افتتح رئيس ​مجلس الوزراء اللبناني​ ​سعد الحريري​ صباح اليوم أعمال الدورة 26 من "منتدى ال​اقتصاد​ العربي"، الذي استقطب مشاركة عربية ودولية واسعة بلغت أكثر من 500 مشارك من 20 دولة عربية واجنبية.

وشارك في المنتدى رئيس مجلس الأمة ​الكويت​ي مرزوق الغانم على رأس وفد كويتي رفيع المستوى، وكذلك وفد سعودي ضم الصندوق السعودي للتنمية وعدداً من ​رجال الاعمال​، كما شارك وفد من ​صندوق النقد الدولي​ برئاسة مدير عام ​منطقة الشرق الاوسط​ و​آسيا​ الوسطى د. جهاد ازعور، والذي أطلق خلال المنتدى، للمرة الاولى هذا العام، تقرير الصندوق حول النمو في المنطقة.

نظم المنتدى مجموعة الاقتصاد والأعمال، بالاشتراك مع ​مصر​ف لبنان، وزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانية، ​جمعية مصارف لبنان​، و​مؤسسة التمويل الدولية​ "IFC"، وبالتعاون مع ​المؤسسة العربية لضمان الاستثمار​ و​ائتمان الصادرات​، المؤسسة العامة لتشجيع ​الاستثمارات​ في لبنان "​ايدال​"، ​الهيئات الاقتصادية​ اللبنانية، وغرفة ​طرابلس​ ولبنان الش​مالي​.

وتحدث في جلسة الافتتاح كل من: الرئيس سعد الحريري، رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، حاكم ​مصرف لبنان​ رياض سلامة، رئيس اتحاد الغرف العربية نائل الكباريتي، د. جهاد أزعور، رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية محمد شقير، رئيس جمعية مصارف لبنان د. جوزف طربية، والرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي.

استهل الرئيس الحريري كلمته مرحباً بالمشاركين في المنتدى "الذي كان لسنوات طويلة محل اهتمام ورعاية الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأصبح بجهود الصديق رؤوف أبو زكي ومجموعة الاقتصاد والأعمال، محطةً سنويةً جامعة، تلتقي فيها النخب الاقتصادية العربية، لمناقشة الهموم والتحديات والطموحات المشتركة".

واضاف: "هناك قول يتردد دائماً إننا في الهم شرق. وأملي لهذا العام أن نردد جميعاً: إننا في النمو شرق.

كلنا نعلم المصاعب التي تمر بها المنطقة، والأزمات التي تواجه العديد من البلدان العربية، في ظل غياب الاستقرار الأمني والسياسي، وتداعيات ​الحروب​ والنزاعات على أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية، والنتائج التي ترتبت على نزوح الملايين من الأشقاء السوريين إلى الدول المجاورة، والتراجع الكبير في النشاط السياحي، والآثار السلبية لكل ذلك على ​معدلات النمو​، والقدرة على استقطاب الاستثمارات. هذه اللوحة السريعة لعناوين التحديات والمصاعب تطرح علينا، دولاً ومجتمعات و​هيئات اقتصادية​، مسؤولية التعاون على إنتاج الأطر المشتركة للتفكير في إعداد الحلول، ورسم السياسيات القادرة على تطوير وحماية وتفعيل ​الاقتصاد العربي​".

وتابع: "إن النجاح في رفع معدلات النمو وجعله مستداماً وتنويع مصادر النمو يتطلب منا بداية تغيير أساليب عملنا كحكومات ومؤسسات عامة، كما يتطلب تطوير تشريعاتنا وإجراءاتنا القانونية والإدارية، لتتلاءم مع حاجات الاقتصاد الحديث وضرورات تحقيق النمو. كل ذلك مع المحافظة على الاستقرار الماكرو اقتصادي، فجميعنا يعلم، أن أي زعزعة للاستقرار المالي والنقدي في بلداننا ستكون له تداعيات اقتصادية واجتماعية كبيرة".

وأكد الحريري: "نحن في لبنان، وضعنا ​خارطة طريق​ واضحة لرفع معدلات النمو وتنويع مصادره وتأمين استدامته. وخارطة الطريق هذه عرضتها الحكومة اللبنانية في مؤتمر CEDRE، وهي تقوم على أربعة محاور أساسية مكملة لبعضها البعض:

أولا - تنفيذ برنامج ​الإنفاق​ الاستثماري بقيمة 17 مليار دولار أميركي، يمتد على 10 سنوات ل​تحديث​ وتطوير ​البنية التحتية​.

ثانيا - المحافظة على الاستقرار المالي من خلال إجراء تصحيح مالي بمعدل 1% سنويا على مدى خمس سنوات.

ثالثا - إجراء الإصلاحات الهيكلية والقطاعية الضرورية لضمان الحوكمة الرشيدة و​مكافحة الفساد​، وتطوير التشريعات التي تحكم عمل ​القطاع الخاص​ وتحديث إجراءات ​القطاع العام​.

رابعا - وضع وتنفيذ استراتيجية لتطوير القطاعات الإنتاجية، سواء التقليدية أو الجديدة منها، ورفع قدرة وإمكانات لبنان التصديرية".

وقال: "نحن مقتنعون بأن القطاع الخاص له دور وازن وأساسي، في تنفيذ خارطة الطريق. بل نحن في لبنان نعوّل على قدرات وإمكانات هذا القطاع، الذي أثبت جدارته في تطوير العديد من القطاعات وتنفيذ وإدارة العديد من المشاريع".

وأشار إلى "أننا قد خطونا خطوةً كبيرةً في اتجاه إشراك القطاع الخاص في إدارة وتنفيذ المشاريع، بعد إقرار قانون تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وأطلقنا منذ حوالي شهرين ثلاثة مشاريع شراكة في قطاعي النقل والاتصالات".

وختم الحريري قائلا: "كثر الحديث مؤخرا عن صعوبة ودقة الأوضاع الاقتصادية في لبنان. صحيح، نحن نواجه تحديات اقتصادية واجتماعية عديدة، بعضها تفاقم عبر السنين، وبعضها استجدّ نتيجة التطورات الأخيرة في المنطقة، وتداعيات النزوح السوري تحديداً".

وأضاف: "هذه التحديات يمكن أن تتفاقم أكثر، اذا لم نحسن التعامل معها. والحل في هذا المجال بأيدينا جميعا كأفرقاء محليين، والحل يبدأ بالتوقف عن هدر الوقت، ووضع تأليف الحكومة موضع التنفيذ، والمضي قدمنا بالإصلاحات المطلوبة مهما كانت صعبة أو موجعة. نحن أمام خيار من إثنين: إما الاستسلام للواقع الحالي وللصعوبات التي تواجه لبنان. وإما النهوض بلبنان، لتأمين الازدهار لكل اللبنانيين. وأنا لن أستسلم، وهذا هو الخيار الذي أعمل عليه شخصيا، وثقتي كبيرة جداً، بأن المجتمع السياسي اللبناني سيتجاوز مرحلة السجالات التي تسمعون عنها، ليدرك أن مصلحة لبنان وحق اللبنانيين بحياة كريمة، يجب أن تتقدم على كل اعتبار".

وخص الحريري بالشكر رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم ضيف شرف المنتدى، قائلا له: "أنا لا أظن أن أحدا تحدث عن محبة الكويت للبنان والعلاقة التي بين الدولتين والشعبين كما تحدثت أنت، وأنا دائما أقول: يا ليت اللبنانيين يحبون لبنان كما يحب ​الكويتيون​ لبنان، وكذلك الحال بالنسبة لكل الخليج، وسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح كان دائما داعما للبنان في كل المراحل التي واجهنا فيها حروبا، وهو كان من أول من وقفوا معنا، وأنا أشكر وجودك هنا، وهو وجود ​غال​ جدا بالنسبة إلينا، وإن شاء الله نكمل المشوار معا".

ومن جهته رئيس ​مجلس الامة الكويتي​ مرزوق ​علي الغانم​، بدأ كلمته بالقول: "ان التحولات الثلاثة التي تستهدفها رؤية الاصلاح الاقتصادي في الكويت تتعلق بالانتقال من اقتصاد ريعي يحكمه القطاع العام إلى اقتصاد تنافسي يحركه القطاع الخاص، ومن قاعدة انتاجية ضيقة تعتمد على ثروة ناضبة إلى التوسع في قاعدة انتاجية عريضة تساهم فيها الأنشطة المالية والتجارية واللوجستية بنسبة عالية من ​الناتج المحلي​ الإجمالي. والتحول الثالث من قوة ​عاملة​ تشكل العمالة الوافدة النسبة الأكبر من هيكلها إلى عمالة وطنية تشكل العمود الفقري لهذا الهيكل".

واضاف الغانم الذي يعد أول رئيس برلمان عربي يحل ضيف شرف على المنتدى: "ان الاصلاح الاقتصادي والمالي ثلاثي الأبعاد هذا يستلهم فكر حضرة صاحب السمو أمير ​دولة الكويت​ الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه الذي هو والدنا قبل أن يكون قائدنا وكبيرنا قبل ان يكون أميرنا والذي يطمح إلى أن يجعل الكويت مركزا تجاريا وماليا اقليميا ودوليا".

وأشار إلى ان "هذا الفكر تمت بلورته إلى رؤية تنموية كاملة واضحة للكويت 2035 يجري العمل على تنفيذها في إطار خطط خمسية متتابعة تبلغ تكاليف تنفيذ هذه المشاريع المدرجة في أولاها فقط قرابة 116 مليار دولار تتوزع على كافة القطاعات الاقتصادية عموما وعلى مشاريع ​الكهرباء​ و​الماء​ وقضايا الصحة والتعليم على وجه الخصوص. كما تشكل برامج الخصخصة والشراكة بين القطاعين العام والخاص و​المشاريع الصغيرة​ والمتوسطة آليات رئيسية لتحقيقها".

وتطرق الغانم في كلمته الى افاق الإصلاح الاقتصادي والمالي في لبنان قائلا: "ارجو ألا أرتكب خطأ كبيرا عندما أزعم أن برنامج ​الانفاق​ الاستثماري على البنية الأساسية في كل مرافقها ومناطقها والذي يتضمن أكثر من 280 مشروعا يمثل إلى حد بعيد تطلعات لبنان الاقتصادية وطموحه التنموي للمرحلة القادمة".

واشاد بالنجاح الكبير الذي حققه "مؤتمر سيدر" لدعم لبنان اقتصاديا والذي أسفر عن وعود وتعهدات مالية يتجاوز مجموعها 11 مليار دولار لإعادة تأهيل البنية الأساسية وتحديث الاقتصاد والإدارة العامة وإعطاء القطاع الخاص في لبنان دفعة قوية جديدة.

وقال: لقد استجاب المجتمع الدولي في "سيدر" لاحتياجات التنمية والسلام في لبنان استجابة غير مسبوقة وفي ظل ظروف اقتصادية ومالية صعبة تسود العالم بأسره. ان هذا يؤكد ما نقوله دائما بأن لبنان ضرورة عربية ودولية وأن استقراره وأمنه ونموه مسؤولية عربية ودولية أيضا.

وتطرق الغانم في كلمته الى افاق الاصلاح المالي والاقتصادي في ​العالم العربي​ قائلا: "ان الإصلاح أشبه بالعمل الجراحي مؤلم موجع ولكن لا غنى عنه. فالتغيير أول شروط الاستمرار والتغيير مستحيل مع تمسك كل فريق بخندقه ومكاسبه والتغيير مستحيل مع بقاء كل مسؤول في منصبه".

واكد ان الاصلاح بحاجة إلى نفس طويل من الحكومات ومن الشعوب على حد سواء: "وهذا النفس لن يكون مجديا إذا كان قصيرا أو قاصرا أو متقطعا بل يجب أن يظل موصولا ومنتظما ومتدفقا طوال فترة العبور والتحول. لكن من المؤسف أن بعض حكوماتنا لا تصارح شعوبها بالحقائق عن أوجاع الاصلاح وآلامه وعن فترة التحول وتداعياتها. كما أن هذه الحكومات لا تبين لشعوبها التكلفة المالية والاقتصادية والاجتماعية لتأجيل الإصلاح أو التردد بشأنه. وهذا ما يفسر سبب النفس الشعبي القصير في الصبر على مقتضيات الاصلاح وآلامه. ومن جهة أخرى، لابد من الإقرار أنه من الصعب على بعض الحكومات العربية أن تطالب شعوبها بتحمل تكاليف الإصلاح طوال سنوات التحوّل الجذري، وهي ترى كيف ينتشر الفساد المالي والإداري الذي يستبيح المال العام ويعيق التغيير، ويشيع أجواء القلق والإحباط و​اليأس​".

أما ​حاكم مصرف لبنان رياض سلامة​ فاستهل كلمته قائلاً: "تعيش الأسواق الناشئة خضات متتالية أدّت إلى تراجع قيمة العملات في هذه الدول مقارنة بالدولار و​اليورو​ إضافة إلى تراجع قيمة إصداراتها من السندات وارتفاع المردود عليها. وحافظ لبنان على استقرار عملته تجاه ​الدولار الأميركي​، والليرة مستقرة وثابتة، مدعومة بموجودات مرتفعة بالعملات الاجنبية لدى مصرف لبنان و​القطاع المصرفي​. كما عادت وتحسّنت أسعار اليوروبوند اللبناني ، وتراجع مردودها في الأيام العشرة الأخيرة. كذلك انخفضت بشكل ملحوظ كلفة التأمين على المخاطر اللبنانية ( CDS)من 7% إلى اقل من 6%".

واضاف: "يشير المؤشر الاقتصادي لمصرف لبنان إلى أنّ نسبة النمو للعام 2018 سوف تكون 2%، مع الأخذ بعين الاعتبار التراجع في ​القطاع العقاري​ والوضع المستقر في قطاع الاستهلاك. وتجدر الاشارة الى انه ابتدأ التراجع في القطاع العقاري منذ العام 2011، وهو لا يرتبط بالتطورات الأخيرة التي طالت القروض السكنية. والملفت أن تراجع السيولة في المنطقة ادى الى تراجع في الوضع العقاري في مجمل دول المنطقة وليس في لبنان فحسب".

وتابع سلامة: "يتوقّع مصرف لبنان نموا سنويا في ​الودائع​ يفوق الـ5%، تبعا لأرقام الأشهر الخمسة الأولى من العام 2018، ويكون النمو المتوقع للودائع بالليرة اللبنانية نسبته 8 % وبالدولار الأميركي ونسبته 4 %، علما أن الدولرة بالودائع وصلت إلى 68% في نهاية العام 2017 ولا تزال على هذا المستوى. وتظهر الارقام الاحصائية لمصرف لبنان تراجعا في التسليف خلال عام 2018 بـ 1.6% مقارنة بالعام 2017. وتبقى القروض المشكوك بتحصيلها بنسبة 3.4% من المحفظة الائتمانية وقد تصل بأسوأ الحالات الى 4%، ونسب ​التضخم​ بين الـ4% والـ5% للعام 2018."

وأشار إلى أن "ان ارتفاع نسبة التضخم، إضافة إلى المخاطر السياسية وارتفاع الفائدة عالميا، ادت الى ارتفاع الفوائد في السوق المحلي .لكن حافظت مؤسسات التصنيف العالمية على نظرة مستقبلية مستقرة ازاء لبنان، مستندة على متانة ​الوضع النقدي​ وشددت على ضرورة الاستمرار بتحفيز استقطاب الودائع".

وختم سلامة قائلا: "يلتقي مصرف لبنان مع آراء صندوق النقد الدولي ومؤسسات التقييم على ضرورة تخفيض العجز مقارنة بالناتج المحلي. نضيف على ذلك، أهمية تكبير حجم القطاع الخاص في الناتج المحلي والحدّ من تنامي حجم القطاع العام. وتنتظر الأسواق تشكيل الحكومة، وتتوقع أن تكون من أولوياتها الإصلاح وتنفيذ مشاريع مؤتمر سيدر فور انطلاقتها. ويعتمد مصرف لبنان سياسة محافظة منذ تشرين الثاني 2017، ولن يغيّر هذه السياسة طالما لن تتحقق إصلاحات تخفّض العجز. سياسة مصرف لبنان هذه هي لمصلحة لبنان واستقراره و للحفاظ على القدرة الشرائية لدى اللبنانيين."

أما مدير إدارة ​الشرق الأوسط​ وآسيا الوسطى في "صندوق نقد الدولي" د. جهاد أزعور فركز في كلمته على أهميّةَ النموِّ الاحتوائيّ الذي يؤدي إلى خَلقِ ال​وظائف​ وتعزيز العدالة الإجتماعية. وقال: "إنَّ ضعفُ النشاطَ الاقتصاديَّ في المنطقة، لَهُ اسبابٌ هيكليةٌ داخلية. كذلك هناكَ تحدياتٌ خارجيةٌ تَنعكِسُ سلباً على المنطقة واقتصادِها، ومِنها تقلُّبُ أسعار ​السلع الأولية​. وفوقَ كلّ ذلك، أدّت النزاعاتُ الأمنية إلى زعزعَةِ استقرار المنطقة، وخيّمَت بظلالِها على نموّ اقتصاداتِها."

واشار إلى ان البطالةٍ في العالم العربي هيَ مِن الأعلى في العالم لدى ​الشباب​، إذ يبلغ متوسطُها 25%، وهناك أكثر من 27 مليون شاب سيدخلونَ سوقَ العمل في المنطقة خلال السنواتِ الخمس المقبلة. وبالتالي إن الإصلاحاتِ الداعمةَ للنموِّ الاحتوائي، كفيلةٌ بتحقيق مكاسبَ كبيرةً. فعلي سبيل المثال، إن زيادةَ التوظيفِ بمقدار 0.5 نقطةً مئوية إضافية سنويا، يمكن أن تثمِرَ تَسارُعاً في نموِّ إجمالي ​الناتج المحلي الحقيقي​ إلى 5.5%، وارتفاعاً لِدَخْل الفردِ الحقيقيّ بمقدار %3.8 سنوياً، مما يُمكنُ مضاعفةُ النموِّ في بلدان المنطقة خلال عقدٍ واحدٍ مِنَ الزمن، وزيادةُ الناتج التراكميّ بما يعادلُ تريليون دولار أميركيّ.

ولفت إلى أن الجلسةِ الأولى من منتدى الاقتصاد العربي تم تخصيصها لإطلاق تقرير "صندوق النقد الدولي" حول "تعزيز ​النمو الاقتصادي​ الشامل والإصلاح: الإزدهار للجميع"، والذي يلقي الضوء على كيفية تفعيل هذه البرامج والسياسات على أرض الواقع، ويركز جدولُ أعمال الجلسة على خَمْسِ أولويات: الأولوية الأولى: كيف يمكن تشجيع قطاع خاص حيوي لتحقيق نمو أعلى ووظائف أكثر ،الأولويةُ الثانية في برنامَج تخقيق النموّ الإحتوائيّ هي دعمُ المجموعاتِ المُهَمَّشَة، الأولوية الثالثة في الطريق إلى النموّ الإحتوائيّ، هي كيفيةُ استخدام سياسةِ الماليةِ العامة للاستثمار في ​الموارد البشرية​ والبنية التحتية، الأولوية الرابعة، هي الاندماجُ في الاقتصادِ العالميّ. الأولوية الخامسة في جدوَل أعمالِ النموّ الإحتوائيّ، تتمثلُ في الحوكمةِ ومكافحةِ الفساد".

وبدوره، رأى رئيس اتحاد الغرف العربية العين نائل الكباريتي، إن تواجد الجمع المميّز من البلدان العربية في منتدى الاقتصاد العربي "انما هو دليل على حرص البلدان العربية على مصلحة لبنان واستقراره وازدهاره. فبيروت هي الشريان الحيوي للعرب، والعرب من دون لبنان وكذلك لبنان من دون كل العرب متكاتفين متضامنين، بنيانهم ضعيف ونحن نرفض إلا أن نكون أقوياء في ظل التحديات التي تعصف بالعالم، وفي ظل ما نراه اليوم من حرب سياسية وتجاريّة قاسية قد تطيح بنا إذا لم نتصدّ لها بحزم".

واضاف: "إن ​قطار​ التغيير العالمي يسير بسرعة قياسية، ونحن يجب أن نتعامل مع هذا الواقع بكل حزم وعزم ووعي أكبر كي لا نبقى أسرى الماضي. ولا بد للعالم العربي أن يغير من نهجه الاقتصادي وأن يبني تحالفات اقتصادية عربية - عربية وعربية - إفريقية الذي قد يؤمن تنمية متوازية قد توفر لشعوبنا حياة أفضل ضمن التسارعات والصراعات العالمية. وهذا من شأنه أن يفتح الطريق مجددا نحو رسم معالم الخارطة الاقتصادية العربية الجديدة، وآملين أن يتمركز الحوار لتنمية ودعم دور القطاع الخاص العربي ليكون المحرك الاقتصادي المشغّل الأكبر للأيادي العاملة العربية وآملين أن تفتح الآفاق نحو تحقيق الحلم العربي الذي طال انتظاره أي السوق العربية المشتركة".

وبدوره رئـيـس جمعية مصارف لبنان د. جوزف طربيه، وبعد أن استعرض المتغيرات والتحديات الاقتصادية على المستويين الاقليمي والعالمي، ركز على احدث المعطيات الخاصةبالقطاع المالي والمصرفي في لبنان، من خلال ابراز النقاط التالية: "

• يستمر قطاعنا المصرفي في ادائه الجيد، ملتزماً احدث المعايير والمتطلبات الدولية مما يضعه ضمن الصفوف المصرفية المتقدمة في العالم سواء كان ذلك من ناحية المهارات والخبرات البشرية، ام من ناحية الاستثمار في التكنولوجيا.

• تواصل مصارفنا زيادة متانة مراكزها المالية. لقد وصل اجمالي رساميل ​المصارف​ اللبنانية الى نحو 21 مليار دولار منتصف هذا العام ، بوتيرة نمو تواصلية تقارب 12 في المئة . ووصل الحجم الاجمالي للأصول المدارة الى نحو 233 مليار دولار ، أي ما يماثل نحو 400 في المئة الناتج المحلي . ان حجم تسليفاتنا للقطاع الخاص يقارب 60 مليار دولار ، منها نحو 55 مليار دولار للقطاع الخاص المحلي ، أي ما يوازي ويزيد اجمالي الناتج . الأهم اننا نملك الفوائض المالية القابلة للتوظيف في مشاريع وتمويلات مجدية في لبنان وفي المنطقة ، وبألأخص لدينا الجهوزية والخبرات والبيوت المالية الاستثمارية والاستشارية التي تتطلبها مشاريع الشراكة ومواكبة مرحلة الاسكتشافات ​النفط​ية في ​المياه​ اللبنانية ، وهي المستلزمات ذاتها المناسبة لمرحلة اعادة البناء والاعمار في دول الجوار .

• زادت قاعدة الودائع لدى مصارفنا عن 177 مليار دولار. ورغم كل المعوقات المعروفة داخليا واقليميا ، تحتفظ مصارفنا بقدرات مهنية وشبكات علاقات راسخة تكفل لها جذب المزيد من الودائع والتوظيفات وتحقيق معدلات نمومقبولة جدا تراوح بين 5 و 6 في المئة سنويا . تؤكد أبرز وكالات التصنيف الدولية ان مصارفنا قادرة على الإستمرار في جذب الودائع ، لتُساهم بذلك في سدّ العجز في كلٍّ من الموازنة والميزان الجاري وفي المُحافظة على الإستقرار الإقتصادي والمالي في البلاد.

• ضمن مقومات الاستقرارالمالي والنقدي . نذكر ان اقتصادنا مدولر منذ عقود . أصول المصارف والودائع و​التسليفات​ مدولرة بنسب عالية ، ولدى البنك المركزي ​احتياطات​ تفوق 44 مليار دولار ( دون احتساب القيمة الموازية لاحتياط ​الذهب​ البالغة نحو 12 مليار دولار ). نحن ندرك ان ​ثقل​ ​الدين العام​ البالغ نحو 82 مليار دولار، والذي تجاوز 150 في المئة الناتج المحلي ، يزيد من حجم الضغوط على الاقتصاد و​الموازنة العامة​ . ندعو الى تسريع انتظام العمل الحكومي وبدء تنفيذ التزامات مؤتمر سيدر1 ، الضامنة لانسياب التزامات مالية دولية تزيد عن 11 مليار دولار . لكننا ندعو، في الوقت عينه ، الى خفض التوترات السياسية وتسريع تأليف حكومة تعبر عن طموحات الاجيال الصاعدة وتمسك بقوة الملف الاقتصادي، لأن من يسقط في الإقتصاد يسقط في السياسة".

وتحدث رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية محمد شقير قائلا: "صحيح أن منطقتنا تمر بأزمات وحروب، لكن في المقابل علينا كقطاع خاص أن نعمل لخلق آليات تعاون وإقامة شراكة وطيدة في ما بيننا لدفع عملية التفاعل الاقتصادي بين بلداننا، لأن تحقيق النمو المستدام يتطلب أرضية أوسع من إقليم كل دولة، وأعتقد أن المنطقة العربية تعطي هذه المساحة الرحبة لتحقيق مصلحة الجميع.وبالنسبة لنا كقطاع خاص لبناني، فإن هذا الموضوع يأتي في مقدمة اهتماماتنا، حيث كنا على الدوام السباقين في إعطاء الأولوية للتعاون مع القطاع الخاص العربي من خلال دعوته للاستثمار وللمشاركة في المشاريع الكبرى التي تنفذ في بلدنا."

واضاف: "إن لبنان اليوم منشغل بتأليف الحكومة العتيدة برئاسة الرئيس سعد الحريري، ونحن مرتاحون لأن هذا الموضع في أيدٍ أمينة، وكلنا ثقة أنه بالتعاون الحاصل بين الرئيس الحريري ورئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ورئيس مجلس النواب نبيه بري، فإن الأمور ستصل قريباً إلى خواتيمها السعيدة"، مؤكدا ان: "لبنان اليوم محصن أكثر من أي وقت مضى بوحدته الوطنية، وباستقرارٍ سياسيٍ وأمنيٍ ممتاز، وقد حققت الحكومة الحالية في وقت قياسي الكثير من الانجازات التي تضع البلد على طريق التعافي والنهوض".

وقال: "من أبرز هذه الانجازات التنقيب عن النفط و​الغاز​، إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والنجاح الباهر لمؤتمر "سيدر" الذي حصد حوالي 11.8 مليار دولار لتطوير البنى التحتية في بلدنا. كما أن هناك توجه لدى ​أركان​ الدولة بالقيام بورشة تشريعية واتخاذ كل الخطوات التي من شأنها تحسين مناخ الاعمال وتحفيز الاستثمار وزيادة تنافسية اقتصادنا الوطني.. بالإضافة إلى أن بلدنا سيلعب دوراً مركزياً في إعادة اعمار سوريا و​العراق​".

وكان الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والاعمال رؤوف أبو زكي، قد تلا كلمة ألقى فيها الضوء على أبرز المحاور التي يناقشها المنتدى، والتي تتلخص بالتالي: "أولاً: اختيار صندوق النقد الدولي لبنان والمنتدى لإطلاق تقريره حول المنطقة. وهذا تأكيد على الأهمية الإقليمية للبنان وللمنتدى كإطار للحوار والتواصل بين القطاع الخاص.

ثانياً: مشاركة معالي رئيس مجلس الأمة الكويتي الأستاذ مرزوق الغانم وهو أول رئيس مجلس تشريعي يشارك في المنتدى مع ما لمشاركته من معان كويتية في الحكمة والاعتدال ومن معان إيجابية للبنان.

ثالثاً: مشاركة الصندوق السعودي للتنمية في المنتدى وتكريمه في إطاره. والصندوق هو رمز للدعم السعودي للبنان ولكل دول المنطقة ولأكثر من 80 بلداً في العالم. ونأمل، وبعد تشكيل الحكومة، أن تكون هناك حركة ​سعودية​ وخليجية ناشطة باتجاه لبنان.

رابعاً: تسليط الضوء على مناخ وفرص الاستثمار في البلدان العربية وعلى مستقبل هذا الاستثمار في ضوء حركة الإصلاحات الجارية في العديد من بلدان المنطقة.

خامساً: لبنان بعد مؤتمر "سيدر" وتسليط الضوء على الخطوات التنفيذية واستعداد القطاع الخاص للشراكة مع القطاع العام. وسيتم ذلك غداً برعاية وحضور دولة الرئيس سعد الحريري.

سادساً: الشراكة العربية-الأفريقية بوجود شخصيات قيادية من الجانبين.

سابعا: حوار الشباب الذي ينظم بالاشتراك مع صندوق النقد الدولي لبحث التحديات التي تواجه الشباب العربي في ايجاد فرص العمل وتأسيس المشاريع الناشئة."

في ختام حفل الافتتاح، كرّم منتدى الاقتصاد العربي نخبة من الشخصيات القيادية والمؤسسات العربية واللبنانية، هي:

رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم

رئيس وزراء مصر الأسبق ابراهيم محلب

الصندوق السعودي للتنمية

البنك العربي​، ممثلاً برئيس مجلس الإدارة صبيح المصري، والمدير العام التنفيذي نعمة صباغ

رئيس شركة "طيران الشرق الأوسط "​محمد الحوت

رئيس شركة "الشرق الأوسط فنتشر بارتنرز" وليد حنا

كما كرمت الهيئات المنظمة راعي المنتدى الرئيس سعد الحريري