لم تعد حالات الصرف من العمل المتصاعدة حالة عابرة تكفي معالجتها في وزارة العمل، بل تحولت الى موجات متسارعة ​تهدد​ الامن الاجتماعي وتنذر بثورة خطيرة لا يمكن تلقف تداعياتها، خصوصاً انه في ​لبنان​ ما من ضمانات للعاطلين عن العمل، وما من حماية للمتقاعدين، لا بل كل الوعود في هذا السياق تبقى في دائرة الآمال، وفي سطور الخطابات الرنانة.

ما هي الضمانات التي أعطيت على مدى العهود للعامل في ​قانون العمل​ اللبناني ؟

صحيح ان معركة ​تصحيح الاجور​ ورفع الحد الادنى كانت شرارة المعارك العمالية مع اصحاب العمال والدولة، ولكن ثمة من يقول ان أزمة معامل غندور شكلت الانطلاقة الحقيقية لمعركة تعديل المادة 50 من قانون العمل. ومن المعلوم انه عند كلّ مطالبة بزيادة الاجور، كان أصحاب العمل يواجهون العمال بالتسريح الكيفي الجماعي أحياناً كثيرة، لاسيما أولئك الذين ينتسبون الى نقابات. وكانت الاتحادات العمالية تسعى من خلال تعديل هذه المادة الى ضمان حقوق النقابيين بالدرجة الأولى والى تشجيع زملائهم على الانتساب الى النقابات. الا انه مع الاتحاد العمالي الحالي نبشت القضايا العمالية النائمة وتشكلت الملفات الجاهزة للمتابعة والدراسة حيث تقدم فيها موضوع تعديل قانون العمل سيما ما يتعلق منه بتقليص حالات الطرد بهدف الإستبدال وسط معلومات عن ارقام للبطالة تناهز بنسبة 35%.

ان قانون العمل اللبناني الذي صدر في ايلول 1946 لا يزال ساري المفعول حتى الان مع بعض التعديلات التي ادخلت عليه سابقاً، الا انه جرت محاولات عديدة لتعديل القانون بكامله، وكان اخرها ما صدر عن اللجنة التي شكلت لتعديل القانون الذي شارك فيها الى جانب ممثلي عن وزارة العمل، ممثلون عن الاتحاد العمالي العام، وأصحاب الاعمال وبعض الخبراء وقد انجزت عملها بتاريخ 27-4-2002 الا ان المشروع لم يعرض على المجلس النيابي بنصه الذي توافقت عليه اللجنة.

في 31 آيار 2017، تقدم عضو كتلة القوات اللبنانية النائب السابق ايلي كيروز من رئيس مجلس النواب نبيه بري باقتراح قانون يرمي الى تعديل المادة 50 من قانون العمل اللبناني المتعلقة بإساءة استعمال حق الصرف من الخدمة ومن أجل إعطاء المزيد من الضمانات والحماية الإجتماعية والنقابية للأجراء والنقابيين في لبنان.

وتمنى كيروز من بري إحالته الى اللجان النيابية، عملاً بأحكام المادتين 101 و 102 من النظام الداخلي لمجلس النواب، وصولاً الى مناقشته والتصويت عليه في الهيئة العامة للمجلس.

الا ان الامور السياسية في البلاد لم تسمح بمناقشة اي ملف اجتماعي دقيق يستحق التمحّص والإخراج الجيد بما يضمن حقوق المواطن وعيشه الكريم.

الاسمر

رئيس الاتحاد العمالي العام​ الدكتور بشارة الاسمر يقول "للاقتصاد" ان هذا القانون الذي قدمه النائب السابق كيروز، ورغم ايجابياته التي تصب في مصلحة العامل اللبناني في غالبيتها فالاتحاد يتحفظ على طرح موضوع تعديل قانون العمل بدون ان يؤخذ برأيه، خصوصا وان قانون العمل يتبع ثلاثية التمثيل، بحيث يفترض ان يكون هناك حوار لتعديل اي قانون يتعلق باليد العاملة اللبنانية، والحوار يجب ان يكون بين الدولة كونها ​رب العمل​ الاول والراعي وبين ​اصحاب العمل​ والاتحاد العمالي العام.

ويلفت الاسمر الى انه جرى الاتصال بوزير العمل محمد كبارة الذي راسل ​مجلس الوزراء​ وطلب حرفيا ان يكون هناك حوار حول هذه التعديلات بين اطراف العمل الثلاثة قبل انتاج اي تعديل بما يعني ان الوزير كبارة كان متفهما ً لموقف الاتحاد .وجدد الاسمر شكره لكبارة على تبنيه موقف الاتحاد العمالي، كما شكر كيروز على التعديلات المقدمة.

وذكر الاسمر ان الاتحاد العمالي منكب اليوم على دراسة قانون العمل اللبناني بكل مواده .

وفي ما خص المادة 50 منه فاقتراحه يتضمن:

أ- يحق لكل من صاحب العمل والعامل أن يفسخ في كل حين عقد الاستخدام المعقود بينهما لمدة غير معينة على انه في حال الإساءة أو التجاوز في استعمال هذا الحق، يحق للفريق المتضرر أن يطالب ب​تعويض​ يقدر وفقاً للأسس الآتية:

- إذا كان الفسخ صادراً من قبل صاحب العمل يقدر التعويض على أساس نوع عمل العامل وسنه، ومدة خدمته، ووضعه العائلي والصحي ومقدار الضرر، ومدى الإساءة في استعمال الحق، على ان لا ينقص التعويض الذي يحكم به عما يلي :

عن بدل أجرة شهرين وان لا يزيد عن بدل أجرة اثني عشر شهراً، للأجير الذي قضى في الخدمة مدة ثلاثة أشهر و أكثر حتى ثلاث سنوات.

عن بدل أجرة ثلاثة أشهر وان لا يزيد عن بدل أجرة ثمانية عشر شهراً، للأجير الذي قضى في الخدمة أكثر من ثلاثة حتى ست سنوات.

عن بدل أجرة أربعة أشهر وان لا يزيد عن بدل أجرة اربع وعشرين شهراً، للأجير الذي قضى في الخدمة أكثر من ست سنوات حتى اثني عشر عاما.

عن بدل أجرة خمسة أشهر وان لا يزيد عن بدل أجرة ثلاثين شهراً، للأجير الذي قضى في الخدمة أكثر من اثني عشر عاما .

وذلك بالإضافة لما قد يستحقه العامل من تعويضات قانونية نتيجة لفصله من الخدمة ،

ولا يجوز في جميع الأحول أن ينقص تعويض الصرف التعسفي عن معدل شهر عن كل سنتي خدمة لدى صاحب العمل .

وإذا كان الفسخ صادراً من قبل العامل لغير الأسباب التي يجيزها القانون وتبين أنه سبب ضرراً أو إحراجا لصاحب العمل، يقدر تعويض العطل والضرر بما يعادل أجرة شهر حتى أربعة أشهر حسب مقتضى الحال وذلك بالإضافة إلى تعويض الإنذار المنصوص عنه في الفقرة ج.

ب- على من يتذرع بان الفسخ حصل نتيجة لإساءة استعمال الحق أو لتجاوزه، أن يقيم الدعوى بذلك أمام المجلس التحكيمي خلال مهلة ثلاثة أشهر من تاريخ إبلاغه الفسخ، وله ان يثبت صحة ادعائه بجميع طرق الإثبات.

وعلى المجلس التحكيمي أن يبت بالقضية بمهلة لا تتجاوز الثلاثة أشهر.

ج- يجب على كل من صاحب العمل والعامل أن يعلم الآخر برغبته في فسخ العقد، قبل شهر واحد إذا كان قد مضى على تنفيذ عقد الاستخدام مدة ثلاث سنوات فما دون، وقبل شهرين إذا كان قد مضى أكثر من ثلاث سنوات وأقل من ست سنوات وقبل ثلاثة أشهر إذا كان قد مضى أكثر من ست سنوات وأقل من اثنتي عشرة سنة وقبل أربعة أشهر إذا كان قد مضى اثنتا عشرة سنة فأكثر.

ويجب أن يكون الإنذار خطياً، وان يبلغ إلى صاحب العلاقة، ويحق لهذا الأخير أن يطلب توضيح أسباب الفسخ إذا لم تكن واردة في نص الإنذار.

يتعرض الطرف الذي يخالف أحكام الفقرة السابقة لدفع تعويض إلى الطرف الأخر يعادل بدل أجرة مدة الإنذار المفروضة عليه قانوناً.

خلافاً لأحكام هذه الفقرة، إذا كان العامل معيناً تحت التجربة، يحق له كما يحق لصاحب العمل، أن يفسخ عقد العمل دون أي إنذار أو تعويض خلال الأشهر الثلاثة التي تلي استخدامه.

وخلافاً لأحكام هذه الفقرة أيضا، يحق للعامل ، وبعد مرور فترة التجربة، أن يفسخ عقد العمل دون أي إنذار أو تعويض ، وفي أي وقت اذا ثبت أن صاحب العمل لم يقم بالتصريح عنه للضمان الاجتماعي .

د- يعتبر الصرف من قبيل الإساءة أو التجاوز في استعمال الحق إذا تم في الحالات التالية:

1- لسبب غير مقبول أو لا يرتبط بأهلية العامل أو تصرفه داخل المؤسسة أو بحسن إدارة المؤسسة والعمل فيها.

2- لانتساب العامل أو عدم انتسابه لنقابة مهنية معينة أو لقيامه بنشاط نقابي مشروع في حدود القوانين والأنظمة المرعية الاجراء أو اتفاق عمل جماعي أو خاص.

3- لتقدمه بطلب تأسيس نقابة أو لتقدمه للانتخابات أو لانتخابه عضواً في مكتب نقابة أو لمهمة ممثل للعمال في المؤسسة أو لإحدى المهام النقابية في أحد أجهزة النقابة وذلك طيلة مدة قيامه بهذه المهمة ولمدة سنتين بعد انتهاء مهامه النقابية أو ترشحه لهذه المهام .

4- لتقديمه بحسن نية شكوى إلى الدوائر المختصة تتعلق بتطبيق أحكام هذا القانون والنصوص الصادرة.

5- لممارسته حرياته الشخصية أو العامة ضمن نطاق القوانين المرعية الأجراء.

6- اذا ثبت أن الصرف جرى لاستبداله بأجير أجنبي .

7- اذا ثبت أن صاحب العمل امتنع عن التصريح عن استخدام العامل الى ​الضمان الاجتماعي​ .

ه- خلافاً لأحكام البند الأول من الفقرة- 1- وباستثناء الحالات المنصوص عنها في المادة 74 من قانون العمل، يتوقف صرف أعضاء مجالس النقابات المنتخبين وفقاً للأصول، والأعضاء المنتخبين للقيام بإحدى المهام النقابية في أحد أجهزة النقابة المنصوص عنها في انظمة النقابة أو الاتحادات النقابيةوطيلة مدة ولايتهم وبعد مرور سنتين على انتخابهم ، على مراجعة المجلس التحكيمي المختص .

وعلى صاحب العمل، في هذه الحالة، أن يدلي بجميع الأسباب التي حملته على الصرف ولا يحق له أن يوقف العامل عن العمل حتى صدور قرار المجلس التحكيمي بأساس القضية.

يقوم رئيس المجلس التحكيمي بعقد جلسة خاصة يدعو فيها الطرفين للمصالحة، وذلك خلال خمسة أيام من تاريخ المراجعة.

في حال فشل المصالحة ينظر المجلس التحكيمي بكامل هيئته بأساس القضية، ويبت بها بمهلة لا تتجاوز الشهر.

فإذا وافق على الصرف يقضي بتصفية حقوق العامل وفق القواعد المنصوص عنها في قانون العمل.

وإذا لم يوافق على الصرف يقضي بإلزام صاحب العمل أن يعيد العامل إلى عمله تحت طائلة تضمينه، علاوة على ما يستحقه العامل من تعويضات قانونية، مبلغاً إضافياً يتراوح بين ضعفي وثلاثة أضعاف البدل المنصوص عنه في بالفقرة - 1- من هذه المادة.

و- يجوز لصاحب العمل إنهاء بعض أو كل عقود العمل الجارية في المؤسسة إذا اقتضت قوة قاهرة أو ظروف اقتصادية أو فنية هذا الإنهاء، كتقليص حجم المؤسسة أو استبدال نظام إنتاج بآخر أو التوقف نهائياً عن العمل إلا أنه يتوجب على صاحب العمل أن يبلغ اللجنة التحكيمية الناظرة في خلافات العمل الجماعية رغبته في إنهاء تلك العقود قبل شهرين من تنفيذه، وعليه مراجعة اللجنة التحكيمية الناظرة في خلافات العمل الجماعية و يعرض الأمر على اللجنة التحكيمية بموجب استدعاء خطي على أن يتم إبلاغ نقابة العمال نسخة عنه لإبداء ملاحظاتها خلال اسبوع من تاريخ الابلاغ ، و يدعو رئيس اللجنة التحكيمية طرفي النزاع للحضور امام اللجنة خلال اسبوع من تاريخ تسلمه ملف النزاع ،في حال التوصل الى حل يرضى عنه طرفا النزاع، يدوّن الاتفاق في المحضر ويوقعه رئيس اللجنة التحكيمية مع اصحاب العلاقة، ويكون بمثابة عقد ملزم لهم يخضعون لاحكامه أما في حال عدم الوصول الى اتفاق او في حال الوصول الى اتفاق جزئي حول النزاع المعروض، يدون كل ذلك ايضا في المحضر الذي يوقعه رئيس اللجنة واصحاب العلاقة ويعتبر الاتفاق الجزئي بمثابة عقد يخضع له طرفا النزاع وتسوى القضايا التي تظل موضوع خلاف حسب اصول التحكيم عند الاقتضاء وعلى اللجنة التحكيمية ان تفصل في جميع النقاط موضوع النزاع لوضع برنامج نهائي لذلك الإنهاء تراعى معه أقدمية العمال في المؤسسة واختصاصهم وأعمارهم ووضعهم العائلي والاجتماعي وأخيراً الوسائل اللازمة لإعادة استخدامهم المعنيين بهذا الأمر،ويتوقف صرف هؤلاء العمال ، على قرار اللجنة التحكيمية الناظرة في هذا النزاع التي يتوجب عليها أن تصدر قرارها وفق أحكام المواد 49 ولغاية المادة61 من القانون المنفذ بمرسوم رقم 17386 تاريخ 02/09/1964 (عقود العمل الجماعية والوساطة والتحكيم)و يتمتع العمال المصروفون من الخدمة تطبيقاً للفقرة السابقة ولمدة سنتين تبدأ من تاريخ تركهم العمل بحق أولوية (أفضلية) في العودة إلى العمل في المؤسسة التي صرفوا منها إذا عاد العمل فيها إلى طبيعته وأمكن استخدامهم في الأعمال المستحدثة فيها ولا يجوز أن تقل التعويضات المحكوم بها في حالة الموافقة على صرف عدد من العمال وفي جميع الأحوال علاوة على ما يستحقه العامل من تعويضات قانونية، مبلغاً إضافياً لا يقل عن أربعة أضعاف البدل المنصوص عنه في بالفقرة - 1- من هذه المادة إذا ما كان الأجير لم يبلغ الخمسين من العمر وعن عشرة أضعاف البدل المشار اليه إذا ما بلغ الخمسين فما فوق وذلك بالإضافة لما قد يستحقه العامل من تعويضات قانونية نتيجة لفصله من الخدمة وبدل الإنذار ، أما إذا اعتبرت اللجنة التحكيمية أن الصرف لا تتوفر فيه شروط هذه الفقرة فإن التعويضات المحكوم بها لا يجوز ان تنقص على عشرة أضعاف البدل المشار اليه آنفا .

"العمل هو الثمن الذي تدفعه مقابل المال. العمل يبعدنا عن أكبر ثلاثة شرور في الحياة: الملل والإثم والحاجة ".(هي اقوال اخرها للكاتب فولتير).

من هنا، اصبح تعديل قانون العمل امراً ملحاً من المفترض ان يتم التوافق عليه بين فرقاء الانتاج الثلاثة وقد أعذر من أنذر.