يعاني ​لبنان​ منذ سنوات من مشكلة ​الكهرباء​ وتوليد الطاقة الكهربائية، على الرغم من تواجد موارد متجددة كثيرة يمكن إستخدامها لحل هذه المشكلة، ومازال اللبنانيون يأملون في كل عهد حكومي جديد، إيجاد حلّ ولو جزئي لهذه المشكلة، حتى بات بعضهم في المناطق البعيدة عن العاصمة راضون بـ8 ساعات كهرباء خلال الـ24 ساعة، كما ان أثار هذه المشكلة لم تنعكس سلبا على اللبنانيين فقط، بل اثّرت بشكل كبير على أعداد السياح الذين يزورون لبنان خلال فصل الصيف، مما أدى الى تراجع في ​القطاع السياحي​ الذي يعد من أهم القطاعات التي يعتمد عليها لبنان لإنعاش إقتصاده.

من جهة اخرى، ساهمت مشكلة الكهرباء بإرتفاع التكاليف على القطاعات الإنتاجية، وعلى رأسها قطاعي ​الصناعة​ والزراعة، حيث يضطر أصحاب المصانع مثلا لدفع فاتورتي كهرباء، مما يرفع الكلفة ويخفّض من إمكانية منافسة المنتج اللبناني للمنتجات الاخرى.

"هوا عكّار" مشروع لإنتاج الكهرباء من طاقة ​الرياح​، يعتبر جزءاً أساسياً وكبيراً من الأمل الذي قد يبرّد قلوب اللبنانيين، ويمكن ان يشكّل أساسا ونموذجا لحل نهائي، يجعل من مشكلة الكهرباء، جزءا من الماضي.

وستنفّذ هذا المشروع ثلاث شركات هي "Hawa Akkar SAL"، "Sustainable Akkar"، و"Lebanon Wind Power SAL"، وهذا التجمّع حاصل على رخصة من وزارة الطاقة لانتاج الكهرباء بسعر يصل إلى 10.75 سنتات لمدة 20 سنة.

ولأن مشروع "هوا عكّار" سيولّد طاقة بقوّة تتخطى الـ 67 ميغاوات، وسيساهم بتغذية أكثر من 60 ألف منزل، أجرت "الإقتصاد" مقابلة خاصة مع المدير العام لشركة "Hawa Akkar SAL" ألبير خوري، الذي أكد أن المشروع وصل إلى مراحل متقدّمة جداً، حيث تم التوقيع في العام 2018 على عقد مع ​الدولة اللبنانية​، لبيع الكهرباء إلى ​مؤسسة كهرباء لبنان​، لافتاً إلى ان تجمّع الشركات يجري الأن دراسات معمّقة على موقع تنفيذ المشروع، وسيبدأ العمل الفعلي على الأرض في منتصف العام المقبل للبدء تتركيب المعامل والمراوح الهوائية.

وأشار خوري إلى ان هذا المشروع سيساهم في زيادة التغذية الكهربائية على مستوى لبنان ككل وليس على مستوى عكّار فقط، إلا أن قرى عكّار هي الأكثر إستفادة من المشروع خاصة أنه مربوط بمحطة القبيّات الرئيسية، التي تغذي قرى عكاّر والشمال.

أما فيما يتعلّق بكلفة الميغاوات الواحد لمشروع "هوا عكّار" مقارنة مع الكلفة الحالية للميغاوات، أكد خوري أن الكلفة ستكون أقل بنسبة 60% تقريبا، مما سيخفض فاتورة الكهرباء على المواطن اللبناني، أضف إلى ذلك أن هذا المشروع سيساهم بتنمية المنطقة على المستوى الإقتصادي والإجتماعي، وسيخلق المئات من فرص العمل لأهالي المنطقة، خاصة ان هناك إتفاق بين تجمّع الشركات والبلديات لتكون أولوية ​التوظيف​ هي لأبناء قرى عكّار.

وفي سؤال لـ"الإقتصاد" عن المدّة التي يحتاجها فريق العمل لبناء المعمل والبدء بتوليد الكهرباء وعن الكلفة الإجمالية للمشروع، قال خوري "مدّة البناء ستستغرق حوالي 22 شهراً، وفي أواخر العام 2020 سيتمكن المعمل من البدء بتوليد الكهرباء وبيعها لمؤسسة كهرباء لبنان. وكلفة الميغاوات الواحد ستبلغ حوالي 1600 دولار تقريباً ... أما بالنسبة لمصادر التمويل، فإن تجمّع الشركات حصل على قروض طويلة الأمد من ​البنك الدولي​ و​صندوق النقد​ لتنفيذ هذا المشروع وتحويله إلى حقيقة".

وعمّا إذا كانت المحطة أو المعمل قادر على توليد الكهرباء طيلة أيام السنة، قال خوري "توليد الكهرباء سيصل إلى اعلى مستوى في الفترة التي يكون فيها الهواء قوياً، وبحسب الدراسات التي قمنا بها، فإن الهواء يكون قويا في وقت الغروب وما بعد الغروب، وطيلة أيام السنة تقريبا .. وهذا سيساعد على تلبية الطلب على الكهرباء في ساعات الذروة، خاصة أن إستخدام الكهرباء يرتفع في كافة المناطق في مرحلة ما بعد الغروب".

وردا على سؤالنا حول إمكانية تنفيذ مشاريع مشابهة في مناطق لبنانية أخرى، قال خوري "بحسب دراساتنا هناك مناطق في البقاع والجنوب يمكن الإستفادة منها لبناء مشاريع مشابهة، ولكن منطقة عكار هي المنطقة الأفضل لتوليد الكهرباء من الرياح، لأن سرعة الرياح المطلوبة ثابتة معظم أيام السنة تقريبا".

وختم خوري كلامه بأن "هذا المشروع هو حاجة ملحة خاصة في هذه الفترة الصعبة التي يمر بها لبنان، وسيكون بمثابة روح جديدة لمنطقة محرومة منذ أكثر من 50 عاماً"، لافتاً إلى ان "التاخير الذي حصل في هذا المشروع سببه الدراسات الكثيرة والمعمقة التي قامت بها الشركات، خاصة انها المرة الاولى التي يتم فيها العمل على مشروع مشابه في لبنان".

تجدر الإشارة إلى أن قطاع طاقة الرياح خصوصا والطاقات المتجددة عموما، يزدهر سنة بعد سنة في العالم، نظراً لانخفاض تكاليفها ولكونها صديقة للبيئة، فالكهرباء المولّدة من طاقة الرياح أو ​الطاقة الشمسية​ ثابتة السعر ً لأنها غير مرتبطة بأسعار النفط المرتفعة والمتضائلة كمياته، كما أنها تساهم في خفض الانبعاثات الضارة بالبيئة، لذلك على لبنان البدء بإستخدام ​الطاقة المتجددة​، سعيا منه لحل ازمته الكهربائية المتفاقمة من جهة، واللحاق بالدول المتقدمة التي بدأت بالفعل بإستخدام الموارد المتجددة كمصدر للطاقة من جهة أخرى.