شدد حاكم "​مصرف لبنان​" رياض سلامة على ان "الحوكمة تعتبر من المتطلبات الرئيسية التي تساهم في انخراط قطاعنا المصرفي في ​الأسواق العالمية​".

وأضاف سلامة خلال مؤتمر "الحوكمة الرشيدة في ​المصارف​ والمؤسسات المالية العربية" في "ESA"، ان "الإدارة الرشيدة في المؤسسات المصرفية هي ضمانة أساسية لاستمرارها ونجاحها على المدى الطويل فهي تساهم في تمتين إدارة المصارف وتعزيز رقابتها وتؤسس لأداء مصرفي سليم وحديث. بالفعل، ان الإدارة الرشيدة ترسخ الثقة بعمل المصارف وتزيد من إمكانياتها في جذب الاستثمارات لمشاريعها التوسعية فتعزز ​التنافسية​ وتزيد فرص العمل و​معدلات النمو​ والثقة في الاقتصاد الوطني".

وأضاف: "لقد طور مصرف لبنان من خلال سلسلة من التعاميم، الهيكلية الادارية للقطاع المصرفي في لبنان . فقد بادر ومنذ سنوات الى تفعيل أنظمة الرقابة والإدارة الرشيدة لدى المصارف وتركيبة مجالس الإدارة لديها وذلك بشكل عملي وتطبيقي.من هذا المنطلق، عمد مصرف لبنان في أواخر العام 2000 الى تحديد اطر الرقابة الداخلية لدى المصارف نظرا لاهميتها وفاعليتها ودورها في تنبيه المصارف الى المشكلات الخفية او التي قد تطرأ في المستقبل بما يخفف المخاطر ويدعم استقرار الاسواق المالية ويجعلها تعمل بطريقة شفافة وبمنافسة متكافئة".

وأشار إلى أنه "في العام 2006، توجه مصرف لبنان الى المصارف اللبنانية بضرورة ان يتمتع أعضاء مجلس إدارة كل مصرف بالجدارة لإشغال مراكزهم وأن يدركوا بوضوح دورهم في الإدارة الرشيدة وأن يكونوا قادرين على إبداء آراء سديدة في شؤون المصرف. وطلب أيضا من مجلس الإدارة أن يحدد الأهداف الإستراتيجية وأن يعممها في المصرف ويشرف على الإلتزام بها على جميع المستويات".

وأوضح أن "مصرف لبنان لم يكتف بهذا القدر بل ظل مواكبا للتطورات العالمية والمفاهيم الجديدة قي موضوع الحوكمة لحماية المتعاملين مع المصارف ووضع ضوابط للعمل المصرفي وأنظمة الرقابة لديه.لذلك شددنا على ضرورة تطبيق تشريعات مالية مطابقة للمتطلبات الدولية وأن تكون الممارسات المصرفية شفافة ومتلائمة والأنظمة المتعلقة بكفاية رأس المال والادارة الرشيدة والامتثال، وهذا ما حصل في لبنان حيث حرص البنك المركزي على وضع جميع الأسس لحماية القطاع المالي في لبنان وجعله متلائما مع التطلعات المالية العالمية. ومن أبرز هذه الممارسات الاحترازية انشاء لجان لدى المصارف تقيم مخاطر التوظيفات، ولجان تتأكد من الإدارة الرشيدة، اضافة الى انشاء دائرة امتثال لدى المصارف ولدى مصرف لبنان وكل ذلك يهدف الى تعزيز الشفافية ويجعل من المنظومة المصرفية اللبنانية منظومة حديثة وقابلة للتعاطي دوليا مع المصارف الأجنبية دون التعرض لأي ضغوطات."

وتابع: "في مجال تفعيل كفاءة وفعالية مجالس الادارة، طالبنا المصارف اللبنانية بان تعزز مجالس ادارتها بأعضاء غير تنفيذيين وأعضاء مستقلين. وطلبنا من المصارف إنشاء "لجنة تدقيق" من بين أعضاء مجلس ادارتها غير التنفيذيين تشرف على عمليات الرقابة الداخلية وتعيين ومتابعة اعمال مفوضي المراقبة. كما عمد مصرف لبنان الى دعوة رؤساء مجالس ادارة المصارف وجميع الاعضاء لحضور برامج التدريب في الادارة الرشيدة التي يعدها خصيصا لهم وهي تهدف الى ابقائهم في جو آخر التطورات في عالم الحوكمة.وفي مجال الادارة المصرفية الرشيدة، كنا قد طلبنا من المصارف إعداد "دليل الادارة المصرفية" وتضمينه الهيكلية الادارية وحجم ودور مجلس الادارة وتكوينه وغيرها من الامور التي تزيد من الشفافية وسياسة الافصاح في عمل المصرف".

ولفت إلى أنه "في سياق العمل على ترسيخ الحوكمة، طلب مصرف لبنان مؤخرا من مجلس ادارة كل مصرف لبناني اقرار خطة موثقة تسمى "خطة اختيار اعضاء مجلس الادارة". يتم اعداد هذه الخطة بحسب استراتيجية المصرف المستقبلية بحيث يؤخذ بعين الاعتبار هيكلية المجلس وثقافته لجهة توفر الكفاءات والمهارات والخبرات والصفات الشخصية المناسبة للاعضاء. كما طلبنا من المصارف اللبنانية اعداد "خطة تعافي" لاعادة الاستقرار الى اوضاعها المالية والى مواجهة أي صعوبات مستقبلية في اوقات الازمات على ان يتم تحديثها سنويا بموافقة مجلس الادارة. وقد ركز مصرف لبنان أيضا على ضرورة ادراج الثقافة المالية في الادارة الرشيدة للمصارف فعمد الى تحديد الاطر والمؤهلات العلمية والتقنية والاخلاقية الواجب توافرها لدى الاشخاص المولجين بممارسة بعض المهام في القطاعين المصرفي والمالي، ولذلك تعاون مصرف لبنان مع المعهد العالي للاعمال في بيروت والمعهد البريطاني للاوراق المالية والاستثمار لتطوير ثلاث شهادات مصرفية ومالية".

وأردف: "قام مصرف لبنان بانشاء وحدة حماية المستهلك وهي تابعة للجنة الرقابة على المصارف وهي تقوم بمتابعة فعالية الانظمة والتجهيزات والراسمال البشري لدى المصارف بما يكفل التعاطي الشفاف مع الزبائن ويحسن سمعة القطاع المصرفي. والزم المصارف في اطار تقديمها للخدمات والمنتجات المصرفية والمالية، بالعمل على تثقيف العملاء وتوضيح حقوقهم من خلال نشر برامج توعية وتأمين وصول المعلومات الدقيقة والواضحة حول المنتجات ومخاطرها".

وقال: "بالإضافة الى التعاميم التي تتناول أنظمة الإدارة المصرفية الرشيدة والسياسات والإجراءات المكملة لها، أنشأ مصرف لبنان وحدة الإدارة الرشيدة في العام 2009 وهي تهدف الى تعزيز ثقافة الإدارة الرشيدة لدى المصارف والمؤسسات المالية عن طريق تحفيزها على احترام الشفافية وتطوير الرقابة الفعالة لديها، كما تم إنشاء "لجنة الإدارة المصرفية الرشيدة" في العام 2009، وهي لجنة مشتركة بين مصرف لبنان وجمعية المصارف، لمواكبة آخر التدابير والمبادئ الصادرة والتي ستصدر عن المؤسسات الدولية ولا سيّما لجنة بازل لتعزيز الإدارة المصرفية الرشيدة".

وأكد ان "مصرف لبنان سيتابع تأدية دوره الأساسي والفعال والاهتمام بكل ما يساهم في تعزيز الحوكمة والادارة الرشيدة لدى القطاع المصرفي اللبناني، هذا القطاع الذي سيبقى رائدا وقدوة في مجال الصناعة المصرفية، مشدداً "على اهمية الالتزام بالبرامج والتعاميم الصادرة عن مصرف لبنان لان السوق اليوم منفتح عالميا بحيث يجب علينا التميز بالشفافية التامة في تعاملاتنا".

وختم سلامه قائلاً أنه "لا بد من أن نتمنى لهذا الملتقى كل النجاح، حيث أنه دون شك مناسبة هامة للإفادة من خبرات بعضنا وتعزيز سبل التعاون بغية مواجهة التحديات ومواكبة التطورات الناشئة في هذا المجال".

وشارك في الملتقى كل من أمين عام اتحاد المصارف العربيةوسام فتوح، رئيس جمعية المصارف في لبنان، د. جوزيف طربيه، الحاكم السابق لـ"البنك المركزي الفرنسي" كريستيان نواييه ونواب الحاكم اللبناني سعد عنداري ومحمد بعاصيري وعدد من الشخصيات اللبنانية والعربية.