أظهرت الأرقام الصادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "UNCTAD" أن الإستثمارات​ الأجنبية المباشرة في لبنان بلغت 2.63 مليار دولار في العام 2017، أي بارتفاع هامشي قدره 0.7% عن 2.61 مليار دولار في العام 2016، وما يشكّل الارتفاع السنوي الثالث منذ العام 2010. إشارة إلى أن الأرقام الخاصة ب​الاستثمار الأجنبي المباشر​ في لبنان تستند إلى الأرقام الرسمية الصادرة عن ​مصرف لبنان​. ووفقًا لمنهجية مصرف لبنان، تشمل تدفقات ​الاستثمارات الأجنبية المباشرة​ تلك المُتدفقة إلى ​القطاع العام​، وتقديرات ​الاستثمارات العقارية​ لغير المقيمين في لبنان، وأرقام الاستثمار الأجنبي المباشر من ​القطاع المصرفي​، والإحصاءات من السجلات الإدارية المتعلقة بامتلاك الأجانب للعقارات.

في موازاة ذلك، بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة الخارجة من لبنان (FDI outflows) 567.3 مليون دولار أميركي في العام2017، ما يشكل انخفاضًا بنسبة 11.6% من 641.9 مليون دولار في العام 2016. ما هو أثر هذا الإرتفاع وأسبابه؟ وهل في الأمر أي إشارات إيجابية؟

ولمعرفة المزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع وعدد من المواضيع الأخرى كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع رئيس دائرة الأبحاث في بنك لبنان والمهجر ​مروان مخايل​:

ما هو العامل الأساسي الذي أدى الى ارتفاع الإستثمارات الأجنبية أو استقرارها في ظل الظروف السياسية الداخلية والإقليمية التي نعيشها؟

في النهاية الإستثمارات ستستمر وخاصة مع التعميم الوسيط رقم 331 الذي أصدره "مصرف لبنان" في العام 2013 والذي يسمح للمصارف والمؤسسات المالية بالمساهمة، ضمن حدود 3% من أموالها الخاصة، في رسملة مشاريع ناشئة وحاضنات أعمال وشركات مسرِعة للأعمال يكون نشاطها متمحور حول قطاع المعرفة. بالإضافة الى ان هناك دائماً ما هو جديد في عالم الأعمال، والشركات تأتي لتسويق منتجاتها في المنطقة، ذلك عدا عن استثمار اللبنانيين غير المقيمين بالقطاع العقاري خاصة مع التسهيلات التي قدمها لهم مصرف لبنان والمتمثلة بالفوائد المدعومة على قروض الإسكان.

وأود هنا أن أعطي مثالاً، فندق "فور سيزونز - بيروت" تم بيعه من قبل صاحبه السعودي الأمير الوليد بن طلال إلى رجل أعمال أردني وليس لبناني، ما يعني أن الإهتمام بالإستثمار في لبنان لازال موجوداً لدى غير اللبنانيين.

هذه إشارات إيجابية طبعاً، لكننا بحاجة الى المزيد من الإستثمارات وخاصةً في القطاعات المنتجة بوتيرة أكبر كالصناعة والتجارة. هذه الأرقام تشير الى ارتفاع في العام 2017، لكن لا يجب أن ننسى اننا شهدنا انخفاضاً كبيراً في السنوات التي سبقت ما يعني أن هذا أقل ما يمكننا تحقيقه. كما أن هذه الأرقام لا تعتبر دقيقة 100%، في العادة إن كانت النسبة 10% نعتبر ان هناك 5% أكثر أو أقل فما بالك إذا كانت 0.7%؟ هنا يمكننا القول ان الإستثمارات في العام 2017 مستقرة مقارنةً بما شهدناه في العام 2016.

- ما هو أثر تأخّر تشكيل الحكومة على ​الإقتصاد اللبناني​؟

الأثر سلبي طبعاً. كلّما تأخرنا بتشكيل الحكومة، استمرّ الإقتصاد في حالته الهشة هذه. حالة الغموض هي أسوأ ما يمكن تقديمه لمستمر أو رجل أعمال، وحالة الغموض اليوم هي السائدة بسبب تأخر تشكيل الحكومة، وإذا طال هذا الغياب سيطول معه الإنكماش الإقتصادي وخوف ليس فقط المستثمرين بل المستهلكين أيضاً.

- برأيك، ما هي القوانين ذات الأولوية من الناحية الإقتصادية في ​مجلس الوزراء​ القادم؟

تحسين بيئة الأعمال هي خطوة باتت ضرورية جدّاً وهي تشمل المكننة والتخلص من المعاملات الورقية والقوانين البالية والمعقدة التي يضطر المستثمرون الى العمل بها لتسيير أعمالهم.

ثانياً، حل مشكلة الكهرباء التي تشكل عبئاً كبيراً على المالية العامة بعجز يتراوح بين 1.5 و 2 مليار دولار سنوياً، وبهذا نكون قد أنجزنا إحدى الإصلاحات التي تعهدنا بها في مؤتمر "سيدر".

كما لا يجب أن ننسى الرعاية الصحية وتغيير كل هذا التعاطي الخاطئ مع المواطنين على هذا الصعيد. هناك الكثير من الخدمات التي يجب تأمينها للمواطن وبسرعة حتى يشعر بالفرق ونكون بذلك قد خلقنا له وللمستثمر جوًّا إيجابياًّ.

- ما هي توقّعاتك للفترة المقبلة من العام المالي؟ هل من الممكن أن تشهد أي انفراجات؟

الإنفراجات ستكون ضئيلة في العام 2018، لم يتم تشكيل الحكومة حتى اليوم وقد اقتربنا من بداية النصف الثاني.

وعلى الحكومة في الستة أشهر المتبقية من العام أن تبدأ باتخاذ إجراءات وإصلاحات جذرية وجريئة، أولاً لنحصل على الأموال الموعودة من "سيدر" في العام 2019 وثانياً لإعادة جذب الإستثمارات الأجنبية واللبنانية التي خرجت من لبنان في الفترة الماضية.