يتساءل الكثيرون حول اسباب تسابق دول كثيرة على استضافة بطولات ​كأس العالم​، مقدمة عروضا استثنائية للفيفا لتتميز على الدول الأخرى المنافسة، وعادة ما يكون هناك رشاوى مرتبطة بهذه المرحلة، ليبدأ بعدها العبء المالي الكبير مع طلبات ​الفيفا​ واللجنة الأولمبية الدولية، بتأمين ​بنى تحتية​ متطورة بأعلى المعايير العالمية من ملاعب وساحات وجسور وطرقات متطورة، و​مطارات​ ومحطات ​قطارات​ و​مترو​ تستوعب أعداد الزائرين، فتكون الفاتورة باهظة الثمن على كاهل الدول المستضيفة وفي كثير من الأحيان تتكبد ديونا طويلة الأجل ، وجواب هذه التساؤلات يقتصر على تطلعات هذه الدول الى العائدات المادية الكبيرة المرتقبة من هذا الحدث العالمي للدولة المستضيفة وللفيفا واللجنة الأولمبية، من بيع التذاكر وحقوق بث المباريات إلى الرسوم التي تحصلها الدول من كل تذكرة سفر، ودفع القطاع السياحي إلى تحقيق ال​إيرادات​ من ​الفنادق​ والمطاعم وغيرها من الوجهات الترفيهية ، كما ومن شأن هذا الحدث الكروي ان يرفع من مستوى البنى التحتية في المدينة ما سيعود عليها بالربح على المدى الطويل، ورفع اسم البلاد عالميا وتزيد من هيبتها ونفوذها.

هذه المبررات وغيرها دفعت ب​موسكو​ الى غوص غمار التحدي والسعي الى ان تكون من بين الدول التي تنال شرف استضافة كأس العالم الذي تفصلنا عنه ايام معدودة، وتعول موسكو كثيرا على هذا الحدث المنتظر حيث من شأنه ان يعزز ​النمو الاقتصادي​ للبلاد على الرغم من ان كأس العالم هذا العام ، سيكون الأغلى في التاريخ حيث أنفقت ​روسيا​ على التحضيرات ثلاثة أضعاف ما أنفقته ​جنوب إفريقيا​.

روسيا: ​مونديال​ 2018 مشروع اقتصادي واسع النطاق سيحقق للبلاد عائدات بقيمة 2.222 مليار دولار

على الرغم من الازمات السياسية والاقتصادية التي تعيشها روسيا اليوم والعقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة الامريكية والدول الأوروبية عليها الا ان الرئيس ​فلاديمير بوتين​ وعد في مراسم تنصيبه رئيسا للبلاد بوضع خطة اقتصادية شاملة تهدف إلى رفع مستوى معيشة المواطنين، وبتخصيص حوالي 163 مليار دولار لإنفاقها في قطاعات الصحة والتعليم والرياضة و​البنية التحتية​ لتعزيز عملية النمو الاقتصادي في روسيا .

ويعتبر تنظيم مونديال 2018 الذي سيبدأ في 14 حزيران الحالي ويستمر لغاية 15 تموز احدى ركائز الخطة الاقتصادية فهو لا يعتبر مجرد حدث رياضي بل مشروع اقتصادي واسع النطاق، إذ إن هذا الحدث سيساهم في ​نمو الناتج المحلي الإجمالي​ لروسيا من 150 مليار روبل إلى 210 مليار روبل (2.43 مليار دولار – 3.4 مليار دولار) سنويا على مدى السنوات الخمس المقبلة كما من شأنه ان يعزز النمو ​الاقتصاد الروسي​ بنحو 3 مليارات دولار سنويا على مدى السنوات الخمس المقبلة.

ويعول بوتين كثيرا على ​بطولة كأس العالم​ مؤمنا بانها ستعود بالنفع الكبير على الاقتصاد الروسي الذي سيجني منافع اقتصادية كبيرة، حيث قدر العائد الاقتصادي لكأس العالم 2018 بـ 1.6 تريليون روبل ( 2.222 مليار دولار)، وهو أكثر بنحو 2.5 مرة من الأموال المستثمرة في هذه البطولة.

وستقام نهائيات كأس العالم في 11 مدينة بالجزء الأوروبي من روسيا وبمشاركة 32 فريقاً، بما فيها أربعة منتخبات عربية، وهي ​السعودية​ و​مصر​ و​تونس​ و​المغرب​ ، وقد أنفقت مليارات الدولارات على بناء ملاعب جديدة و​تحديث​ شبكة بنية تحتية متقادمة، وتجديد 12 ملعبا وتحديث البنية التحتية للنقل، بما في ذلك المطارات والطرق والسكك الحديدية، فضلا عن بناء 27 فندقا جديدا في المدن الروسية، التي ستستضيف البطولة العالمية.

وتشير الدراسات الى ان كأس العالم ،الذي سيقام في روسيا ،سيكون الأغلى في التاريخ ،حيث أنفقت على تحضيرات كأس العالم 2018 ثلاثة أضعاف ما أنفقته جنوب إفريقيا نتيجة للحظر الأوروبي المفروض عليها في أعقاب الصراع الأوكراني ،الذي ضرب بشدة الاقتصاد الروسي الذي تفاقم بسبب انهيار الروبل و​التضخم​ السريع ، وقدرت التكلفة التنظيمية بأكثر من 678 مليار روبل (13.2 مليار دولار) ،منها 390 مليار روبل (حوالي 6.29 مليار دولار) من الميزانية الفيدرالية ،و 92 مليار روبل (1،483 مليار دولار) من ميزانيات الاقاليم ،و 196 مليار روبل (3.161 مليار دولار) من ​القطاع الخاص​ ، وبالتالي فإن المبلغ ارتفع ب 10 % مما كان مخططا له أصلا ، وأن إيرادات هذه التظاهرة الرياضية الكبيرة للفيفا ستعرف ارتفاعا بـحوالي 31 % مقارنة مع تلك التي نظمت في ​البرازيل​ وأزيد من 200 % من طبعة جنوب ​أفريقيا​ سنة 2010.

ومن المتوقع أن تتجاوز عائدات بيع تذاكر المباريات، والتي يفوق عددها 3.1 مليون تذكرة، مستوى 5 مليارات دولار، وان ينفق المشجعون الأجانب على السكن والمطاعم نحو 5 مليارات دولار، حيث يعول منتجو وبائعو الهدايا التذكارية أن ينفق 1.5 مليون سائح أجنبي الذين من المتوقع أن يزوروا روسيا قرابة 1.5 مليار دولار، أي بمعدل 100 دولار للشخص ، وأن يحضر مباريات كأس العالم نحو 570 ألف مشجع أجنبي و700 ألف روسي في حين خفف خبراء اقتصاديون من العائدات الاقتصادية لهذا الحدث الرياضي معتبرين بانه سيكون له تأثير قصير الأجل على اقتصاد البلد المضيف روسيا، على الرغم من أن تحسينات ذات صلة في البنية التحتية والاستثمارات في ​السياحة​ قد تزيد إمكانات النمو.

كما اعتبرت وكالة "فيتش" للتصنفيات الائتمانية ان التأثيرات ستكون محدودة للغاية على المستوى الوطني بالنظر لفترة نهائيات كأس العالم والحجم الكبير لاقتصاد البلاد".

كما اشار محللون في وكالة "موديز"، إن قطاعات المطاعم والفنادق والاتصالات والنقل سترى انتعاشة مؤقتة في الإيرادات، لكن التأثير الإجمالي على القطاع الخاص الروسي سيكون محدودا.