تواصل ودائع ​​المصارف​​ التجارية اللبنانية تراجعها نسبياً لدى المصارف المراسلة، وذلك بسبب مردودها المنخفض جداً وإلى تفضيل المصارف توظيف سيولتها ب​العملات الاجنبية​ لدى ​​مصرف لبنان​​، علماً ان هذا الاخير غالباً ما يعيد بدوره توظيفها لدى مصارف في الخارج. ويشير ذلك إلى ان هذه التوظيفات ما زالت تتمتع بالنسبة الى المصارف بمستوى ​السيولة​ والمخاطر ذاته تقريباً في وقت تساهم في تدعيم موجودات مصرف لبنان الخارجية من ​العملات الاجنبية​ وفي ترسيخ الاستقرار النقدي

وبلغت حصّة الموجودات الخارجية للمصارف اللبنانية 5.4% من إجمالي الموجودات المصرفيّة في نهاية العام الماضي، وتراجعت نسبة هذه الودائع الى 10.2% من ودائع الزبائن لدى المصارف في العملات الاجنبية في 2017، مقابل 10.5% في نهاية 2016.

في المقابل، تابعت ودائع المصارف التجارية لدى مصرف لبنان ارتفاعها في العام الماضي لتصل قيمتها الى 155893 مليار ليرة في نهاية العام 2017.

وللحديث عن هذا الموضوع وعدد من المواضيع الأخرى كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع وزير المالية الأسبق جورج قرم:

- هل برأيك يتعارض التراجع الملحوظ في موجودات ​المصارف اللبنانية​ بالخارج لصالح توظيفها في "مصرف لبنان" بفوائد أعلى مع تأكيد الجميع على أن ​الوضع المالي​ والنقدي مستقر بعد الأحاديث السلبية الكثيرة التي جرت في الفترة الأخيرة؟

عملية وضع المصارف جزء من ودائعها لدى "مصرف لبنان" يحقق لها عائد أكبر بكثير من ذلك الذي تحققه خارج لبنان، لذلك فإن التراجع في الموجودات ما هو إلا عملية طبيعية لجأت اليها المصارف اللبنانية لتحقيق المزيد من الأرباح.

أما بخصوص الأحاديث عن الوضع المالي فلا أظن أن هناك أمور جوهرية تغيرت، لكن المشكلة هي بالطريقة التي تحصل بها الهندسات المالية وهي بالمناسبة مشكلة مثيرة للقلق. إجراء "مصرف لبنان" لبعض الهندسات المالية لصالح بعض المصارف واضطراره لتعميمها أمر غير سليم.

- في ظل إعلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن أن المركزي لن يضخ رزمة جديدة قبل العام 2019، ما يشير الى ان الوضع سيبقى على حاله في أزمة ​الإسكان​، كيف سيؤثر الأمر على ​أسعار العقارات​؟

في البداية أودّ أن أشير إلى أن المتضرر الأكبر من أزمة الإسكان هم أصحاب الدخل المحدود. أما ​المطورين​ العقاريين فمن المفترض ان يكونوا قد اعتادوا على هذه المرحلة الطبيعية في الدورة الإقتصادية، حيث يكثر عدد الأبنية ونشهد هبوط بالأسعار.

أما الحديث عن أنه لا هبوط بأسعار الشقق فهذه لعبة إعلامية، الأسعار ليست ليّنة بل منخفضة.

- ما هي الملفات التي يجب ان تكون ذات أولوية للحكومة الجديدة؟

الإجابة التقليدية التي سيعطيك إياها أي مسؤول لبناني اليوم هي إجابة تتعلق بمؤتمر "سيدر" والإصلاحات، والشراكة بين القطاعين العام والخاص في المشاريع الجديدة، فهذا هو الإتفاق المرسوم مع الخارج، أي الجهات المانحة.

شخصياً، أعتقد ان هذا البرنامج لا بأس به وخاصةً أن ​القطاع الخاص​ اللبناني يمتلك ما يكفي من المال لتمويل المشاريع بالإضافة الى الإستثمارات الأجنبية التي لا زالت تتدفّق إلى لبنان، ولكن هناك أمور أهم يجب البدء بها كتأمين ​الكهرباء​ و​المياه​ لبيوت المواطنين. كيف للدولة ان تشتكي من قلة المياه ونحن نرى الشركات الخاصة تقوم بتوزيعها لقاء المال للبنانيين، والحال نفسه ينطبق على ملف الكهرباء. هناك أمور غير منطقية في هذا البلد، والجميع يتصرّفون وكأن الوضع طبيعي.

- تحدّث سلامة مؤخراً عن تراجع بالتسليف في العام 2018، ما هي أسباب هذا التراجع؟

طبعاً التباطؤ في النشاط الإقتصادي اللبناني هو سبب تراجع التسليف. كما أن نسبة كبيرة من التسليف كانت للقطاع العقاري، لذلك لا بد من تراجع التسليف مع هبوط أداء ​القطاع العقاري​.

- ما هي توقعاتك لنسب النمو نهاية 2018؟

أعتقد ان نسبة الـ2% التي يجري الحديث عنها نسبة جيدة جداً وخاصّةً في ظل هذا التقدم لقطاع المعلوماتية والبرمجة، فالعنصر اللبناني اليوم يلمع داخل لبنان والخارج، بالإضافة الى عدد من الشركات التي باتت قيمتها ​السوقية​ كبيرة.

وأود الإشارة ايضاً الى قطاع ​السياحة​ الداخلية، حيث شهدنا في الفترة الأخيرة افتتاح العديد من المشاريع كفنادق و​منتجعات​ صغيرة ومتوسطة ولكن بأفكار غريبة وخلّاقة، هذه أمور تؤدي الى انعاش السوق. وعلى العموم اللبناني يعلم ما الذي يجذب اللبناني.