر من 21 ألف قطعة بحرية سنويا أي حوالي 57 قطعة بحرية يوميا نظرا لما يتميز به من عرض وعمق ملائمين لمرور ناقلات النفط في الاتجاهين، وقدرت وكالة الطاقة الأمريكية، كميات النفط التي تمر عبر المضيق بنحو 4.8 مليون برميل يوميًا.

ويعتبر باب المندب، حلقة وصل اساسية للتجارة العالمية حيث يربط التجارة بين أوروبا وبلدان المحيط الهندي وشرق افريقيا، واكد الاتحاد الاوروبي ان استهداف السفن التي تمر بمضيق باب المندب يشكل تهديدا للتجارة العالمية ويصعّد التوتر في المنطقة، ومن المتوقع ان يشهد التصعيد في هذه النقطة على تدخلات دولية سريعة نظرا للمصالح الكبيرة والواضحة لبعض القوى العسكرية الكبرى في المنطقة مثل ​الولايات المتحدة​ و​السعودية​ و​مصر​ التي قد تكون سببًا رئيسيًا في التعامل الجاد مع تهديدات الحوثيين في مضيق باب المندب في المستقبل القريب.

وتجمع الاراء الدولية على ان السفن التي تحمل ​البترول​ وقادمة من الخليج العربي إلى أوروبا أو شمال ​إفريقيا​، يمكنها تجنب مضيق باب المندب، من خلال الاتجاه جنوبًا في اتجاه أفريقيا، ولكن مسافة الرحلة ستزداد كما مصاريف الشحن وتكلفته ، وتمتلك السعودية خيارا آخر لنقل النفط من خلال خط الأنابيب الذي يربط غرب الخليج العربي في الشرق بمدينة ينبع المطلة على البحر الأحمر.

وبحسب بيانات وكالة "​بلومبرغ​" فإن السعودية ترسل 600 ألف برميل من النفط يوميًا من الخليج العربي الى أوروبا وشمال أفريقيا ، عبر باب المندب بالإضافة إلى 330 ألف برميل يوميًا عن طريق نقطة الشحن الرئيسية في البحر الأحمر في ​ميناء​ ينبوع، فضلًا عن 120 ألف من نفس الميناء إلى ​آسيا​، وبعد ​التعليق​ الفوري لصادراتها النفطية عبر مضيق باب المندب، كيف ستتاثر الرياض من هذا القرار؟ وكيف سينعكس هذا القرار والتصعيد على ​اسعار النفط​ وحركة الملاحة الدولية ؟ وما هي السناريوهات المطروحة في الفترة المقبلة وهل ستتبع دول اخرى قرار السعودية؟هذه التساؤلات وغيرها اجاب عنها ​الخبير الاقتصادي​ الدكتور وجدي مخامرة في مقابلة اجراها معه موقع "الاقتصاد" .

مخامرة :المعروض النفطي الكبير خفف من الارتدادات السلبية لقرار السعودية وقف التصدير عبر باب المندب

ومن ناحيته اعتبر الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة انه من المتوقع وبسب التوترات الامنية الاخيرة التي احدثها الحوثيين في مضيق باب المندب والتي طالت سفن سعودية ان تلجأ المملكة العربية السعودية الى منافذ اخرى لتصريف الانتاج النفطي ، ومن الواضح ان ​الاسواق المالية​ لم تتأثر بشكل كبير من القرار السعودي وبالتالي لم نشهد زيادات كبيرة بالاسعار نظرا الى ان هناك معروض نفطي كبير كما ان المملكة تمكنت من ايجاد بديل لباب المندب ولكن بالطبع ستكون المسافة اكبر .

اما من ناحية التأثير على ​التجارة العالمية​ فاعتبر مخامرة ان مضيق باب المندب يعتبر ممر حيوي واساسي للتجارة العالمية وان اي انقطاع وتوترات تشهدها ​منطقة الخليج​ او اي منطقة اخرى من شانها ان ترتد على الاسعار والتي بالطبع سترتفع نظرا لزيادة الكلفة الناتجة عن زيادة ​اسعار الطاقة​ والنفط على الشركات و​الدول المستوردة​ والتي بدورها ستنعكس على ​المستهلك​ بشكل مباشر وبالتالي ستؤثر على التجارة العالمية .