يعدّ قطاع صناعة التكنولوجيا في لبنان من القطاعات الأكثر نموا على الرغم من غياب البيئة "الأنسب" لتطوره، إلا أن وجود عدد من حاضنات الأعمال المهمة تمكّن من ​تعويض​ غياب هذه البيئة. كما لا يمكن أن ننسى الدعم الكبير الذي يقدمه "​مصرف لبنان​" وحاكمه ​رياض سلامة​ لهذا القطاع، حيث شدد سلامه في أكثر من مناسبة على إيمانه بضرورة مواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية والإستفادة منها.

ما هو واقع هذا القطاع في لبنان؟ ما هي الإجراءات اللازمة لتطوره؟ وما هي خطط حاضنات الأعمال في هذا المجال؟ لمعرفة المزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع المدير التنفيذي للمركز اللبناني البريطاني للتبادل التكنولوجي "Uk Lebanon Tech Hub"، ​نديم زعزع​:

- ما رأيك بقطاع صناعة التكنولوجيا في لبنان؟ وما الذي ينقص هذا القطاع برأيك للتقدّم أكثر؟

منذ العام 2013 وحتى اليوم، أي منذ إصدار "مصرف لبنان" للتعميم رقم 331 الداعم للشركات الناشئة، تطوّر القطاع بشكل كبير وارتفعت حصته من الناتج المحلي من حوالي 450 مليون دولار الى حوالي 700 مليون وعدداً لا يستهان به من الشركات نجح في إثبات نفسه وبدأ في التوسع نحو المنطقة العربية و​الأسواق العالمية​.

بشكل عام، القطاع تطوّر من حيث القدرة على بيع المنتجات في الأسواق الرقمية العالمية وبناء نماذج تجارية ناجحة، كما أن خبرة المديرين والعاملين في هذه الشركات تتطور مع تقدم القطاع بشكل أكبر الى الواجهة.

أما بخصوص التحديات التي يواجهها القطاع، فتتعلق بدايةً بضرورة التناوه بشكل أكبر مع القطاعات الأخرى في لبنان. قطاع صناعات التكنولوجيا قادر على المساهمة في ​القطاع المصرفي​ والصحي والإعلام الرقمي. اليوم نرى أن معظم الشركات في لبنان تولي قطاع التكنولوجيا اهتماماً كبيراً وتسعى لعقد شراكات مع ​الشركات الناشئة​ الصغيرة والمتوسطة الحجم لتطوير منتجاتها، كما أنها تسعى للإستثمار فيها أيضاً.

التحدي الثاني يتعلق بإيجاد البيئة الملائمة لاستقطاب ​استثمارات​ خارجية، وإجراء ​التحويلات المالية​ الالكترونية والعمليات التجارية العالمية دون قيود أو تعقيدات. بالإضافة أيضاً إلى تحدي الأمن السيبراني، حيث يجب ان نكون قادرين على حماية أنفسنا من ​القرصنة​ التي تؤدي الى ​سرقة​ معلومات المستخدمين واموالهم. من هنا، ونظراً للحاجة الى تحسن سريع في البيئة الحاضنة لهذا القطاع، نرى حاجة ملحّة في أن تنشئ الدولة مناطق حرة مع حوافز ضريبية واستثمارية، ما يشكل دفعة لقطاع الأبحاث والتطوير أيضاً وليس فقط للشق التجاري للقطاع التكنولوجي.

جل ما يحتاجه ​القطاع الخاص​ لينمو هو البيئة الحاضنة: قوانين عصرية تحفز الاستثمار وتحمي ​الملكية الفكرية​ وقضاء تجاري مختص وسياسات ضريبية ومالية تحفز الاستثمار في قطاع قادر على ان يصبح العامود الفقري للاقتصاد اللبناني.

- ماذا عن البنى التحتية لهذا القطاع في لبنان؟

شخصياً، أرى ان ​سرعة الانترنت​ شهدت تحسّناً كبيراً في العام المنصرم. لكن لا يمكن القول ان الكلفة ليست مرتفعة وهذا أمر لا علاقة له بالبنى التحتية بل بإدارة ​قطاع الاتصالات​. لا بد للدولة ان تنظر الى هذا القطاع.

- ما هو مستوى التعاون بينكم كـ"UK Lebanon Tech Hub" مع مسرعي الأعمال في السوق اللبناني مثل "Speed"، "​بادر​"، "بيريتك" ... وغيرهم ؟

نحن هنا لتستفيد منا بقية مسرعات الاعمال وليس لنتنافس معها. التعاون موجود لكن القطاع لا يزال ناشئ وفي تطور سريع. لذلك فإن التشاور المستمر وتنسيق الجهود بشكل دائم هو عامل أساس لنجاح القطاع.

مهمتنا الأساسية هي دعم وانماء القطاع من خلال الشراكة الاستراتيجية مع ​المملكة المتحدة​ وما تقدمه أسواقها لشركاتنا. ف​لندن​ هي ​المركز المالي​ العالمي الأول وثاني أكبر سوق للتكنولوجيا في العالم. يمكن لأي شركة تجارية لبنانية أن تبني شراكة مع شركات التكنولوجيا البريطانية من خلال Tech Hub من أجل أن تطور منتجاتها وتحسن أعمالها. كما يمكن للشركة اللبنانية أن تستفيد من خدماتنا لتدخل ​السوق البريطاني​ ومنه الأوروبي والأميركي.

في السنوات الثلاث الأولى ارتأينا ان ننشئ برنامجاً لتسريع الأعمال كالآلية الأنسب لتقديم هذه الخدمات. أما اليوم، ومؤازرة لتطور القطاع، نعمل على اطلاق برامج وخدمات جديدة تستفيد منها كافة القطاعات والشركات وحتى الجامعات للتبادل التكنولوجي والعلمي وليس فقط الشركات الناشئة. كما نعمل على بناء الجسور الى ​الاسواق المالية​ العالمية من بوابة لندن. هذه برامج من شأنها أن تتكامل مع عمل بقية المسرعات والصناديق الاستثمارية وتساعد شركاتها على النمو واستقطاب ​الاستثمارات​. وسنعلن عنها في المستقبل القريب.

- هل يوجد إحصاءات دقيقة عن حجم قطاع التكنولوجيا في لبنان ومدى مساهمته بالناتج المحلي الإجمالي؟

وفقاً للأرقام الأخيرة فإن حجم القطاع وصل الى 450 مليون دولار ونحن نهدف، مع الآخرين طبعاً، لأن يصل الى ما فوق المليار في العام 2020 ومليارين في العام 2025.

وبالنسبة لـ"UK Lebanon Tech Hub"، قيمة الشركات التي قدمنا لها المساعدة ارتفعت من 30 مليون دولار إلى أكثر من 200 مليون، وحجم الإستثمارات في هذه الشركات وصل الى أكثر من 40 مليون دولار في ثلاث سنوات. أما عدد الوظائف التي خلقتها هذه الشركات في لبنان وصلت الى أكثر من 1200 وظيفة.

- ما هي نصيحتك للشباب اللبناني الذي يطمح لدخول هذا المجال؟

التكنولوجيا باتت جانباً من كل الجوانب في حياتنا وهي ستغير خارطة الوظائف في المستقبل. فالعديد من الوظائف التي شغلها البشر سيشغلها الذكاء الاصطناعي والرجال الآليين وسيمحيها التطور الاقتصادي عموماً. عليه أنا أنصح كل شاب وشابة، وليس فقط من يريد العمل في هذا قطاع التكنولوجيا، ان يتعلموا لغة برمجة كلغة إضافية على الأقل.