حقق رجب الطيب اردوغان انتصارا في الانتخابات التركية الاخيرة ، استحقاق استثنائي جاء في ظروف اقتصادية صعبة مع دخول البلاد في دوامة العلاقات الخارجية والتي تراوحت بين الصداقة والعداوة ، و تنامي قوى المعارضة التي عولت على ​التراجع الاقتصادي​ وتدهور العلمة المحلية التي شهدتها البلاد في الاونة الاخيرة، وربما ساعدت النجاحات الاقتصادية التي حققها اردوغان في استمراره بسدة رئاسة الحكومة مدة 11 سنة قبل الانتقال إلى كرسي الرئاسة عام 2014، والتي بوّأت البلد رتبة هامة على الصعيد الدولي ورفعت إجمالي الناتج المحلي من 238.4 مليار دولار عام 2002 إلى 863.7 مليار دولار في العام 2016.

ولا تخفي قطر فرحتها بفوز اردوغان بكرسي الرئاسة التركية حيث كان الأمير القطري من أوائل المهنئين بالفوز ، بالاضافة الى اضاءة فندق "شيراتون" في العاصمة الدوحة بألوان العلم التركي، على اعتبار ان نظام الحكم الحالي في ​تركيا​ يعتبر طوق نجاة لقطر والداعم الاكبر في مواجهة الحلف ​الخليجي​ الثلاثي بالاضافة الى ​مصر​ ، علاقات دولية متشابكة ومعقدة جعلت من تركيا لاعبا اساسيا على الساحة السياسة في ضوء دعم ​انقرة​ للتيار ​الاسلام​ي الذي يراه البعض خطراً كبيراً عليها، والتقارب الواضح مع ​ايران​ ولعل هذه التوجهات الايديولجية والسياسية تقف خلف ​الازمة الاقتصادية​ وتدهور سعر صرف العملة التي مرت بها البلاد في الاونة الاخيرة بالاضافة الى تصريحات اردوغان التي تتوجه وتنتقد خصومه بضراوة.

ومع فوز اردوغان بولاية رئاسية جديدة تساؤلات كثيرة تحاك عن الفترة المقبلة لتركيا وكيف ستسير الامور في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد ، هذه التساؤلات وغيرها حملها موقع "الاقتصاد" الى ​الخبير الاقتصادي​ الدكتور مازن ارشيد بالاضافة الى استشراف مستقبل العملة المحلية وعلاقة البلاد مع دول الجوار والعرب.

شهدت تركيا ومع استلام رجب الطيب اردوغان تطورات كبيرة على الصعيد الاقتصادي وتحسن ملحوظ في الموشرات الاقتصادية، برايك كيف تصف فترة ولاية اردوغان على الصعيد الاقتصادي ؟

مع بداية حكم اردوغان في العام 2002 شهدت الاوضاع الاقتصادية في البلاد تحسن ولكن بعد ذلك وفي العام 2010 و2012 تأثرت تركيا بالازمة السورية من الناحية الامنية والاقليمية كما تأثر اقتصادها من جراء التدخل بهذه الازمة شانها شان الدول المجاورة، واتصفت تصريحات اردوغان فيما يتعلق ب​الليرة التركية​ بالعدوانية والتسلط نوعا ما اتجاه ​الاتحاد الاوروبي​ و​الولايات المتحدة​ مما اثرت سلبا على العملة التركية وجعلتها تميل نحو عدم الاستقرار .

ما هي ابرز سمات مرحلة حكم اردوغان؟ والسياسات الاقتصادية المتبعة؟

من ابرز سمات حكم اردوغان هوانتفاحه على العالم وخاصة خلال في المراحل المبكرة من حكمه، لكن بعد ذلك بدأ اعدائه يتزايدون سواء في ​العراق​ و​سوريا​ والجانب الاسرائيلي كما تأثرت علاقة تركيا مع ​روسيا​ والاتحاد الاوروبي ومع ​المانيا​ وربما شكل هذه نقطة في تغير سياسته، حيث اعاد العلاقات مع اسرئيل وروسيا وحسن علاقته نوعا ما مع باقي الدول ،مما يجعل ​الاقتصاد التركي​ تحت ضغط نظرا لا ان المشاكل الخارجية مع الدول يعتبر العامل الاساسي لتراجع الاقتصاد والعملة المحلية.

برأيك ما هي اسباب "حرب العملة" التي استهدفت الليرة التركية قبيل الانتخابات الرئاسية ؟ وهل ستتوقف تلك الحرب مع اعادة انتخاب اردوغان؟

لا يمكن اعتباران هناك مؤامرة او حرب على العملة التركية بل ان تأزم العلاقات الخارجية بالاضافة الى تصريحات اردوغان الاخيرة اثرت على العملة نظرا الى ان القطاع الاقتصادي في اي بلد من البلدان يحتاج الى عامل الامن و​الامان​ والاستقرار وغياب هذه العناصر ستؤثر سلبا على الاقتصاد وعلى العملة المحلية للبلاد وهذا ما شهدناه مع الليرة التركية .

كما ان المديونية في تركيا ترتفع و​التضخم​ يزداد بالاضافة الى ارتفاع تكاليف المعيشة وفي الواقع يعزى لاردوغان انه سدد مدينونية بلاده مع ​صندوق النقد الدولي​ ، لكنه في المقابل سجلت مديونته الخارجية ارتفاعات خاصة في السنوات الاربعة الاخيرة .

ما هي اسباب الضغوطات الاقتصادية التي تواجهها تركيا اليوم والتي وصفها البعض بالارهاب الاقتصادي؟

ان الظروف التي تمر بها تركيا اليوم لا تعتبر ضغوطات خارجية بل وضع داخلي متأزم ويجب الاعتراف بوجود عنصر المعارضة الذي يتزايد يوما بعد يوم، وعلى الرغم من فوز اردوغان الا ان ​اسهم​ المعارضة تسجل ارتفاع بين عام واخر سواء في الانتخابات البلدية او الرئاسية، وبالطبع ان هناك اطراف ترغب بانتهاء حكم اردوغان سواء الاتحاد الاوروبي ​اميركا​ وبعض ​الدول العربية​ ، وما يؤكد فكرة غياب المؤامرة هو اعادة انتخاب اردوغان لولاية جديدة .

برأيك ما هو مستقبل الاقتصاد التركي في ظل نظام الحكم الجديد؟وما هي امكانيات الاقتصاد التركي في الفترة المقبلة؟

لا اتوقع ان يكون هناك تغير نظرا لاستمرار الحكم ذاته مع اعادة انتخاب اردوغان لفترة رئاسية جديدة وثوابته المعروفة ، من خلال تشجيع الاستثمار الاجنبي داخل البلاد وتشجيع ​السياحة​ التي تعتبر عصب الاقتصاد وما يرافقها من دعم ​قطاع الخدمات​ .

- برأيك كيف ستكون علاقة الجانب التركي مع العالم وخاصة اميركا ومع العالم العربي في الايام المقبلة الحليف الابرز لقطر في مواجهة الحلف الخليجي الثلاثي (​السعودية​ ​الامارات​ و​البحرين​ بالاضافة لمصر )؟

لا اتوقع ان يطرأ عليها تغير كبير خصوصا مع الجانب العربي نظرا الى ان الحكم ايديلوجي اي اسلامي او متعاطف مع الاسلام حيث اتوقع ان لا تتغير علاقة انقرة مع السعودية كما ستستمر علاقتها مع قطر والتي تعتبر مقربة من الاخوان الاسلاميين حيث تعتبر هذه العلاقات من الثوابت كما وتشهد العلاقات مع الجانب المصري في الوقت الراهن بعضا من التوتر لاسباب سياسية واتوقع ان لا يطرأ على رئاسة الوزراء التركية اي تغير نظرا الى انه تابع للحزب الحاكم .