احتج الشارع الاردني على مشروع قانون ضريبة الدخل المعدل الذي من شأنه ان يوسع قاعدة الخاضعين للضريبة، والذي رفعته الحكومة إلى مجلس النواب لبحثه وإقراره في دورة استثنائية مرتقبة خلال شهرين، مشروع رأى فيه العمال والنقابات اجحافا كبيرا بحقهم، فلاقت دعوة الإضراب صدى واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي كما في الشارع، فحققت استجابة شعبية كبيرة ونجحت في شلّ معظم المرافق الحيوية في القطاعين العام والخاص، واغلقت المحال التجارية وتوقف العاملون في مختلف الدوائر والمؤسسات عن اعمالهم، وارادت النقابات الفاعلة من هذا التحرك الشعبي توجيه رسالة تحذيرية للحكومة واعدة بالتصعيد في حالة عدم الامتثال للمطالب والمس بلقمة عيش المواطن .

وشارك في هذا الاضراب حوالي 15 نقابة بالاضافة الى الاتحادات والجمعيات الغذائية ومؤسسات المجتمع المدني بالاضافة الى الاتحاد العام لعمال الاردن، كما ابدى منتدى الاستراتيجيات الأردني تحفظا على العديد من المواد التي وردت في مشروع القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل التي رأى أنها لن تؤدي الى نمو اقتصادي أو الى جذب وتشجيع الاستثمار، كما لن يؤدي هذا القانون الى تحقيق الرفاه والازدهار للأردنيين بل إن بعضها جاءت معاكسة لذلك.

واعلنت ​الحكومة الاردنية​ في وقت سابق ان الأسباب الموجبة لتعديل القانون هي تحقيق مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية وبما لا يتجاوز مقدرة المكلفين على الأداء وحاجة الدولة إلى المال بالاضافة الى زيادة العقوبات على المتهربين ورفع كفاءة التحصيل، غير أن هذه التعديلات المرتقبة تتضمن خفض الإعفاءات ما يخضغ أغلب المواطنين للضريبة، وما يزيد الأعباء المعيشية في الدولة، وبالتالي سيؤدي الى زيادة معدلات التضخم والفقر في البلاد .

وبموجب هذا المشروع تعتزم الحكومة الاردنية رفع ضريبة الدخل على البنوك والشركات المالية وشركات التأمين وشركات إعادة التأمين والأشخاص الاعتباريين الذين يمارسون أنشطة التأجير التمويلي إلى 40% بدلا من 30% في القانون الساري الحالي كما سيتم رفع ضريبة الدخل على شركات تعدين المواد الأساسية إلى 30% بدلا من 24%، فيما أبقى مشروع القانون على ضريبة دخل بنسبة 24% لشركات الاتصالات الأساسية وشركات توزيع وتوليد الكهرباء وشركات الوساطة المالية، ووفقا للتعديلات الجديدة سيتم تخفيض ضريبة الدخل للعائلات إلى 22.7 ألف دولار، فيما يبلغ حاليا 33.9 ألف دولار، وللأفراد إلى 11.2 ألف دولار بدلا من 17 ألف دولار، كما سيتم إلغاء الإعفاءات الإضافية الممنوحة للأسر والمقدرة بمبلغ 56 دولارا الممنوحة حاليا بدل فواتير استشفاء وتعليم.

وتهدف الاجراءات الجديدة للحكومة الاردنية الى توفير إيرادات تصل إلى 395 مليون دولار سنويا موزعة على 212 مليون دولار من التهرب الضريبي و183 مليون دولار من التعديلات للشرائح وتقليص حجم الإعفاءات.

وفي هذا الاطار وللوقوف عند اجواء الاضراب العام في الاردن ونسبة امتثال المواطنين والالتزام به واسباب هذا التحرك النقابي والشعبي بالاضافة الى الخطوات المستقبلية كان لموقع "​الاقتصاد​ " اتصال خاص مع المحلل الاقتصادي من الاردن وجدي مخامرة .

مخامرة : الاضراب في الاردن نجح نسبيا وعبّر عن الرفض الشعبي للتوجهات الاقتصادية للحكومة

اعتبر مخامرة ان الاضراب الذي شهده الشارع الاردني نجح بشكل نسبي وحقق استجابة شعبية كبيرة، ويأتي هذ التحرك نتيجة طرح الحكومة قانون ضريبي جديد بشكل مفاجئ من دون التواصل مع اي من القطاعات الانتاجية في البلاد الامر الذي لاقى معارضة قوية ورفض نقابي وشعبي واسع.

واعتبر مخامرة ان الهدف من هذه القانون هو تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي بالاضافة الى الحد ومنع التهرب الضريبي الذي يتراوح بين 500 مليون دينار الى حوالي 1 مليار دينار وزيادة عدد المكلفين بالدفع وتقليل الاعفاءات بالنسبة للافراد، كما سيكون هناك لجنة تحقيق مالية للمتهربين من الضرائب وتم تحويل العقوبة من جريمة الى جناية بالاضافة الى السجن والغرامات، وسيتم فرض ضريبة تصاعدية بالاضافة الى زيادة الضرائب على البنوك والتأجير التمويلي .

واضاف مخامرة ان تعديلات قانون ضريبة الدخل هذه لا تتوافق مع تطلعات قطاع الصناعة نظرا الى انه سيرفع من عدد المكلفين بالاضافة الى زيادة نسب الضريبة على الرواتب التي تتخطى الـ700 دينار يضاف الى ذلك ضرائب جديدة تطال القطاعات المنتجة وينظر المواطن الاردني الى هذا القانون ويعتبره مجحفا بحقه.

واضاف مخامرة ان النقابات دعت الى هذا الاضراب وطالبت بسحب القانون قبل عرضه على مجلس الامة لكن الحكومة لم تمتثل للمطالب الشعبية، فجاء هذا الاضراب الذي شهدناه اليوم للتعبير الشعبي عن رفض هذا القانون ورفض توجهات الحكومة التي لا تصب في مصلحة الاردن لان من شأنها ان تزيد الاعباء على المواطنين وستؤدي الى طرد الاستثمارات والى اقفال الكثير من المصانع نظرا لزيادة الكلفة على الموظفين واصحاب العمل والقطاعات المربحة.

وختم مخامرة بالقول انه لا يمكن التوقع الى ما ستؤول اليه الاوضاع في الايام المقبلة ولكن من الممكن ان يشهد الشارع الاردني مزيدا من التصعيد نظرا الى ان مجلس النقباء دعوا الى اضراب اوسع الاربعاء المقبل في حال لم تمتثل الحكومة للمطالب الشعبية .