كثير ما نسمع شبابنا يتذمرون من صعوبة تأسيس مشاريعهم الخاصة في ​لبنان​ لأسباب عديدة أبرزها الظروف غير المتسقرة.. وبات من الغريب التعرّف إلى شباب لا زالوا مؤمنين بوطنهم وبأحلامهم المهنية..

شخصيتنا اليوم تتحدث عن شاب لبناني لم يقوى على العيش والعمل خارج وطنه، تعلّم الحياة المهنية ميدانياً... وقرر أن يمنح خبراته المكتسبة ذاتياً إلى غيره من ​الشباب​ وهذه خلاصة مهمته في الحياة.. ولنتعرف أكثر على هذا الشاب اللبناني كان لـ"الإقتصاد" مقابلة خاصة مع ​مؤسس​ "bfit.boutique" وأحد مؤسسي مشروع "Joint Beirut"، ونائب رئيس مشروع "لبنان 2040" علي طعّان، الذي شاركنا أبرز محطات حياته المهنية وقدّم للشباب نصائح من خلال مسيرته الخاصة.

من أين إنطلقت مسيرتك الأكاديمية؟

تخصصت في مجال إدارة التسويق "Marketing Management" من الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت "LAU".

نظرتي للحياة المهنية في لبنان كانت مختلفة عند تخرجي من الجامعة، إذ كنت مستسلماً إلى حدٍ ما نظراً للظروف غير المستقرة في لبنان، وبالتالي قررت أن أتجه إلى ​السعودية​.

وبعد شهرين فقط تقدمت بإستقالتي، لم أتمكن من تقبل هذه التجربة خارج وطني.

عندما عدت إكتشفت أن المكان ليس المشكلة، بل نظرتنا للأمور.

في لبنان صممت أن أؤسس مشروعي الخاص في المجال الذي أحبه وهو الرياضة، وأسست بوتيك للتدريب الخاص "Private Training Boutique" في منطقة الحمرا. هذا المشروع ، "bfit.boutique"، الذي يُعنى بجلسات التدريبات الرياضية الخاصة بات اليوم عمره 4 أعوام، ونسعى اليوم إلى تطويره وإفتتاح فرع جديد له.

ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتها خلال تأسيس "bfit.boutique"؟

لا شك أن المسيرة لم تكن سهلة، رغم أني حصلت على الدعم المادي من والدي، إلا أن المسؤولية كانت كبيرة، للحفاظ على هذا الإستثمار الميداني.

ولكن الأشهر الـ6 الأولى من تأسيس المشروع كانوا الأقسى، خاصة لشاب في الـ21 من عمره، بخبرة متواضعة جداً، لم أحظى حينها بشخص يوجهني إلى الطريق الصحيح، فيمكنني أن أعطي عنواناً لهذه المرحلة "بالسعي للتعلم وحصد الخبرة".

ومن الصعوبات التي واجهتها في البداية كانت بالإدارة وفي إمكانية إستقطاب الزبائن والحفاظ عليهم عبر بذل كل الجهود لنيل رضاهم خاصة في مجال يحظى بمنافسة عالية.

كيف تغيّر مسار حياتك المهني من المجال الرياضي إلى مجال المطاعم والمقاهي؟

قررت أن أُدعّم الخبرة التي إكتسبتها في مشروعي الرياضي، بدورة تدريبية ضمن "The Nawaya Network" وذلك بهدف تطوير عملي من جهة ومساعدة الآخرين الموظفين منهم والزبائن من جهة ثانية. وهناك أُتيحت لي الفرصة بالإنضمام للشبكة كمستشار ضمن برنامج "Youth" الممول من قبل منظمة "اليونيسف"، ويسعى هذا البرنامج إلى تدريب الشباب بين عمر الـ18 والـ24 لتأسيس مشاريعهم الخاصة وتطويرها كما تقدم المنظمة لهم التمويل اللازم ليباشروا بمشاريعهم.

وبدأت بالعمل على مشاريع للاجئين واللبنانيين وخرجنا حوالي 383 مشروع كلهم حصلوا على التمويل وباشروا بمشاريعهم ولكن للأسف 20% منهمفقط تابعوا بمشاريعهم، ولكنهم على الأقل إكتسبوا المعرفة وتمكنوا من تغيير أسلوب تفكيرهم ونظرتهم للحياة المهنية.

خلال عملي على كل هذه المشاريع توسع قُطر مروحة علاقاتي العامة، وتعرّفت على الأستاذ محمد بيضون، وهو شريكي الحالي وصديق لي. تشاركت مع بيضون نفس الرؤية المهنية، وقررنا حينها أن نتعاون على مشروع مشترك وعملنا على مفهوم مشروع "Joint Beirut".

ما هي أبرز الصعوبات التي مررت بها، وكيف إستفدت من هذه الدروس؟

كما ذكرت سابقاً نظرتي للأمور اليوم باتت مختلفة عن يومي المهني اليوم، تعلّمت أنه إذا واجهت صعوبة أو تحدي بأن الأمور لن تنتهي هنا! فعلى الإنسان أن يبعد قليلاً عن المشكلة ليراها من منظور أوسع، وبالتالي سيتمكن الفرد من الإنتباه للعديد من الفرص المتاحة التي قد لا يراها في حالة الغضب والتوتر.

فعلى سبيل المثال، بعد 6 أشهر من تأسيسي لمشروعي الأول "bfit.boutique"، قرر شريكي أن يترك المشروع، وبالنسبة لي حينها هذا الموقف، كان يعني أن المشروع إنتهى هنا! خاصة أنه كان المسؤول عن الإدارة والجلسات التدريبية.

وعندها تعرّفت على مدرّب رياضي، وتابعنابالمشروع، ولكن لو بقيت عالقاً في هذه الحالة النفسية لما كنت تمكنت من ملاحظة وجود فرص بديلة.

ما هي المشاريع المستقبلية التي تعمل عليها؟

نعمل الآن على مشروع "لبنان 2040"، الذي يترأسه الأستاذ محمد بيضون، وأشغل منصب نائب الرئيس فيه، ويهدف إلى تشجيع الشباب على البقاء في لبنان لتأسيس مشاريعهم الخاصة، وثانياً نسعى لخلق فرص فعلية في لبنان، ونحن نسعى لمساعدة هؤلاء الشباب وبتزويدهم بالخبراء ليدعموهم لكي لا يستسلموا.

للأسف التوعية على ​ريادة الأعمال​ ليست موجودة ضمن المناهج الدراسية، وهي أهم ما يجب أن يتعلّمه الشاب ليجمع بين الحياة الأكاديمية والمهنية الواقعية.

-كيف ترتّب العناصر الآتية من حيث الأولولية لتأسيس مشروع ما: الشهادة الجامعية، رأس المال والخبرة؟

برأيي الخبرة تأتي أولاً، ولكن الشهادة الجامعية ضرورية جداً، وبالتالي العنصران يمكلان بعضهما البعض. عند توفر هذين العنصرين سيأتي العنصر الثالث وهو رأس المال بالتأكيد.

إذا وجدت الفكرة الفريدة والروح الريادية لا خوف من الشق المادي.

-من خلال خبرتك الخاصة، ما هي الرسالة التي تود إيصالها للشباب الذين تشاركهم نفس الشريحة العمرية؟

أتمنى على الشباب ألا يستسلموا، وأن يعملوا على تطوير قدراتهم المهنية، وأن يواكبوا آخر المستجدات التي يتطلبها سوق العمل الحديث المبني على التكنولوجيا والنظام الإيكولوجي.

الأمر الوحيد الذي أندم عليه هو أني لم أدخل إلى معترك الحياة المهنية خلال سنواتي الجامعية، فأدعو الشباب بأن لا يقعوا في هذا الخطأ أيضاً!

كماأدعو الشباب بأن يحلقوا مع أحلامهم عالياً وألا يستسلموا لو مهما ضاقت بهم الظروف... ونحن ضمن "لبنان 2040" مستعدون لمساعدة أي شاب لأنني مثلهم ونشعر بهم وهذا لم يكن متوفراً لنا في بداية مسيرتنا.