مريال خياط هي شابة ​لبنان​ية مقيمة في ​باريس​، تربطها علاقة حب وطيدة ببلدها الأم لبنان. ولد مشروعها من رغبتها العارمة في مساعدة وطنها وأهله، وإحداث فرق في عالم الاغتراب، يسهم في تقريب المسافات بين أبناء الوطن، ويعيدهم، ولو للحظات، الى جذورهم وذكرياتهم الجميلة، من خلال منتجات تعودوا عليها وافتقدوها.

فكثيرا ما يشتاق المغتربون لوطنهم الغالي، ويشعرون بالحنين لبعدهم عن ترابه وأرضه، ولهذا السبب عمدت خياط الى نقل جزء من هذا الوطن الى كافة أنحاء العالم.

التقت الاقتصاد مع مؤسسة شركة "Koullouna" وموقعها الالكتروني "www.koullounabox.com"، ماريال خياط لنتعرف عن كثب الى أسرار نجاح مشروعها المهني، والجانب الآخر من شخصيتها كرائدة أعمال. 

ما هي خلفيتك الأكاديمية والمهنية قبل تأسيس "Koullouna"؟

ولدت وتربيت في لبنان، وتخصصت في إدارة الأعمال في "الجامعة الأميركية في بيروت"، "AUB". عملت بعدها في مجال ​الإعلانات​ لمدة سنتين، وخلال تلك الفترة، وبسبب حبي لبلدي، تشاركت في تأليف ​كتاب​ حول المهن القديمة الموجودة في لبنان والتي تختفي شيئا فشيئا مع الوقت. ويضم هذا الكتاب 50 حرفيا يشاركون قصصهم وتجاربهم المهنية.

وخلال عملي على هذا المشروع، عشقت بلدي لبنان أكثر فأكثر، وقررت بعدها استكمال دراستي في مجال الأعمال، بسبب رغبتي المتواصلة في تأسيس عملي الخاص. كما أحببت هذه المغامرة، بدءا من فكرة الكتاب ووصولا الى مرحلة النشر، لأننا تمكنا من خلاله من مساعدة مجتمعنا. ومن هنا قررت أنني أريد أن أصبح رائدة أعمال.

في تلك المرحلة، غادرت لبنان وتابعت دراستي في ​الصين​، و​بوسطن​، ومدينة ليون الفرنسية، حيث تعلمت كل ما له علاقة بإدارة الأعمال. وبعد ذلك، خضعت لفترة تدريبية في ​مرسيليا​، ومنذ خمس سنوات تقريبا، استقريت في العاصمة الفرنسية باريس، حيث عملت في مجال التسويق لدى شركة "L’Oréal"، ودخلت بعدها الى عالم ​الشركات الناشئة​ وريادة الأعمال من خلال عملي مع شركة خاصة بالاستشارات في مجال الابتكار، وبكيفية مساعدة ​الشركات الكبيرة​ على التفكير مثل الشركات الناشئة لكي تتمكن من أجل إقامة الشراكات معها.

كيف جاءت الفكرة صندوق "كلنا"؟

عندما غادرت لبنان اصطحبت معي عددا كبيرا من الأفكار المتعلقة به، وكنت حينها حزينة بسبب بعدي عن بلدي الأم وعدم قدرتي على تنفيذ هذه الأفكار. ومن هنا، قررت استخدام هذا الواقع، من أجل التفكير بمشروع مناسب لهذه الظروف، لكي أتمكن من مساعدة لبنان، والتعاون مع جميع المغتربين لدعمه بطريقة سهلة.

وبالتالي فكرت بالاستعانة بكل الطاقات الاغترابية، والأشخاص الذين غادروا بلدهم لكن حنينهم اليه لا ينتهي، وإيجاد طريقة معينة، نقدم لهم من خلالها قطعة من لبنان، تعيدهم الى ذكرياته، وتتيح لهم، في الوقت ذاته، مساعدته من بعيد.

وبدأت بتجربة صغيرة، حيث قمت بتنفيذ خمسة صناديق في المنزل بطريقة سهلة وبسيطة، وأرسلتها الى خمسة أشخاص، من أجل اختبار المفهوم، ومدى تفاعل الناس معه واهتمامهم به. ولحسن الحظ، نجحت الفكرة ونالت إعجاب الناس. ومن هنا، عمدت الى رفع مستوى الأعمال، وعملت على تنفيذ نموذج عن الصندوق، قريب من الفكرة الموجودة في رأسي.

كما نفذت صندوقا ثانيا، يحتوي على كل ما له علاقة بالقهوة، وحصلت من خلاله على أصداء ايجابية، وتمكنت من التعرف الى بعض الزبائن المستقبليين المحتملين؛ وأرسلت هذه الصناديق "كلّنا" الأولى إلى 20 مغترباً لبنانياً فازوا في مسابقة نظمتها عبر "​فيسبوك​".

ومع الوقت، بدأت الفكرة تلاقي اهتمام وسائل الاعلام، ومن هنا رأيت ضرورة التوسع في العمل والتركيز عليه أكثر، فقررت الاستقالة من وظيفتي من أجل تخصيص كامل وقتي لـ"Koullouna". وقد انضم الي شريكان هما باسكال قماطي وجوزيف صايغ.​​​​​​​

وقمنا معا بحملة تتيح للناس شراء الصناديق مسبقا، ما أتاح لنا الحصول على رأس المال من أجل تنفيذ المرحلة الأولى. واكتشفنا أن المغتربين من 25 بلدا مستعدون للدفع لقاء هذه الخدمة.

أخبرينا باختصار عن مفهوم "كلنا"؟

"كلنا" هي عبارة عن صندوق يمكن الحصول عليه مقابل رسم اشتراك؛ ويحصل المشترك فيه كلّ شهر على صندوق مليء بمنتجات لبنانية متنوعة تصله إلى العنوان الذي يحدده.​​​​​​​

ويتميز هذا الصندوق بطابع المفاجأة، كونه يتناول موضوعا جديدا كل شهر، ما يجعل المتلقي يتساءل ما هي المنتجات التي سيحصل عليها في الشهر التالي.

ما هي البلدان الأكثر اهتماما بصناديق "Koullouna"؟

​​​​​​​

في المرتبة الأولى تأتي ​فرنسا​، لأننا نعيش فيها، وبالتالي فإن علاقاتنا الاجتماعية واسعة. ومن ثم لدينا تباعا ​الولايات المتحدة​، ​لندن​، و​دبي​. بالاضافة الى ​استراليا​، ​مالطا​، و​بلجيكا​، وكل بلد يضم مغتربا لبنانيا.

هل تتكلون على وسائل التواصل الاجتماعي من أجل الوصول الى أكبر عدد ممكن من الأشخاص؟

نحن نتكل على هذه المواقع بشكل كبير، لأننا بطبيعة الحال، نتوجه الى جميع بلدان العالم، وبالتالي لا نستطيع افتتاح متجر معين من أجل مقابلة الناس، بل علينا التواجد في كل مكان، ولهذا السبب نركز على "فيسبوك"، "​انستغرام​"، و​البريد الالكتروني​ أيضا.

أين ترين هذا المشروع بعد خمس سنوات؟

نأمل أن نكون قد توسعنا أكثر وطورنا العمل من ناحية حجم الصناديق والخدمات المقدمة أيضا.

فنحن نسعى بالنهاية الى مساعدة لبنان، بغض النظر عن المكان الذي نتواجد فيه. وبالتالي نتمنى أن نستمر بتقديم هذه المساعدة، وأن يكون تأثيرنا أكبر من ما هو عليه اليوم.

هل تفكرين بالعودة للاستقرار والعمل بشكل دائم في لبنان؟

هذا الأمر ممكن بالطبع، فشركتنا مسجلة في لبنان، وأنا أزور البلاد بشكل دائم بسبب ضروريات العمل.

ما هي الصفات التي أسهمت في نجاحك كرائدة أعمال؟

أولا، يجب أن يتحلى الانسان بالعناد والإصرار، ويؤمن بفكرته ويحبها من كل قلبه، لكي يتمكن من الاستمرار والنجاح. فمجال الأعمال صعب للغاية، خاصة في ما يتعلق بالأمور القانونية، و​المحاسبة​، والخدمات اللوجستية، وغيرها. ومن صفات رائد الأعمال الصبر، وعدم الاستسلام، لأن التوقف عن المثابرة هو حتما الطريق الأسهل.

ثانيا، يجب أن يحظى الانسان بالدعم من محيطه. وبالنسبة لي فإن الأشخاص من حولي، أي عائلتي وشريكيّ، قدموا لي كل التشجيع اللازم وآمنوا بالفكرة التي أقدمها. فرائد الأعمال سوف يحتاج الى أقرب الناس في الأوقات الصعبة، من أجل حثه على الاستمرار.

هل تلقيت الدعم الرسمي من ​الدولة اللبنانية​؟

​​​​​​​

هناك بعض المسؤولين السياسيين الذين تعرفوا الى فكرة "Koullouna" وأحبوها، لكننا لم نحصل الى حد اليوم على الدعم من أي جهة رسمية.

ما هي نصيحة ماريال خياط الى ​المرأة اللبنانية​؟

أولا، أنصح المرأة أن تحاول، لأننا نشكو أحيانا من القيود الاجتماعية التي نضعها لأنفسنا، كما نرى أن طريق المرأة أصعب من الرجل، وأن الأشخاص يستثمرون بالمرأة أقل من الرجل؛ وهذا الأمر قد يكون صحيحا في مكان ما، لكنه لا يعني أن الاستثمار في مشاريع المرأة مستحيل. فاذا فكرنا جميعا بهذه الطريقة، لن نتمكن أبدا من تغيير هذا الواقع، ولذلك علينا التحلي بالايجابية والإصرار.

ثانيا، أنصحها أن تبدأ بخطوات صغيرة ومن ثم تتوسع، فالخطوة الأولى الناجحة، ولو كانت متواضعة، ستنفذ بسهولة، وستعطينا الثقة بمشروعنا، وتنقلنا الى الخطوة الثانية الأكبر.

ثالثا، المرأة اللبنانية تتمتع بحقوق كثيرة، وهي قادرة على تحقيق أكبر الإنجازات، ونيل اهتمام المجتمع اذا آمنت بنفسها وبقدراتها وأفكارها.