لا يزال القطاع ​السياح​ي في ​لبنان​ يعيش منذ سنوات حالة الحرب من أجل البقاء. من كان يصدّق ان قطاع ​السياحة​ في لبنان يحتاج الى هذا المجهود الكبير لينشط؟ هذا البلد الجميل، المؤسسات التي صممت بمقاييس عالمية، واليد العاملة المحترفة تحتاج الى أن تصارع حتى تستمر.

منذ ​الأزمة السورية​، وبالرغم من الوضع الأمني المستقر في لبنان والذي يعد أفضل منه في بعض البلدان الأوروبية حتّى، يصارع هذا البلد لجذب السياح وخاصّة ​الخليجيين​ منهم من خلال المؤتمرات والمعارض، المهرجانات وحتى العروضات، إلا أن دعم الدولة الغائب عن هذه المؤسسات لا يبشّر بأي تحسّنٍ ​قريب​.

وكما في كل المواسم، يأمل اللبناني بأن يرى ولو ذرّة تحسن بسيط عن الموسم الذي سبقه. وبما أننا اليوم نعيش أجواء ​شهر رمضان المبارك​ ومقبلون على فترة عيد الفطر كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان ​خالد نزهة​ لمعرفة المزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع:

كيف ترى وضع القطاع خلال شهر رمضان المبارك وفترة ​العيد​؟

مع الأسف، حركة القطاع في شهر رمضان لم توافق توقعاتنا. البلد يمرّ بأزمة اقتصادية كبيرة جداً، كلنا نعيشها نتيجة ظروف المنطقة، ليس السياسية فقط بل حتى الإقتصادية. أبرز عوامل تراجع حركة القطاع هو إغلاق الخط البري العربي الذي كان يأتي من ​سوريا​ والأردن إلى لبنان بالإضافة الى أسعار تذاكر الطيران المرتفعة. كما ان رفع أسعار الفائدة أثر على انفاق المواطنين أيضاً.

ولا يمكن أن ننسى عامل ​التلوث​ المخيف الذي تشهده شواطئنا مع المكبّات العشوائية وغياب الخدمات الأساسية ك​الكهرباء​ و​المياه​ ما جعل الكلفة التشغيلية في لبنان من الأعلى في ​الشرق الأوسط​، وهذا عدا عن مشكلة ​زحمة السير​ أيضاً. كمؤسسات سياحية في لبنان، نحن مسؤولون عن تأمين المياه والكهرباء والتنظيفات وزرع المساحات المحيطة مثلاً.

كيف هي أسعار وعروضات القطاع خلال هذه الفترة من العام؟

قبل حلول الشهر الفضيل، جرى تزاحم كبير بين المطاعم والمؤسسات السياحية كافةً بشكل عام لتخفيض الأسعار سعياً منها لجذب الزبائن، نتيجة النقص الذي نشهده طبعاً.

واليوم تبقى المراهنة على المغتربين اللبنانيين الذين سيعودون خلال فترة العيد لقضائه مع عائلاتهم.

تحدّثت عن أسعار تذاكر الطيران المرتفعة، الى أي مدى ترى ان التنسيق بين مؤسسات ​القطاع السياحي​ مهم لمساعدته على النهوض؟

بادرنا كثيراً مطالبين بهذا التنسيق وكنا نتمنى لو أن المطار امتلأ خلال الموسم بالطائرات القادمة، لكن لا أحد يستجيب لهذه المطالبات. برأيي، إن دفعت الدولة 30 أو 40 مليون لدعم أسعار تذاكر الطيران فإن الإفادة ستعود عليها بـ3 أو 4 مليارات نتيجة الحركة التي سيشهدها قطاع السياحة.

وأود هنا الحديث عن تجربة قطاع السياحة في ​تركيا​، الذي وبعد محاولة الإنقلاب ومن ثم حادثة رأس السنة في ملهى "رينا"، توقع الجميع لهذا القطاع بالإنتكاسة. أما في الواقع، فإن الدولة التركية واجهت الأزمة بخطة اعتمدت على دفع ستة آلاف دولار نقداً في المطار لكل وكالة سفر تأتي برحلة سياحية الى البلد، بالإضافة الى دعم ​الفنادق​ والمطاعم بهدف تخفيض الأسعار، وها هو القطاع السياحي التركي لم يتأثّر بل إن عدد السياح ارتفع مقارنةً بالعام الماضي. نحن نفتقد للتخطيط ودعم الدولة، ولكن يجب ان نشكر الوزير أواديس كيدانيان على جهوده ضمن الإمكانيات و​الميزانية​ المتوفرة.

نحن مقبلون الآن على فترة مباريات كأس العالم، إلى أي درجة تعتمدون على هذا الحدث في تحريك عجلة العمل؟

من المؤسف أن الكثير من المؤسسات لن تتمكن من نقل المباريات بسبب التكلفة التي تطلبها الشركة صاحبة الإمتياز. أجرينا مفاوضات لتخفيض السعر استمرّت أربعة أشهر بدعم من الوزير كيدانيان، لكن لم نلقَ أي تجاوب. التكلفة المتوجبة على المطاعم ستصل الى ثمانية آلاف دولار في الحد الأدنى، والمقاهي التي فيها 20 كرسي لن تتمكن من رفع أسعارها لتغطية هذه التكلفة.

ما هي توقعاتكم لفصل الصيف وخاصةً مع حالة الإستقرار السياسي التي نعيشها ومرحلة تشكيل الحكومة؟

أهم ما نعيشه في الفترة الحالية هو هذه الحالة من الإستقرار السياسي والأمني، لكن هذا الإستقرار يجب ان يترافق مع انتعاش اقتصادي. وهنا يجب ان نذكر دور الإعلام في نقل الصورة الأفضل عن البلد وليس فقط التشنجات والأمور المضرة بسمعتنا.

في الوقت الحالي لا زلنا نراقب ونتمنى الأفضل، لكن بالنظر إلى المؤشرات لا يمكننا التفاؤل كثيراً.

نحن كنقابة مطاعم نقوم بأقصى ما يمكننا القيام به ليس فقط على صعيد الدولة بل في الخارج أيضاً، إن كان عبر المشاركة بالمؤتمرات والمعارض أو حتى المحاضرات.

وأعتذر عن هذه السلبية لكن هذا الواقع الذي نعيشه. كما ولا بد من الإشارة الى دور النقابة الذي تلعبه من خلال العمل على نشر المطبخ اللبناني في بلدان العالم من خلال تصدير منتجاتنا الغذائية والأشخاص الذين يعملون في هذا المجال، بالإضافة الى الإهتمام بنشر المطابخ العالمية في لبنان. هذه المؤسسات اليوم باتت سفيرا للبنان في الخارج.