رزمة اقتراحات حلول تتوالى من اجل إعادة إحياء ال​قروض​ السكنية التي هي فعليا المتنفّس للقطاع العقاري ، ومن بينها طرح إعفاء ​المصارف​ من جزء من ال​ضرائب​ مقابل دعمها للقروض ​الإسكان​ية. هذا الاقتراح الذي يحمله نواب كتلة المستقبل اتخذ صفة القانون المعجل المكرر وهو بحاجة الى مقاربة مالية كما يقول وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الاعمال بيار بو عاصي.

كما ثمة تفاصيل يجب البحث فيها من ​زاوية​ قانون ​المحاسبة​ العمومية وقانون النقد والتسليف قبل أن تعتبر هذه الخطوة قابلة للتنفيذ ، سيما وانه من المفترض ادراجها في قانون ال​موازنة​ العامة.

وفي موازاة ذلك، سلك الى ​مجلس النواب​ هذا الاسبوع اقتراح قانون معجل مكرر آخر لحل أزمة الإسكان، أعدته جمعية "دعم ​​الشباب​ اللبناني​"، ويرمي الى تخصيص مبلغ مئة مليار ليرة لبنانية من موازنة الدولة للعام 2018، لدعم الفوائد على ​القروض السكنية​ الممولة من ​​المصارف اللبنانية​​ والمندرجة ضمن ​​المؤسسة العامة للإسكان​​.

ونص اقتراح القانون في مادته الوحيدة على ان يتم ادراج الدعم في السنوات اللاحقة كبند ضمن ​الموازنة​ العامة السنوية للدولة وتحديد قيمته بعد استشارة وزارتي المال والشؤون الاجتماعية والمؤسسة العامة للاسكان.

ووقع مشروع القانون النواب ​قاسم هاشم​، ​آلان عون​، ​طوني فرنجية​ ، ​سامي فتفت​ ، بولا يعقوبيان وتم تسجيله في المجلس النيابي تحت رقم / 240 2018

هذه الاقتراحات التي حتما ً ستليها أخرى تحاول الانقضاض على الازمة التي ستكبر شيئاً فشيئاً وصولا ً الى انفجار اجتماعي خطير بعدما سدت جميع الابواب في وجه الشباب اللبناني اذا لم تعالج اسبابها الحقيقية كما يعبر عنه المراقبون.

الوزير ابو عاصي يؤكد أن "الهدف هو تأمين القروض للناس بقروض ميّسرة ومدعومة للسماح لذوي الدخل المحدود بتملك الشقق ولكي يسمح أيضا للذين ينشئون الابنية الاستمرار في عملهم أيضا وتحريك العملية الاقتصادية." و يقول : إذا كان من سبب أو آخر حول فكرة دعم الضرائب أو إعفاء جزء منها صعب التحقيق فلدينا مقاربة أخرى، وتوافقنا مع وزير المال على ضرورة وجود سياسة إسكانية واضحة للدولة اللبنانية، كما اتفقنا على أن شروط المؤسسة العامة للإسكان هي الأنسب للحصول على قروض مدعومة وسياسة إسكانية مستدامة لا تنهار عند أول خضة أمنية أو سياسية أو اقتصادية أو مالية، وبالتالي ، سنستكمل جولاتنا مع المعنيين لبلورة سياسة إسكانية والتفكير بالتمويل من ​مصرف لبنان​، ومن مصادر تمويل أخرى قد يكون جزء منها من خزينة الدولة".

" لا يمكن ايجاد حل لسنة أو سنتين فقط. التمويل يجب أن يؤمن لـ30 سنة، وهي المدة القصوى لفترة القرض، وغير ذلك نكون قد قمنا بلا شي ."

هناك إصرار على صر ف القروض المصرفية بشروط المؤسسة العامة للإسكان لتأمين سياسة إسكانية واضحة تستهدف الشباب ذوي الدخل المحدود، وللخروج من ​القروض المدعومة​ بقيمة كبيرة، حيث لامس بعضها 800 ألف دولار، مما أدى إلى تدهور القدرة على تمويل القروض.

ولكن هل تكفي خطة اعطاء الحوافز للمصارف واعفائها من بعض الضرائب لإستعادة الحيوية الى القروض الاسكانية؟

غبريل

كبير الاقتصاديين رئيس قسم الابحاث والتحاليل في ​بنك بيبلوس​ ​نسيب غبريل​ يقول "للاقتصاد" ان المصارف اللبنانية لا تطالب بإعفائها من الضرائب وانما بوقف الضرائب العشوائية واهمها الازدواج الضريبيي الذي هو غير دستوري . فما من بلد في العالم يطبق هذا النوع من الضرائب . كما من المفترض وقف الضرائب على ​الودائع​ المصرفية في " المركزي".

ويتابع غبريل : مشروع اعفاء المصارف من بعض الضرائب هو اقتراح تقدمت به كتلة المستقبل النيابية علما ان البعض من اعضائها رأى انه لا يمكن الذهاب به بعيداً كونه يخالف قانون ​الموازنة العامة​ الذي أقرّ. ويعتبر مشروع الكتلة المقدم ان الضريبة المفروضة على المصارف توازي الدعم على القروض.

ويرى ان المصارف متضررة بدورها من إلغاء الدعم على القروض السكنية خصوصاً ان نسبة 80% من القروض السكنية المعطاة هي لذوي الدخل المحدود الذين يتجهون نحو الشقق التي قيمتها الشرائية هي دون ال 350 الف دولار . وهذه الشريحة هي المحرك الفعلي للقطاع المصرفي.

واشار الى انه منذ منتصف 2009 ومصرف لبنان يقوم بضخ الاموال لدعم القروض السكنية بوا سطة المصارف بانتظار وضع سياسة إسكانية علمية من قبل السلطة التنفيذية. وكان من الطبيعي ان تنفد هذه الاموال المرصودة .

ويقول غبريل : سمعنا قبل الانتخابات النيابية الاخيرة كلاما لكل من وزيري المال والشؤون الاجتماعية انه سيتم وضع الف مليار ليرة لدعم القروض السكنية ، ولكن حتى اليوم لم ينفّذ اي شيء.

وشدد على اهمية : اولا ً إعادة العمل بالقروض السكنية المدعومة بدرجة اولى لذوي الحل المحدود على ​الشقق الصغيرة​ وبدرجة ثانية وبشروط محددة للشقق المتوسطة والكبيرة التي تعاني من الجمود خصوصا في بيروت .

ومن المعلوم ان بعض المطورّين المحترفين قد اتجهوا نحو بناء الشقق الصغيرة لتلبية الطلب في السوق.

ثانياً: خفض كلفة التسجيل على الشقق بنسبة 50% من 6الى 3% ، وذلك لفترة زمنية محددة قد تكون سنتين ، مما يشجّع الناس على تسجيل عقاراتهم ومنعهم من التهرّب، وبالتالي سيرفع ذلك من مداخيل الدولة .

ويقول : لقد اصبحت نسبة التضخم في لبنان بنسبة 6% . و القدرة الشرائية للمواطن الى التدهور بسبب عدة عومل منها ارتفاع الضرائب على الودائع من 5الى 7% . وعملياً انها تستهلك نسبة 40% من دخل بعض اللبنانيين الذين يعتاشون من تعويضات ​نهاية الخدمة​ .

كذلك فان رفع الضريبة على القيمة المضافة من 10 الى 11% زاد الكلفة فعليا ًبنسبة 10 % او ما يعادل 100نقطة مئوية على الاسعار .

الى ذلك الارتفاع الجنوني لاسعار الاشتراك في المولدات الخاصة التي تنهش مداخيل الأسر اللبنانية ، الى جانب الفواتير الاخرى للكهرباء و​المياه​ والاتصالات التي تدفع لاكثر من جهة من جيوب المواطنين.

وإذ لم يغفل غبريل اهمية اعادة دعم القروض السكنية وضرورة تخفيض ​كلفة المعيشة​ لفت الى ضرورة إقرار ​قانون الايجار التملكي​ الذي سبق وتقدم به النائب وائل ابو فاعور عندما كان وزيراً للشؤون الاجتماعية مما يساعد في إعادة تنشيط السوق العقاري وتلبية الطلب .

حاكم مصرف لبنان رياض سلامة​ اوضح مؤخرا ً ان "المركزي " وضع رزمة مالية في 2018 ولكن حصل طلب على الاموال اكثر بكثير مما تم رصده ، المبلغ كان 500 مليون دولار فيما ان كان الطلب بقيمة 800 مليون دولار كقروض سكنية. وجرى الاتفاق مع المصارف على تلبية ال800 مليون دولار، على ان تتحمل هي كلفة مبلغ ال300 مليون، وفي الوقت نفسه يعود مصرف لبنان ويدخلها في رزمة 2019، وصدر تعميم في هذا الامر وتمت تلبية كل الطلبات، كما ان الطلب يتوقع ان يترفع أكثر، لذلك تحتاج العملية الى تنظيم ووضع اهداف وسياسة للاسكان، وهذا ليس من صلاحية مصرف لبنان.

في الخلاصة ، حتى تاريخه ما من محرّك فعلي للقروض السكنية وكل التحركات تصب في خانة النوايا الحسنة ولامتصاص النقمة العارمة بعدما صُدم الكثيرون وتبخرت احلامهم بمنازل ربطوا شرائها بموافقات المؤسسة العامة للاسكان التي تبدو اليوم في موقع "العين بصيرة واليد قصيرة ".

واذا كان بعض المشاريع والقوانين مرتبطاً بتشكيل الحكومة الجديدة فإن ثمة خوف ان يرّحل الحل المنشود للقروض السكنية الى العام 2019 بعدما دفعت 2018 اعباء وارتدادات ضرائب عشوائية فرضت لتمويل سلسلة رتب ورواتب لم يستفد منها عمليا ًحتى من تشملهم.