بعد مؤتمر سيدر 1 وقبل الانتخابات النيابية ، وضع ​صندوق النقد الدولي​ 4 سيناريوهات لمستقبل ​الاقتصاد اللبناني​ لغاية العام 2023، تبيّن من خلالها ان اتجاه لبنان لتطبيق برنامج الحكومة الاستثماري من دون اي اصلاحات مالية وهيكلية، ستكون له نتائج كارثية على مستوى ​الدين العام​ واحتياطي العملات الاجنبية.

أجرى الصندوق تقييماً أوليا لأداء الاقتصاد اللبناني في السنوات الخمس المقبلة أي في الفترة الممتدة من 2019 لغاية 2023.

واستند التقييم الى 4 سيناريوهات رسمها للبنان:

1- عدم إجراء أي تغيير في السياسات المتّبعة.

2 - إجراء تعديل في السياسات المتّبعة.

3- تطبيق برنامج الاستثمار الحكومي البالغة قيمته 23 مليار دولار لتأهيل البنى التحتية.

4- تطبيق برنامج الاستثمار الحكومي بالاضافة الى اصلاحات مالية وهيكلية.

وليس بعيداً عن عن هذه السيناريوهات التي تضعها الهيئات الدولية حول الاقتصاد اللبناني بعدما دخل دائرة الخطر الحقيقي ، سيما بعدما دق ناقوس الخطر ​رئيس الجمهورية العماد ميشال عون​ منبّها من الإفلاس لا بد من نبش مشاريع قوانين تم إعدادها بهدف خدمة الاقتصاد وتحريره من القيود البيروقراطية والضريبية وغيرها...

ما هي ابرز هذه القوانين ؟

الحاج

الخبير الاقتصادي​ الدكتور رازي الحاج يلفت الى وجود رزمة قوانين ومشاريع تخدم الاقتصاد و من الاهمية إقرارها والمضي بها لتحفيز النمو وتحريك عجلة الاقتصاد.

وابرزها ما هو في ​مجلس النواب​ مثل :

اولا ً : قانون المنافسة و من شأنه تأمين المنافسة والنفاذ الى الاسواق عبر منع كل الممارسات المخلة وعمليات استغلال الوضع المهيمن، وبالتالي زيادة رفاهية ​المستهلك​ وتحفيز الفعالية الاقتصادية والاعمال الخلاقة.

ويقول الحاج " للاقتصاد" هذا مشروع القانون بحاجة الى البت سريعاً لأنه يفرمل ​ارتفاع الاسعار​ المتصاعد وغير المبرر لاسيما المواد الاستهلاكية الاساسية وغيرها...

ثانياً: مشروع قانون دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مع المراسيم التطبيقية. وهو من شأنه تحديد المؤسسات المستفيدة ؛ اي المؤسسات الواجب اعفاءها من رسوم التسجيل والضرائب .

وبات من الضروري تشجيع انشاء المؤسسات والشركات في المناطق النائية بتقديم الحوافز المشجعة كالإعفاء من رسوم التسجيل والضرائب لمدة معينة قد تصل الى 10 سنوات اذا اقتضى الامر . وايضاً تشجيع ​سيدات الاعمال​ و​الشباب​ الذين ينوون تأسيس الشركات فيما انهم لا يملكون رأسمال الكاف.

ثالثاً: مشروع اللامركزية الادارية وهناك مسودة بشأنه قمت باعدادها .

وقال: من المهم ان لا تتحوّل الاقضية الى بلدية كبيرة، لا بل ان يكون لمجلس القضاء صلاحيات تتناول بعض التشريعات الضريبية المساعدة على تحفيز ال​استثمارات​ في الاقضية.

ومن المعلوم ان مجلس القضاء يستطيع استناداً الى خبرته ومعرفته لواقع وحاجات البلدات التي هي ضمن القضاء تحديد المناطق الصناعية وما يمكن ان يطبق عليها من تشريعات ضريبية واعفاءات .

هذه القوانين تنموية الاهداف وهي ملحّة يتابع الحاج.

ام على مستوى ​مجلس الوزراء​ فمن البديهي ان يشكل التزامه بتوصيات مؤتمر سيدر اكبر الاعباء ، في ظل عجز المؤسسات المحلية عن استيعاب المعايير العالمية المفروضة مع سقف الشروط المرتفع. لذلك من المهم انشاء وزارة مستقلة تكون مزودة بجهاز خاص للمتابعة او انشاء جهاز متفرّع ضمن وزارة التنمية الادارية، تتوّفر لديه كل المستلزمات للتخطيط لضمان ​التنمية المستدامة​ للسنوات الاربع المقبلة.

اما بالنسبة للعقوبات الاميركية، فاعتبر الحاج ان كل من وزارة المال و​مصرف لبنان​ عندهما الخبرة العلمية الكافية للتعاطي مع هذا الموضوع بحكمة ودراية .

تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم

من جهته ، تمنى مجلس إدارة تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم من مجلس النواب المنتخب دراسة وإقرار القوانين الإقتصادية العالقة، وأولها إنضمام لبنان الى ​منظمة التجارة العالمية​ و​تحديث​ قانوني التجارة والعمل وغيرها من القوانين الجوهرية لانماء الاقتصاد وتطوره .

واعلن رئيسه الدكتور فؤاد ​زمكحل​ انه سيتم " تقييم التنفيذ لدى المجلس النيابي الجديد وليس الوعود ، كما سيقيّم الأفكار والمشاريع وليس الأشخاص، والنتائج ليس في عدّ الأصوات، لكن في إرتفاع الأرقام الإنمائية والإقتصادية، وعلى رأسها النمو والإستثمار، والحد من ​البطالة​، والمحاربة الفعلية للهدر والفساد، وتحسين نسبة العيش ومدخول الأسر".

وابدى المجلس " جهوزيته لمواكبة هذا العهد النيابي الجديد، وللمشاركة والمناقشة في اللجان الإقتصادية المتعددة لتحسين بيئة الاعمال، مشيرا إلى أنه أمامنا فرصة جوهرية لنُثبت للعالم أجمع بأن لبنان يستطيع أن يحيا إقتصادياً مجدداً، ويلعب دوره الريادي كمنصة إقتصادية وإستثمارية إقليمية".

القوانين في خدمة الاقتصاد

القوانين المشرعة لتحريك الاقتصاد كثيرة ومن المهم ان تخدم زيادة الإستثمارات العامة والخاصة في قطاعات ​البنية التحتية​ مثل ​الكهرباء​ والاتصالات والطرقات و​المياه​ وغيرها، من أجل تحديثها وتطويرها لكي تلعب دوراً مساعداً في تحريك ​معدلات النمو​ الاقتصادي صعوداً. ومن المعلوم بأن قطاع الكهرباء يحتاج إلى إصلاح حقيقي، حيث صرف عليه أكثر من 13 مليار دولار منذ العام 1991 وما زال يستنزف مالية الدولة العامة، حيث إن تحويلات الدولة لمؤسسة ​كهرباء لبنان​ بلغت نحو 1.3 مليار دولار لعام 2017 أي حوالي 34% من أصل قيمة العجز المالي ونحو 8.4% من قيمة النفقات العامة، وهو بالتالي يغذّي نمو الدين العام. ومن الضروري زيادة الإستثمارات العامة والخاصة في قطاع الكهرباء، وتحديداً في إنشاء وحدات إنتاجية جديدة من أجل زيادة عرض ​الطاقة​ الكهربائية لتلبّي إحتياجات الطلب المتزايد عليها. كذلك فإن ​قطاع الاتصالات​، المفترض أن يوفّر للخزينة العامة ​إيرادات​ كبيرة، لا يؤمّن أكثر من 1.3 مليار دولار أي نحو 11.2% من الإيرادات العامة. وإن إصلاح قطاع الاتصالات يتطلب تحريراً له بحيث تزداد المنافسة بين شركات ​القطاع الخاص​ التي ستدخل إليه، وتساهم في تحديث وعصرنة وتطوير هذا القطاع الحيوي ومساهمته الإقتصادية.

المساءلة المالية

وفي غضون ذلك ، لايمكن إغفال انه مع اي ​مشروع جديد​ من الضروري المطالبة بتغييرات هيكليّة لزيادة المساءلة في الماليّة العامّة وخفض الفساد، وبتعزيز إطار إدارة الاستثمار العام قبل الالتزام بأي استثمارات كبيرة وجذب الرساميل الدوليّة لهذا الغرض. وتُعتبر الأطُر التنظيميّة بشكل خاص جوهريّة ل​مكافحة الفساد​، مثل توفير الحماية القانونيّة للمبلّغين عن المخالفات، والارتقاء بعمليّات مراجعة الحسابات المستقلّة، واعتماد التشريعات الّتي تشترط على المسؤولين الحكوميّين التصريح علنًا عن ممتلكاتهم، وتعزيز الشفافيّة في مجال المشتريات العامة، وتزويد وكالة مكافحة الفساد المنوي إنشاؤها بصلاحيّات فعليّة.

في 6 نيسان 2018، أطلقت الحكومة اللبنانيّة برنامجًا للاستثمار الرأسمالي لربّما هو الأكبر في تاريخ البلاد، إذ تزيد قيمته عن 20 مليار دولار. وقد نُظّمَ مؤتمر سيدر في ​باريس​ والّذي يستهدف التحسينات الضروريّة في منظومة البنية التحتيّة الضعيفة للبلاد، لتأمين دعم المانحين الأجانب. ثمة إقرار عام بأنّ لبنان يعاني من التردّي الوخيم لنوعيّة بنيته التحتيّة، سيّما عند مقارنتها بدول أخرى مشابهة من حيث عدد السكّان ومستوى التنمية الاقتصاديّة، و من هنا السلطتان التشريعية والتنفيذية اما تحد صعب والعبرة في اجتياز هذه المرحلة بنجاح.