يقول المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة "​علي بابا​" جاك ما: "لا تياس أبدا، إن كان اليوم صعباَ، فغداَ سيكون أسوأ، ولكن بعد غد سيكون أجمل"، وبالتالي رغم صعوبة البدايات، يستطيع الانسان تحديد مسيرته بشخصيته المثابرة وإرادته الصلبة.

ورائد الأعمال ال​لبنان​ي رالف بيطار بدأ من الصفر، وعايش ظروف صعبة وقاسية، كما شهد على سقطات متتالية، لكنه تمكن من تحقيق طموحاته من خلال "روح المبادرة" التي لا تفارقه يوما.

فلنتعرف أكثر الى مؤسس شركة "Softmind" ومتجر "Bread Butiq"، رالف بيطار، في هذه المقابلة الحصرية مع "الاقتصاد":

من هو رائد الأعمال اللبناني رالف بيطار؟ ومتى كانت الانطلاقة مع "SoftMind"؟

تخصصت في علوم الكمبيوتر في "جامعة ولاية شمال كارولينا"NCSU في ​الولايات المتحدة​، وسافرت بعدها الى لبنان من أجل مساعدة والدي في شركته للتأمين.

وقد توسعت هذه الشركة مع الوقت وباتت تحتضن 120 موظفا، وخلال مدة حوالي تسع سنوات، قمت بتطوير جميع البرمجيات الخاصة بها، كما كنت مسؤولاً عن القرارات الفنية المتعلقة بال​تكنولوجيا​ والتخطيط، وبالتالي استفدت من الخبرات الواسعة التي اكتسبتها في مجال ​التأمين​ والأعمال التجارية. وفي العام 1998، نجحت في تنفيذ حلول عبر ​الإنترنت​، باستخدام شبكة خاصة، لربط فروعنا الأربعة الرئيسية؛ ومن خلال هذه التجربة تمكنت من العمل على مستوى تقني أعلى.

وفي غضون ذلك، وقبل حوالي سنتين من إفلاس شركة والدي، أسست شركتي الخاصة "SoftMind"، لكن الأمر بدأ كوسيلة للتسلية والترفيه.

وقد وصلت الى مرحلة، خسرت فيها كل شيء، وكانت حينها الشركة تعمل ببطء، وقاعدة زبائنها لا تتخطى الـ15 شخصا. لكنني لم أستسلم بل حصلت على مكتب، وبدأت من الصفر، حتى أصبحت الشركة تتوسع أكثر فأكثر، يوما بعد يوم. وخلال ستة أشهر فقط، تمكنت من النهوض مجددا.

أما الهدف من "SoftMind" فهو تطوير الأعمال باستخدام أحدث التقنيات القابلة للتطبيق. وقد ترأست قسم التطوير منذ إنشائه والى حد اليوم، بمساعدة فريق من ​المطورين​ ​الشباب​ الموهوبين. ومنذ حوالي 22 عاما، حافظنا على روح الاكتشاف من أجل التعرف الى أحدث التقنيات، والقيود المفروضة عليها، من أجل تنفيذها بنجاح في مشاريع عملائنا.

وتخلّلت مسيرتي المهنية عقبات عدة، وحصلت في ذلك الوقت على عروض عمل ممتازة في شركات عالمية، مع مداخيل مرتفعة جدا، لكنني رفضتها، كوني لا أجد نفسي كموظف؛ مع العلم أنه كان من المنطقي التوظف حينها دون أي تردد، إنما قررت البقاء في "SoftMind"، والنضال من أجل إنجاحها.

ولا بد من الاشارة الى أنني استخدمت في "SoftMind"، تكنولوجيا متقدمة جدا، لكنني خصصتها لكي تتطابق مع حاجات ​الشركات الصغيرة​، ما أتاح لي أن أخرق السوق. ولا تزال الشركة مستمرة الى حد اليوم، مع أكثر من 1300 مشروعا منفذا.

وماذا عن مشروعك الثاني "Bread Butiq"؟

في عمر 10 سنوات بدأت ببيع المناقيش للترفيه في عطلة الصيف، وحصلت حينها على مدخول كبير، وخلال فترة الدراسة في الولايات المتحدة، اكتشفت أن مذاق ​الخبز​ هناك سيء للغاية، وكان من الصعب جدا عليّ ابتلاع خبزهم الصناعي.

وفي أحد الأيام، عثرت في متجر لبيع الكتب على ​كتاب​ بعنوان " The Festive Book of Bread"، الذي كان يحتوي على وصفات لصنع الخبز. ومن هنا حاولت تطبيق الوصفة الأولى ونجحت، فبدأت بعدها في صنع خبزي الخاص، الذي لاقى رواجا كبيرا مع اصدقائي في الجامعة.

بالعودة إلى لبنان، تشاركت هذه الوصفة مع والدتي، التي تعدّ طباخة ماهرة ، واستخدمت الخميرة الطبيعية التي ربيتها في المنزل، بدلا من خميرة البيرة. وبالتالي انطلقت على مستوى صغير، وتواصلت بعدها مع مجموعات عالمية، واشتريت كتبا وتعمقت فيها، كما بنيت في منزل العائلة، فرنا من القرميد على الحطب من أجل الخبز، كما كانوا يفعلون منذ مئات السنين.

وقبل افتتاح "Bread Butiq"، تابعت دورات في ​إسبانيا​ والسويد و​ايطاليا​، لأنني أردت أن أصبح محترفا قبل الانطلاق بشكل رسمي في هذا العمل التجاري.

وفي العام 2015، افتتحت المتجر في منطقة جل الديب، ومن خلال الأصداء الايجابية من الزبائن، توسعت الأعمال وازدهرت.

ولا بد من الاشارة الى أنني أستخدم أنواعا مختلفة ومختلطة من الدقيق العضوي التي أستوردها من دول أوروبية مباشرتا، وذلك لأنني أسعى الى تشجيع الناس على إعادة اكتشاف المذاق الحقيقي للخبز، وبالتالي لا يمكن إعداد الخبز اللذيذ بمنتجات "متوسطة". فأنا أتميز بالقمح المستخدم، وبطريقة التخمير البطيئة التي تترواح مدتها بين 14 و15 ساعة؛ ما يجعل الخبز أسهل للهضم.

هل شعرت يوما بالتقصير تجاه عائلتك وحياتك الخاصة بسبب انشغالك بالأعمال؟

رائد الأعمال سيقصر حتما تجاه حياته الخاصة، ومن خلال تجربتي الطويلة، اكتشفت أن النقص يبقى موجودا في مكان معين. لكن على الانسان أن يقرر ماذا يريد في الحياة؛ هل يريد وضع أولاده في مدارس وجامعات مهم من تسليحهم بالمعرفة؟ أم يريد اللعب والاستمتاع معهم، وقضاء النسبة الأكبر من الوقت معهم؟ هل يريد أن يكون تحت الصفر من الناحية المادية وغير قادر على التصرف؟

ومن هناك تجدر الاشارة الى أنه لا يوجد ما هو صح أو خطأ، بل هناك خيارات في الحياة يجب القيام بها. فالانسان هو قادر على العطاء خلال مرحلة الشباب أكثر، ولهذا السبب عليه الاستفادة من هذا العمر.

ما هي نصيحة رالف بيطار الى جيل الشباب اللبناني؟

ريادة الأعمال​ هي المحرك والمحفز الأساس بالنسبة لي، فأنا أحب أن أبني من الصفر، نشاطًا تجاريا أو منتجا أو خدمة ناجحة، والعمل على حل التحديات المختلفة التي قد تواجهني على طول الطريق.

ولكن لا بد من الاعتراف بأن مرحلة التأسيس صعبة للغاية، ومن هنا أقول لكل رائد أعمال أن الانسان سيصل الى نقطة سيشعر خلالها بالرغبة في الاستسلام، وسيتمنى التوقف عن العمل على مشروعه، كما سيرى أن المردود المادي شبه غائب، ومن هنا عليه المواظبة والاستمرار، لأن ريادة الأعمال بحاجة الى شخصية مثابرة تتأقلم مع التحديات؛ وثمن النجاح مرتفع جدا.