دعا رئيس ​جمعية تجار بيروت​ ​نقولا شماس​ الجمعيات واللجان والأسواق والنقابات التجارية في لبنان، إلى إجتماع طارىء وموسع في مقر الجمعية للتداول حول خطورة الأوضاع التجارية، وإطلاق صرخة مدوية عشية تشكيل الحكومة العتيدة.

وبعد الترحيب والتأكيد على أهمية رص صفوف فعاليات المجتمع التجاري في هذه الأوقات المتأزمة، تطرق شماس بإسهاب إلى الوضع الإقتصادي الذي بات، أكثر من أي وقت مضى، على حافة الإنهيار، حيث أن المعضلات الهيكلية المشنجة لا تزال قائمة. فيما لم يكن لإقرار سلسلة الرتب والرواتب وللانفاق الإنتخابي، كما كان متوقعا من قبل الجمعية، أي تأثير ملموس ولو طفيف على حركة الأسواق بشكل خاص أو على النشاط الإقتصادي بشكل عام. بل على العكس، إذ دخلت المالية العامة منذ إقرار القانونين رقم 45 و 46/2017 في نفق مظلم لا تستطيع البلاد الخروج منه بالوسائل التقليدية.

وقال: "والأنكى أنه تقرر تمويل السلسلة من خلال رزمة من عشرات الضرائب والرسوم الموجعة أثقلت كاهل الأسر وقوضت قدرتها الشرائية، بالتزامن مع غياب ​السياح​ والزوار من الخارج والذين يرفدون الدورة الإستهلاكية بنفس إضافي في المحطات الرئيسية. فضلا عن الضغوط الناتجة عن إقرار متوقع لتعديل قانون الإيجارات التجارية، الذي سوف يطال معظم المؤسسات، لا سيما تلك التي دفعت خلوات باهظة".

وأضاف شماس: "نتيجة لما سبق، فإن النشاط في الأسواق التجارية تراجع، وبحسب المناطق والقطاعات، بنسبة تتراوح بين 20% و 30% مع ذروات لامست 50%، خلال النصف الأول من العام الحالي مقارنة مع الفترة نفسها من العام المنصرم، والذي كان هو الآخر نتائجه رديئة".

وأكد "أن القطاع التجاري يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة بالمعنى الإقتصادي دون أن تتخذ الجهات المسؤولة أي تدابير حازمة، لا بل، على العكس، جاء المجلس الدستوري مثلا وإرتكب، من حيث لا يدري ربما، خطأ جسيما بإلغاء غير مبرر وتحت عناوين غير مقنعة، للتسويات الضريبية والإعفاءات التي تطالب بها الهيئات الإقتصادية منذ أمد بعيد، في حين أن تلك الإجراءات هي معهودة وقانونية ودستورية، في لبنان كما وفي الخارج. كما أنه قد فوت على الخزينة، المكسورة أصلا، إمكانية إدخال موارد ضريبية ضخمة كانت تعول عليها بشكل كبير خلال العام 2018".

وقال: "لقد طال هذا الإجراء كل ما تبقى من دورة مالية في القطاع التجاري، وهي منكوبة أصلا، في الحين الذي تتنامى فيه أعداد المؤسسات غير الشرعية دون حسيب ولا رقيب، فيما يتم الإقتصاص ماليا وضريبيا من التاجر الشريف الذي يعمل تحت سقف القانون".

وتوقع "أن تشهد السنتين القادمتين إقفال ما لا يقل عن 20 إلى 25% من المؤسسات التجارية التي لا تزال قائمة شرعيا في لبنان، إذا ظلت الظروف الإقتصادية على هكذا حال من دون معالجة".

ثم أشار شماس إلى "أن دور أي حكومة يكمن في مساندة كافة القطاعات الإقتصادية دون تمييز بينها. فتماما كما تقف الحكومة إلى جانب القطاع الصناعي، وعن حق، ينبغي عليها أن تبادر فورا إلى مساندة، لا بل إغاثة القطاع التجاري، وهو المريض الأكبر في الإقتصاد الوطني".

وأجمع الحاضرون على التأكيد بأن ندرة الموارد والشح المالي لم يعودا يستثنيان أي مؤسسة، صغيرة كانت أو كبيرة، ناشئة أو مخضرمة. وعليه، كانت المطالبة بضرورة تعاون القطاع المصرفي مع القطاعات الإنتاجية بما تيسر من مرونة، وتمديد مهل السداد عند الحاجة.

ولفت الى "إن الكساد عم التجارة برمتها، قطاعيا في كل المكونات، وجغرافيا في كافة المناطق". وقال:"وعليه، كان لسان حال الحاضرين في المطالبة بالإسراع في تشكيل حكومة إستثنائية، يتحلى أعضاؤها بالكفاءات العلمية وجرأة المواقف، لا سيما في الحقائب الإقتصادية، وذلك لوضع وتنفيذ برامج إنقاذية طال إنتظارها، وإستقطاب الإستثمارات المحركة للقطاعات الإنتاجية، وإطلاق عجلة الشراكة بين القطاعين العام والخاص. كما وضبط فلتان المالية العامة، وتقليص مساحة الهدر والفساد في الدولة وتخفيض حجم القطاع العام، والمبادرة إلى تخفيض شامل للضرائب والرسوم عن المؤسسات وعن الأسر، وتخفيف الإجراءات الضريبية وتخفيض فوائد التقسيط على المتوجبات الضريبية. كل ذلك كشرط مسبق لعودة النمو الإقتصادي المتين والمستدام، وإستحداث فرص العمل المجدية، بالتزامن مع تنفيذ البرامج التي تندرج ضمن مؤتمر CEDRE الإستثماري، وصياغة خطط لتحديث أسس الإقتصاد الوطني لجهة تقويته وتحصينه من المؤثرات الخارجية.

بالتوازي، رأى المجتمعون أنه يترتب على الحكومة الجديدة الحد من تغلغل المؤسسات والبضائع والعمالة غير الشرعية، حفاظا على سلامة الإقتصاد بمختلف قطاعاته، كما وعلى الشركات والقوى العاملة اللبنانية".

وأخيرا، قرر الحاضرون إبقاء إجتماعاتهم مفتوحة لمواكبة التطورات، ولحث الجهات المسؤولة، ولا سيما الحكومة العتيدة والمجلس النيابي الجديد، على إنقاذ القطاع التجاري وإقرار القوانين وإتخاذ الإجراءات المحفزة للاقتصاد، لا سيما الضريبية منها، ومعالجة قرار المجلس الدستوري لجهة التسويات والغرامات، تداركا منها لأي تدهور أعظم، ومساهمة منها في إعادة تحريك العجلة الإقتصادية في البلاد، مع تفادي الإقدام على القيام بالمزيد من الخطوات المؤذية والمعيقة للتطور الإقتصادي.