تواجه مختلف القطاعات الإنتاجية في ​لبنان​، ولا سيما القطاع الزراعي، مشاكل عدة، تتلخص أبرزها بكلفة الإنتاج المرتفعة، في ظل غياب الدعم اللازم من الدولة، في حين أن معظم الدول المجاورة تقدم الدعم لمزارعيها، ما يعزز قدرة منتجاتها التنافسية، ويضعف في المقابل قدرة محاصيلنا المحلية.

أضف الى ذلك، التهريب الذي لا يتوقف، وعدم تنظيم إدخال المنتجات الزراعية من الخارج، مقابل عدم تصريف الإنتاج اللبناني وصعوبة التصدير، بسبب ضعف التنظيم، والإهمال الرسمي من الدولة، وغياب خطة وطنية على صعيد كل الوزارات المعنية، واستراتيجيات من شأنها المساهمة في نمو القطاع ووضعه على السكة الصحيحة.

كما أن المزراع اللبناني لم يعد قادرا على العيش بكرامة، بسبب العوائق التي تؤثر على إنتاجه، وبالتالي على مداخيله، اذ يعاني عدد كبير من المزارعين، من نقص المياه المخصصة للري ما يدفعهم إما الى شراء الخزانات – ومن هنا زيادة تكاليف الإنتاج – وإما الى استخدام مياه ملوثة، غير صالحة للري، بطريقة غير قانونية، ما يؤدي الى العبث بصحة المواطنين، من خلال تسويق المنتجات المسممة والمضرة بالصحة.

فلنتعرف أكثر الى أوضاع ​القطاع الزراعي​اليوم، والى الحلول التي ستنقذه من الحالة السيئة التي يعيشها، في هذه المقابلة الخاصة لـ"الاقتصاد" مع رئيس ​جمعية المزارعين​ اللبنانيين أنطوان الحويك​:

  • أين تمكن أهمية السجل الزراعي؟ وهل هو قابل للتطبيق في لبنان؟

من أهم المشاكل التي يعاني منها القطاع الزراعي تكمن في غياب الهيكلية والتنظيم، فكل شخص قادر على القيام بكل ما يريده، وبالطريقة التي يريدها، دون حسيب أو رقيب.

والسجل الزراعي قابل حتما للتنفيذ في لبنان، ففي العام 2002، تقدمنا باقتراح قانون الى مجلس النواببإنشاء سجل زراعيتديره غرف زراعية مستقلة، وكان يسير على السكة الصحيحة، واتفقنا حينها على الأجزاء كافة (تكوينه، كيفية تسجيل أصحاب الأملاك الزراعية، ...)، كما دخلنا في جميع تفاصيله. لكن للأسف، كانت الغرف التجارية ضد هذا المشروع، وخاصة رئيس الهيئات الاقتصادية عدنان القصار، بالاضافة الى المسؤولين السياسيين المرتبطين بالإقطاع المالي وبأصحاب الأموال. وبالتالي توقف المشروع بسبب الضغوط ولم نتمكن من تمريره.

وإسقاط هذا المشروع كان بمثابة انتصار بالنسبة الى البعض، في حين أننا نعيش اليوم على الأرض فوضى عارمة، هي نتيجة عدم القدرة على تنظيم القطاع. اذ ليس من المنطقي أن لا نتمكن من معرفة مصادر السلع الموجودة في الأسواق، الأمر الذي يعيقنا ويمنعنا من فحصها لمعرفة هوية المزارع الذي يخالف، ومن هنا محاسبته أو تعليمه طرق الإنتاج الصحي والسليم.

  • تطبيق السجل الزراعي بحاجة الى مراقبين جديين وغير فاسدين، فكيف يمكن ضمانة عدم تأثره بالمحسوبيات؟

مجلس الإدارة المعني بالسجل الزراعي والغرف الزراعية، سيكون منتخبا من قبل المزارعين، وبالتالي فإن الغرفة ستكون منبثقة من الناس مباشرة، وبالتالي سنشهد على طاقة وديناميكية أصحاب العلاقة.

فعند تطبيق هذا المشروع، سيعمل المزارع لمصلحته الخاصة، لكي ينتج بشكل جيد ويحصل على حقه من إنتاجه. كما أن الغرفة والمؤسسات الخاصة ستقوم بهذا النشاط من أجل مساعدة المزارعين في مختلف المشاكل التي تواجههم، خاصة وأن الدولة لا تقوم بهذه المهمة ولن تقوم بها أيضا في المستقبل، في ظل الفساد المستشري؛ فالمزراع سيبحث، في نهاية المطاف، عن مصلحته لكي يستفيد من تعبه.

  • كشفوزير ​الزراعة​ في حكومة تصريف الأعمال ​غازي زعيتر عن إمكانية فتح ​معبر نصيب​ الحدودي مع ​الأردن أمام انتقال البضائع، الى أي مدى سيسفيد القطاع الزراعي اللبناني من هذا التدبير؟

تراجعت صادرتنا من 530 ألف طن في السنة الى 350 ألف، وبالتالي سوف نسترجع حوالي 200 ألف، وستزيد صادراتنا. ومن هنا فإن فتح المعبر خطوة مهمة للغاية بالنسبة الى القطاع والمزراعين.

  • هل ستؤثر مشكلة ​نهر الليطاني​ والتلوث الحاصل في المحاصيل الزراعية على سمعة منتجاتنا اللبنانية؟

لا تزال العملية مضبوطة داخليا الى حد ما، كما أن العقود الموقعة مع الخارج تمرّ دون توقف، لكن التأثير المستقبلي لهذا الأمر غير معروف الى حد اليوم. وفي المقابل للأسف، لا نشهد على أي تدابير من أجل معالجة التلوث الحاصل في النهر.

ومن هنا أطلقنا مشروع "Lebanese and Safe"، الذي يهدف الىاستهلاك منتجات زراعية مروّية ومغسولة بمياه نظيفة، وخالية من الترسبات الكيمائية، أو ضمن المعدلات المسموح بها عالمياً.بالاضافة الىتأمين منتجات سليمة للبنانيين، بناءً على طلب الناس الذين يتساءلون عن نظافة ما يأكلون.

فنحن تواصلنا مع المزارعين، وكلّفنا شركة لمراقبة نظافة الإنتاج ومتابعته، من أجل التأكد من المواصفات. ومن شروط الإنضمام أن تكون المياه المستخدمة نظيفة وصالحة للري، وأن يلتزم المزارع ببرنامج للرش، يكون مستوفيا لشروط الأمان؛وهذا هو الحلّ الوحيد اليوم.

فبات كل شخص قادر على استهلاك منتجات نظيفة وسليمة، وبأسعار معقولة.

  • هل أن المنتجات الملوثة لا تزال موجودة اليوم في الأسواق اللبنانية؟

نعم بالطبع، وهي تتسبب بمشاكل صحية كثيرة، فغالبية اللبنانيين يعانون من أمراض وفيروسات بسبب المأكولات المستهلكة والملوثة بمياه الصرف الصحي.

  • هل يمكن الحل اذا في المقاطعة؟

في الشتاء نحصل على المنتجات الزراعية من عكار وصور، وعندما يبدأ موسم البقاع، نرى أن إنتاج البقاع الشمالي أي شمال بعلبك، أنظف من الإنتاج الذي يمتد من بعلبك الى القرعون وحوض الليطاني.

وخلال بداية الموسم، طلبت من الناس عدم استهلاك البقدونس لأنه كان ملوثا، كما شددت على ضرورة عدم تناول أي منتج دون معرفة مصدره؛ وهذه هي التدابير التي نستطيع القيام بها اليوم. فمن أصلكل 10 خسات موجودة في السوق، هناك 8 منها ملوثة ومروية بمياه غير صالحة، وبالتالي من الأفضل التوقف عن الاستهلاك من أجل الحماية من التسمم.

وخلال الفترة الجارية، نركز على خلق بديل من خلال مشروع "Lebanese and Safe"، الذي يميز المنتج النظيف عن الملوث، لكي نضع بتصرف اللبنانيين منتجات نظيفة، نعطي خيارا للناس، بسبب عدم قدرتنا على تغيير الدولة وإجبار الحكومة على التدخل.

  • اعتصم عدد كبير من المزارعين على طريق عام الفرزل، بسبب انخفاض أسعار البندورة، وذلك بعد دخول كميّات كبيرة من البندورة المهربّة من داخل سوريا، إلى الأسواق اللبنانية. برأيك،لماذا يتم استيراد منتجات زراعية موجودة بالأساس في لبنان؟

كنا نعمل بحسب رزنامة معينة، تمنع استيراد بعض المنتجات خلال مواسم معينة لكنها توقفت، واليوم للأسف، بات التهريب موجود "على مد عينك والنظر"، بسبب الفساد الموجود في البلد، ومن ناحية ​الجمارك​ والزراعة والتجار،...