خاص ــ الإقتصاد

رغم مضي 12 عاماً على حرب تموز، لم تنته بعد الملاحقات القضائية، بحق أطباء ومواطنين و​موظفين​ رسميين في جرم إختلاس الأموال العامة، المخصصة لمساعدة المتضررين من هذه الحرب، والتي كانت توزعها الهيئة العليا للإعاثة على مستحقيها، وذلك عبر تقارير طبية مزورة وإفادات كاذبة. فقد اتهم قاضي التحقيق في بيروت فؤاد مراد، طبيبين شرعيين وثمانية أشخاص آخرين بتنظيم تقارير طبية كاذبة جرى تقديمها الى السلطة العامة، لقاء جرّ منفعة غير مشروعة للمستفيدين من تقديمات الهيئة العليا للإغاثة، وقبض تعويضات مالية من أشخاص لا يستحقونها.

وذكرت وقائع القرار الظني الذي أصدره قاضي التحقيق، أنه بتاريخ 17 آب 2009، صدر قرار عن دولة رئيس ​مجلس الوزراء​ ــ رئيس الهيئة العليا للإغاثة، يتعلّق بدفع تعويضات مالية للمصابين بعطل دائم، والى عائلات الشهداء الذين سقطوا جراء العدوان الاسرائيلي على ​لبنان​ في العام 2006، على أن يتمّ دفع 15 مليون ليرة لبنانية للمصاب بعطل دائم، وأن يعطى نسبة مئوية من هذا المبلغ تساوي العطل الدائم المذكور في تقرير الطبيب الشرعي، وأن يتقدم المعني بهذا القرار بالمستندات التالية: إخراج قيد عائلي، تقرير الطبيب المعالج، تقرير الطبيب الشرعي لتحديد نسبة العطل، محضر تحقيق قوى الأمن أو إفادة مختار المنطقة وفواتير المستشفى أو الطبيب.

بعد وضع هذه الشروط، جرى تفويض مجلس الجنوب باستقبال طلبات المصابين في محافظتي جبل لبنان والنبطية وفريق من وزارة المهجرين بإستقبال طلبات المصابين في باقي المناطق اللبنانية لدرسها والتدقيق فيها، ومن ثم رفعها الى الهيئة العليا للإعاثة لتنظيم الشيكات وتوزيعها على أصحابها، وبسبب كثرة الطلبات المقدمة وتزايد أعدادها يومياً، وقد فاقت الأربعة آلاف طلب، وبنتيجة الشكوك لجهة ارتفاع نسبة العطل الدائم للجرحى الواردة أسماؤهم في التقارير الطبية وشيوع أخبار حول وجود "شبه تجارة" في الحصول على تعويضات وجود سماسرة بين الأطباء الشرعيين والمستشفيات التي نظمت التقارير المشار اليها.

بناء على كتابين صادرين عن أمين عام الهيئة العليا للإغاثة  في 18/11/2006 في 19/ 12/ 2006 رقم 1100/2006، أصدر دولة رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 21/12/2006 القرار رقم 7/2006 قرر بموجبه تأليف لجان من الأطباء في محافظات البقاع والجنوب واالنبطية لمراجعة الملفات الصحية التي لم يجر البت بها بعد، ومعاينة المستفيدين منها لتحديد العطل الدائم وانتقاء عينات عشوائية في الحالات التي تم البت بها، وتم دفع ​المساعدات​ لها للتثبت من صحة وعدالة استحقاق التعويضات المدفوعة، بنتيجة المراجعة المجراة في اللجان الطبية، تبين وجود تقارية طبية غير صحيحة تفيد بوجود عطل دائم في حين أن المصاب (المزعوم) ثبت أنه سليم مئة بالمئة.

بالاستناد الى هذه المعطيات، أحال رئيس مجلس الوزراء تقارير اللجان الطبية على حضرة النائب العام التمييزي لإتخاذ التدابير اللازمة، وبعد إجراء التحقيقات الأولية والاستنطاقية، تبين أن طبيبين شرعيين مدعى عليهما في هذه القضية، أقدما على تنظيم العديد من الإفادات الكاذبة الى عدد من الأشخاص، بينهم ثمانية مدعى عليهم في هذه الدعوى، تفيد بإصابتهم بإعاقات دائمة خلافاً للواقع، وأنهم تقدموا بهذه الافادات وبغيرها من المستندات من الهيئة العليا للإعاثة، واستحصلوا منها بدون وجه حق على مبالغ مالية لا يستحقونها.

وإعتبر قاضي التحقيق أن أفعال الطبيبين المدعى عليهم، المتمثلة بإعطاء تقارير طبية كاذبة معدّة لتقديمها الى السلطات الرسمية لجرّ منفعة غير مشروعة للمستفيدين منها، واستحصال الأشخاص الآخرين على التقارير الكاذبة وتقديمها للحصول على تعويضات مالية غير مشروعة، تنطبق على نص المواد 466 و466/219 و466/254 من قانون العقوبات، التي تنص على السجن حتى ثلاث سنوات، وأحالهم على القاضي المنفرد الجزائي في بيروت لمحاكمتهم.