خاص ــ الاقتصاد

العلاقة التجارية القديمة لم تكن ضمانة كافية لرجلي أعمال، وقعا ضحية صديقهما الذي باعهما ​شقق​اً سكنية في مشروع قيد الإنشاء، بعد أن سددا له مئات آلاف الدولارات ثمن تلك الشقق التي ذهبت أدراج ​الرياح​، خصوصاً عندما إكتشف الضحيتان أنهما إشتريا مشروعاً على الورق، و​خرائط​ تشييد بناء تطايرت خرائطه في الهواء، فيما استولى الصديق على الأموال واختفى عن الأنظار.

الدافع الأكبر لرجلي الأعمال "عصام. ب" و"علاء. د" والذي حملهما على خوض هذه المغامرة، معرفتهما المسبقة بالمتهم "زياد. خ" وشقيقه ووالده، الذين يعملون في مجال تشييد الأبنية وبيع الشقق السكنية، ولكون "عصام" اشترى سابقاً شقة من شقيقه "طارق" ومحلين تجاريين خلال العام 2014، كان المدعيان (عصام وعلاء) يرغبان بشراء شقق سكنية، فالتقيا بالمتهم "زياد. خ" الذي فور علمه برغبتهما بشراء الشقق وجدها فرصة مؤاتية للإستيلاء على أموالهما، فعرض عليهما أن يبيع كلّ منهما ما يرغب من شقق، وأوهمهما بقيامه بتشييد بناء في منطقة المزرعة العقارية، بعدما أطلعهما على على صورة اتفاقية مشاركة لإقامة بناء على العقار المذكور منسوب تنظيمهما الى الكاتب العدل في بيروت، موقع من "محي الدين. ح"، بالاصالة عن نفسه وبالوكالة عن شقيقتيه بصفتهم مالكي العقار المذكور.

لم يكتف "زياد. خ" بهذا العرض، وإمعاناً منه في اقناع صديقيه بمشروعه والمضي بشراء الشقق، أطلعهما على صورة سند توكيل عقاري منسوب تنظيمه لكاتب العدل في بيروت نفسه، وموقع من "محي الدين. ح"، يتضمن إعطاء "زياد" حقّ بيع وترفيع وتسجيل الشقق الواقعة في الطوابق الثاني والخامس والسابع من البناء المنوي تشييده لمن يرغب ويشاء، فإقتنع المدعيان بشراء الشقق المذكورة في البناء المنوي تشييده، وعلى هذا الأساس تمّ توقيع اتفاقيتين في ما بين المدعي "عصام" والمتهم، الأولى جارية اشترى بموجبها المدعي ثلاث شقق في الطوايق الثاني والخامس والسابع بمبلغ اجمالي قدره 495.000 دولار أميركي، وسدد له فور التوقيع على العقد مبلغ 230.000 دولار، وودفع باقي المبلغ اقساطاً شهرية.

أما الاتفاقية الثانية فهي بين المدعي "علاء" والمتهم "زياد" اشترى بموجبها الأول شقة في الطابق الخامس في البناء المنوي تشييده على العقار المذكور في المزرعة، لقاء مبلغ 165.000 دولار أميركي، سدد من أصله فوراً مبلغ 100.000 دولار أميركي، على أن يدفع باقي المبلغ أقساطاً شهرية، وتبين أن المدعيين لاحظا لاحقاً عدم مباشرة "زياد" بتشييد العقار المذكور، فراجعا والده الذي أعلمهما بأن عقد المشاركة لم ينفذ وبالتالي لن يتم تنفيذ مشروع البناء، ولدى قيامه بمراجعة الكاتب االعدل تبين أن سند التوكيل العقاري واتفاقية المشاركة مزوران، إذ أن اتفاقية المشاركة تعود لوكالة بيع سيارة، وأن سند التوكيل العقاري عائد لسند توكيل لمحامي من أجل المرافعة، وعلى أثر ذلك قام المدعيان بتقديم شكوى جزائية ضدّ المتهم "زياد. خ"، وخلال محاكمة المتهم أمام ​محكمة​ الجنايات، تخلّف الأخير عن حضور الجلسات فتقرر محاكمته بالصورة الغيابية، وقد طلب وكيل الجهة المدعية بالزام المتهم بدفع مبلغ 660 ألف دولار أميركي قيمة الأموال التي قبضها من المدعيين، إضافة الى مبلغ 200 ألف دولار أميركي بمثابة التعويض عن العطل والضرر اللاحق بالمدعيين.

محكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضي سامي صدقي وعضوية المستشارين القاضيين مالك عبلا ولمى أيوب أكدت في حيثيات الحكم الذي اصدرته، أنها توصلت الى قناعة تعززت بقرينة فرار المتهم، بأن الأخير أقدم على تنظيم اتفاقيتي بيع شقق سكنية وسند توكيل مزورين، وذلك بهدف ابتزاز أموال المدعي بالصورة الاحتيالية، وقررت إنزال عقوبة الأشغال الشاقة به مدة سبع سنوات وتجريده من حقوقه المدنية واعتباره فاراً من وجه العدالة، ومنعه من التصرف بأمواله المنقولة وغير المنقولة وتعيين رئيس قلم المحكمة قيّماً على هذا الأموال، وإنفاذ مذكرة القاء القبض الصادرة بحقه. وقررت المحكمة الزام المتهم بدفع مبلغ 880.000 دولار أميركي للمدعيين أو ما يعادلها بالعملة اللبنانية بتاريخ الدفع، وذلك بدل الأموال التي استولى عليها إحتيالاً من المدعيين، إضافة الى العطل والضرر اللاحق بهما وتغريمه المصاريف القانونية.