بدأ مشروعه بطموح عالٍ، وكان على ثقة بأنه سينجح في اكتساب ثقة الأسواق المحلية والإقليمية وحتى الأوروبية، وتقديم خدمة مميزة وذات جودة عالية، وذلك رغم تشكيك البعض بقرار "المغامرة المهنية" الذي اتخذه من أجل "إنقاذ" شغفه؛ ليؤكد بذلك كلام الشاعر والفيلسوف الألماني فريدريك شيلر، حين قال "لكي ننقذ كل شيء، علينا المخاطرة بكل شيء".

فهو شغوف بكل ما له علاقة بالعمليات، وسلسلة الإمداد والخدمات اللوجستية، كما أنه متحمس دائما لنقل المعرفة التي حصل عليها للآخرين.

إنه المدير العام في شركة "صابر الشرق الأوسط"، سعيد صابر، الذي يسعى الى إحداث تغيير إيجابي في الشركات والمنظومات، وفي حياة المهنيين والطلاب، على حد سواء، من خلال مساعدتهم على اكتشاف الفرح في إدارة العمليات وسلسلة الإمداد، وما يترتب عليها.

وبالاضافة الى ذلك، هو مستشار ومدرب في سلسلة الإمداد، وعضو في هيئة التدريس والتعليم في "​الجامعة الأميركية في بيروت​". ومع أكثر من 19 عاماَ من الخبرة الدولية المتنوعة في تطوير الأعمال واستراتيجيات دخول ​السوق​ والخدمات الإستشارية لسلسلة الإمداد والخدمات اللوجستية، شارك صابر في إدارة مختلف المشاريع وبعثات العمل في دول عدة، من بينها البرازيل والكويت ولبنان وقطر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة أيضا. وشغل منصب المسؤول التنفيذي في شركات كبرى، منها "الجامعة الأميركية في بيروت"، ومجموعة "​طيران الإمارات​"، و"ويب للاستشارات" البرازيلية، كما درب أكثرمن 2500 مهنيا، من أكثر من 100 شركة، في أكثر من 12 بلدا مختلفاَ.

وقد مهدت إنجازاته الطريق، لتلقي العديد من الجوائز العالمية بما في ذلك جائزة "القادة العرب لشباب الأعمال للعام 2008"، وجائزة "الروتاري لمجموعة المهنيين الشباب" في عام 2011

"الاقتصاد" التقت مع صابر، للحديث عن مسيرته المهنية الغنية بالأحداث، والتي بدأت بعمر صغير، لكي يستفيد رواد أعمال اليوم من تجربته، ويستمدوا منها الإلهام والتحفيز.

- من هو رائد الأعمال اللبناني سعيد صابر؟

روح المبادرة والريادة موجودة في داخلي منذ فترة الطفولة، فمثالي الأعلى هو والدي، الذي لطالما شجعني على العمل والتقدم. اذ انطلقت مسيرتي المهنية من عملي معه في مجال تجارة الأدوات الكهربائية والمعدات، حيث تعلمت تقنيات المبيعات.

وخلال تلك المرحلة، كنت أعمل وأتابع دراستي في الوقت ذاته، وفي عمر 16 سنة، استلمت مع شقيقي، إدارة فرع بأكمله.

- ألم يؤثر عمرك الصغير على ثقة الناس بك وبقدراتك؟

خلال عملي في فترة المراهقة، كنت على تواصل مع عمال البناء والمتعهدين، الذين كانوا يتفاجأون لدى رؤيتي في الفرع. ولكن لدى اكتشافهم لإمكانياتي العملية وخبرتي في المجال، كانوا يشترون المنتجات بكل ثقة ورحابة صدر. وبالتالي فإن عمري الصغير لم يؤثر على ثقة الناس واحترامهم لي، لكنه في المقابل ساعدني على بناء شخصيتي.

مع العلم أنني لم أشعر بالشغف تجاه هذا النوع من الأعمال، ولهذا السبب اخترت مجالا مختلفا في وقت لاحق، اذ تخصصت في إدارة الأعمال والكمبيوتر (Business computer)، كما حصلت بعد ذلك على شهادة الماجستير في مجال إدارة العمليات (operation management)، من "الجامعة الأميركية في بيروت"، "AUB".

وخلال كل تلك الفترة، كنت أمارس عملا ما، وحتى لدى دراستي لنيل شهادة الماجستير، عملت في مجال التعليم، اذ لدي شغف دائم لمشاركة المعرفة، كما أمتلك طريقة جميلة في إيصال الأفكار. ومن هنا، أكملت طريقي بالعمل في كل ما يتعلق بالتدريب والاستشارات وإدارة العمليات.

- ما هي العوامل التي ضمنت استمرارية شركتك وخدماتها من العام 2010 الى حد اليوم؟

فور تخرجي من الجامعة، حصلت على خبرتي في إدارة العمليات وسلسلة الإمداد، من شركات عدة مثل "طيران الامارات" في ​دبي​، كما توجهت الى البرازيل لفترة من الوقت.

وقد أسست شركة "صابر الشرق الأوسط" في بيروت، اذ قررت الانطلاق من بلدي الأم، مع العلم أنني كنت قادرا على تأسيس عملي الخاص في دبي.

- ألم يكن من الأسهل الانطلاق من دبي ومن ثم التوسع الى بلدان أخرى ومن بينها لبنان؟

نعم بالطبع، وفي تلك الحالة لكان معدل نمو الشركة أسرع بكثير، لكنني لطالما شعرت بتعلق خاص بلبنان، يدفعني الى العودة والانطلاق من بلدي؛ كما وجدت أنه من الأفضل أن أكون كالسمكة الكبيرة في بركة صغيرة.

وبالتالي بدأت من لبنان، وانطلقت الشركة على الفور لأن خدماتنا ليست موجودة بكثرة محليا. كما أن التجدد والتحديث والتخصص واستيراد الأفكار من الخارج، هي عوامل ساعدتنا على ضمان استمرارينا.

- هل نجحت في التوسع الى بلدان أخرى؟

بعد سنتين من إطلاق الشركة، افتتحنا فرعا في دبي، كما بدأنا بالعمل في بلدان عدة في المنطقة، وتوسعنا الى السوق الأوروبي أيضا. فاليوم لم يعد هناك حدود للأعمال، واذا وضع الانسان هدفه أمام عينيه، وركز على شغفه وحماسه، فلن يجد ما سيقف عائقا في طريقه، مع العلم أن الصعوبات كثيرة؛ فحين انطلقت الشركة بين عامي 2010 و2011، كان الناس يصفونني بالمجنون، لكن هدفي تغلب على الأصداء السلبية التي سمعتها، كما أن إرادتي الصلبة أعطتني القوة للقيام بالمستحيل من أجل الوصول الى هذا الهدف.

- كيف تصف نفسك اليوم كرائد أعمال؟

أولا، أعتبر نفسي تلميذا كل يوم، وبالتالي أسعى دائما الى تعلم كل ما هو جديد. وهذا التطوير الذاتي يعطيني دفعة الى الأمام، ويساعدني للتقدم على المنافسين.

ثانيا، على الانسان أن يثابر مهما اشتدت الصعاب والتأثيرات السلبية من حوله، فعندما يضع هدفا أمامه، عليه التركيز عليه فقط، والقيام بكل ما يلزم من أجل تحقيقه.

وبالتالي رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، نشكر الله على استمرارية عملنا، وذلك بسبب أفكارنا الجديدة التي تساعدنا على التطور والتقدم، دون أن نترك المجال للعوامل الخارجية أن تؤثر سلبا علينا؛ وذلك من خلال، التفكير دائما بطريقة خلاقة من أجل مواصلة السير الى الأمام.

- هل تعتبر اليوم أنك حققت كامل طموحاتك المهنية؟

مشاريعي المستقبلية كثيرة، اذ يجب أن لا يتوقف طموح أي انسان طالما أنه على قيد الحياة.

ولا بد من الاشارة الى أنني أمتلك أفكارا جديدة لا علاقة لها أبدا بأعمالي الحالية، وبالتالي أسعى الى اكتشاف آفاق جديدة نحو مجالات أخرى مثل الأغذية والمشروبات، والتطبيقات الذكية.

- هل تشعر أحيانا أن عملك يأخذك من وقتك الشخصي ويدفعك لإهمال حياتك الخاصة؟

هذا الواقع هو بمثابة معركة يومية لا تنتهي، والحل يكمن في محاولة إيجاد التوازن وتنظيم الوقت. فأنا أسعى دائما لتخصيص الوقت من أجل الاستراحة واستعادة الطاقة، لكن بمواعيد متفاوتة. كما لم أشعر يوما أنني أقوم بعمل متعب وشاق، وذلك لأنني أمارس المهنة التي أحبها.

إنما في مرحلة معينة، سيحصل حتما الانسان على شيء ما، مقابل شيء آخر.

- هل تتلقى التشجيع المعنوي من محيطك؟ ومن قدم لك الدعم الأكبر خلال مسيرتك؟

العائلة هي السند الأول خلال مرحلة الانطلاق، فوالدي كان مشجعي الأول، مع العلم أن الأشخاص المحيطين بي، لم يحبذوا فكرة التخلي عن عملي، من أجل إطلاق مشروعي الخاص.

ولكن بعد الانطلاقة، تلقيت الدعم المعنوي والتشجيع من الأصدقاء المقربين وأفراد العائلة.

- ما هي نصيحة رائد الأعمال اللبناني الشاب سعيد صابر الى جيل لبنان الصاعد؟

الانسان لا يتعلم الا عندما يحاول بنفسه، ومن هنا يجب أن لا يخاف من المخاطرة، بل عليه أن يكون شجاعا ويتخذ قرار الانطلاق.

وفي حالة الفشل، يجب أن يتعلم من هذه التجربة ويتقدم الى الأمام، بدلا من الاستسلام والرجوع الى الوراء.

فالفرص موجودة في لبنان، لكن يجب تغيير طريقة التفكير؛ فأنا خلقت فرصتي بنوع عملي، ومن هنا علينا التفكير بأنواع معينة من الأعمال، تؤدي الى خلق الفرص الجديدة واستغلالها، ومن ثم لفت انتباه السوق اليها لكي يأتي من يقلدها وينسخها ويتابعها.

يجب أن نعمل على الدوام من أجل البقاء سباقين في مجالنا، لكي نكون أول من "يقطف" الإنجازات في مجال ريادة الأعمال.