عملية إحتيال محكمة، نسجها ثلاثة أشخاص أردنيين، تمكنوا عبرها من إيقاع شخص لبناني في حبائلها، حيث أوهموه بوجود كنز من الذهب تحت منزله، وقدرتهم على الإستعاد بـ"الجنّ" لإستخراج الكنز المدفون تحت منزله في بعلبك، واستولوا منه على مبالغ مالية كبيرة، قبل أن يكتشف أنهم عصابة عصابة متخصصة في السطو على أموال الناس بالمناورات الإحتيالية.

تقدّم المدعي "محمد. ش" بشكوى إتخذ فيها صفة الإدعاء الشخصي، ضدّ المدعى عليهم الأردنيين "أياد برغل وتاج الدين ظاظا ومحمد ظاظا، اتهمهم فيها بالإستيلاء على أمواله بالطرق الإحتيالية، وعرض فيها أنه على أثر امتلاكه منزلاً محاطاً بأرض زراعية في منطقة بعلبك، حضر أياد وتاج الدين الى منزله وعرضوا عليه شراء المنزل بمبلغ 8.000.000 (ثمانية ملايين دولار أميركي)، وأخبروه أن هناك كنزاً تحت المنزل، وأنهما على استعداد لاستخراجه من الأرض.

إمعاناً منها في إقناع صاحب المنزل بصدق نيتهما، أبرزا له بطاقات شخصية تفيد أنهما خبراء آثار وعلماء كيمياء وطبّ روحاني، وأعلماه أن لديهما آلات كاشفة متطورة سيأتون بها الى منطقة بعلبك وأنهما متخصصان بهذه الأعمال، الأمر الذي جعل المدعي يقتنع بفكرتهما، وبعد شهر عادا إليه وأخبراه أنهما أصبحا جاهزين للبدء بعملية التنقيب عن الذهب، ولكنهما بحاجة الى مبلغ 40.000 دولار كي يتمكنا من تأمين آلة لتشغيل الآلات التي بحوزتهما لتحديد مكان الذهب، فقام صاحب االمنزل بتسليمهما المال، وبالفعل عادا بعد أيام ومعهما آلة صغيرة الحجم بالإضافة الى آلات أخرى مع شاشة ظهرت فيها صور تبين وجود كنز من الذهب المطمور في الأرض ووعدا المدعي بسحب الكنز من الأرض بعد أيام قليلة.

قبل الشروع بعملية الحفر عاد المدعى عليهما وطلبا من صاحب المنزل مجدداً 40.000 دولار، وصرحا بأنهما بحاجة الى المبلغ لإستدعاء شخص متخصص لمعاونتهما على إستخراج الذهب، وأخبراه بأنه إذا لم يؤمن المال يكون المبلغ الذي دفعه خسره بدون نتيجة، فما كان من المدعي "محمد. ش" الا أن إقترض المبلغ وأعطاهما اياه، ومن ثم أعلماه أنهما بحاجة الى مواد نادرة وعطورات مخصصة لهذه الأمور، ولا يوجد منها الا في الأردن لدى شخص يدعى "أبو جعفر"، تبين أنه المدعى عليه محمد ظاظا، مبررين طلبهما أن عملية التنقيب عن الذهب تجاوزت الأمور الفنية العلمية، وبعد أن أخبرهما المدعي أنه لم يعد لديه المال، اقترحا عليه ارسال شيك مصرفي من حسابه الخاص لحامله، يكون مؤرخاً بتارخ 2/1/2018، ويسلم هذا الشك للمدعى عليهما محمد ظاظا (أبو جعفر)، صاحب شركة عطورات التي يتعاملان معها، على أن يسدد المدعي المبلغ على دفعات لإستيفاء قيمة الشيك، وقد اتصل محمد ظاظا بالمدعي هاتفي وأكد له كفاءة أياد وتاج الدين في استخراج الذهب، فما كان من المدعي الا أن ارسل شيكا منه، مسحوب على مصرف "سوسيتيه جنرال" واستلمه منه شخص يدعى "خالد" آت من الأردن ليقوم بدوره الأخير بتسليمه للمدعى عليه محمد ظاظا.

وعندما بلغت قيمة الحوالات المرسلة الى 20400 دولار أميركي، حضر المدعى عليهما الأول والثاني الى منزل المدعي وأخبراه أن ما طلباه قد وصل وأن كل شيء بات جاهزاً للمباشرة بالتنقيب عن الكنز، وحدد موعد الصعود الى بعلبك لحفر الأرض واستخراج الذهب، الا أنهما في الموعد اعتذرا عن الصعود الى بعلبك، بحجة أنهما لم يتمكنا من حل الموضوع، وأنه يقتضي لفكّ الكنز سفر المدعي الى مصر للقيام بما يطلبه منه المدعى عليه محمد ظاظا والا سيخسر ما دفعه.

أمام هذا الواقع طلب صاحب المنزل من المدعى عليه ظاظا بتسليمه البضاعة من عطورات كونه سدد ثمنها، وتسليمه أصل الشيك فبدأ يتهرب منه ويخلق الأعذار، ليكتشف المدعي أن الأشخاص الثلاثة يؤلفون عصابة تستولي على أموال الناس، وبناء للشكوى التي تقدم بها، تم توقيف أياد برغل الذي نفى خلال التحقيق الإستنطاقي معه ما نسب اليه، وأفاد أنه لم يستلم أي مبلغ من المدعي، وأفاد أن تاج الدين ظاظا أخبره أن يريد شراء أرض في بعلبك الا أن مالك العقار الذي رفض البيع، وبعد اقناع الأخير بموضع استخراج الذهب قبض من المدعى عليه تاج الدين مبلغاً وقدره 14000 دولار، لشراء مادة من نوع البخور، وأوضح أن "الجنّ" هم من سيستخرجون له الذهب من تحت الأرض عند استعمال البخور، مؤكداً أن دوره اقتصر على أخذ مبلغ 13000 دولار من مجموع ما تم دفعه، اضافة الى أخذ نسبة من الذهب بقيمة 55.000 دولار، وتتبين أن تاج االدين ظاظا ومحمد ظاظا تواريا ععن الأنظار.

قاضي التحقيق في جبل لبنان نديم الناشف الذي وضع يده على الملف، وأجرى التحقيقات الإستنطاقية، اعتبر أن المدعى عليهم أقدموا عبر المناورات الإحتيالية، على الإستيلاء على أموال المدعي، عبر ايهامه بالدخول في مشروع استخراج الذهب من عقاره والتمنع عن تنفيذ ما وعدوا به، وأن فعلهم ينطبق على مضمون المادة 655 من قانون العقوبات التي تنص على السجن ثلاث سنوات، وأحال الملف على القاضي المنفرد الجزائي في عاليه لمحاكمتهم.

خاص ــ الإقتصاد