بحث برنامج "​​الإقتصاد في أسبوع​​" من إعداد وتقديم ​كوثر حنبوري​ عبر أثير "إذاعة ​​​​لبنان​"​ في حلقة هذا الأسبوع "استمرار الضغوطات على السوق ال​مالي​ وتأثيراتها على الإقتصاد"، وذلك مع كبير الإقتصاديين ومدير وحدة الدراسات في" ​بنك بيبلوس"​، د. ​نسيب غبريل​، الذي أشار الى ان ما يتم الحديث عنه اليوم بخصوص هذا الموضوع "يستند على مؤشر من هنا ومؤشر من هناك، دون نظرة شاملة على الموضوع. أنا أخالف كل من يقول أننا على شفير الإنهيار المالي وأننا نتجه الى سيناريو شبيه بالسيناريو ​اليونان​ي وأن سعر صرف الليرة يجب ان يتراجع..كل هذه الأمور ليست منبية على أرقام ووقائع، هذا تهويل ومزايدات سياسية...".

وأضاف غبريل: "نحن في وضع مالي يحتاج الى المعالجة، العجز في ​الموازنة​ مرتفع، ​الدين العام​ وصل الى 81 مليار دولار أي الى ما يوازي 150% من الناتج المحلي، ولكن لسنا على شفير الهاوية ولا نتجه الى سيناريو اليونان، لماذا؟ لأن نسبة 62% من الدين العام في لبنان ب​الليرة اللبنانية​، و52% من هذا القسم بالليرة يحمله "​مصرف لبنان​" و32% يحملها ​القطاع المصرفي​ و15% يحملها صندوق الضمان الإجتماعي والمواطن اللبناني، أي ان الدين بالليرة اللبنانية "محمول" محلياً ومن قبل مؤسسات لبنانية. أما نسبة الـ38% من الدين العام بالعملة الأجنبية فإن 92% منها سندات خزينة "يوروبوند" يتم تداولها في السوق، والنسبة المتبقية ​قروض​ ميسرة من مؤسسات متعددة الأطراف، أي لا تعتبر "دين سوق". وبخصوص الـ28 مليار دولار من ​سندات الخزينة​ فإن النصف (14 مليار دولار) تحمله ​المصارف​ اللبنانية و5 مليارات دولار يحملها مصرف لبنان والـ9 مليارات المتبقية تحملها المؤسسات الأجنبية من مصارف استثمار عالمية أو مدراء محافظ أو صناديق استثمار. هذه التسع مليارات هي التي تتحرك في السوق بحسب التقلبات والنظرة الخارجية حول التطورات لحامليها، فعندما استقال الرئيس سعد الحريري، تحركت بعض هذه المؤسسات لبيع السندات اللبنانية بالعملات الأجنبية التي بمحفظتها، ولكن عندما أصبحت الأمور أوضح وانتهت الأزمة تراجعوا عن هذا المنحى وتقريباً لم يقم أحداً ببيع سندات من التي لديهم".

وأشار إلى أن "​المصارف التجارية​ في لبنان تمتلك 11 مليار دولار من ​السيولة​ الجاهزة في المصارف العالمية بالعملات الأجنبية بالإضافة الى السيولة التي تمتلكها في مصرف لبنان وإلى السيولة التي يمتلكها مصرف لبنان والفائض الموجود في حساب وزارة المالية لدى المصرف المركزي. نحن لسنا في أزمة ولكننا أمام تحديات لخفض حاجة الدولة للإستدانة والعجز بالموازنة".

وأكد أن الطلب على ​الدولار​ طبيعي وأن العملات الأجنبية في زيادة بودائع المصارف "وهذه الزيادة بلغت مليارين و300 مليون دولار في الاشهر الثلاث الأولى من العام، وهي أعلى نسبة زيادة في ​الودائع​ منذ العام 2013، كما انه لا يوجد ضغط على سعر صرف الليرة اللبنانية ولا خروج لرؤوس الأموال من ​المصارف اللبنانية​".

ورداً على سؤال حنبوري بخصوص الخطة الإقتصادية التي يجري إعدادها من قبل شركة "​ماكنزي​"، أوضح غبريل أن "نشرها بات قريباً، بعد عدة أسابيع فقط. وما فهمته هو أن هدف الخطة تغيّر، حيث انطلقت في البداية من نظرية أننا اقتصاد ريعي لذلك نحتاج للتركيز على الإقتصاد المنتج، لكن هذه نظرية بعيدة عن الواقع، فالإقتصاد الريعي لا يشمل ​القطاع العقاري​ والقطاع المصرفي والتجاري والخدمات، وهذه محرّكات ​الإقتصاد اللبناني​. القطاع الريعي هو ​القطاع العام​ الذي هو الى اتساع (9.5% من الناتج المحلي) ومساهمته في النمو سلبية. واليوم، تحوّلت أهداف الدراسة الى البحث عن قدرات الإقتصاد اللبناني من ناحية التصدير، المزايا ​التنافسية​، والقطاعات التي يجب ان تتركز عليها الإصلاحات".

ورأى ضرورة لتشكيل الحكومة بسرعة، موضحاً أنه "هناك ضرورات موازية لسرعة تشكيل الحكومة، أولاً، الحكومة لا يجب ان تكون فضفاضة كالحكومات السابقة...الهدر يبدأ بعدد الوزراء وخاصة ان رواتب الوزراء والنواب السابقين تبقى سارية، المشكلة تبدأ بهذه التفاصيل...المشكلة لم تعد مشكلة خدمة دين فقط".

وتابع: "الإقتصاد اللبناني إقتصاد ​مشرف​. لبنان أول بلد عربي اقتصاده بني على اقتصاد السوق، والعجلة الإقتصادية فيه مدعومة من ​القطاع الخاص​"، كما وافق على قول وزير الإقتصاد بأن الإصلاحات لم تعد خيار.

وعن الإستحقاقات الدستورية التي حصلت مؤخراً، رفض غبريل تسميتها بالنجازات مؤكداً أن انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وفتح ​مجلس النواب​ أبوابه للتشريع تعدّ من أبسط حقوق المواطن، قائلاً: "خاصّةً وأن انجاز هذه الإستحقاقات لم يؤدي الى أي تحسّن في الأوضاع المعيشية للناس بل على العكس ما شهده المواطن هو ​ضرائب​ ورسوم جديدة".