المرأة ال​لبنان​ية هي "أخت الرجل" وشريكة له، كما أن دورها العائلي والمهني، لا يقل أهمية عن دوره. ومن هنا، نرى عددا كبيرا من ​النساء​ الرائدات في مختلف المجالات، واللواتي حققن إنجازات عدة محليا، إقليميا، وعالميا.

وقد أثبتت السيدة عفاف بلعة زيدان جدارة واضحة في تولي المهام الموكلة إليها، وتحمل المسؤوليات الكبرى، والإمساك بزمام الأمور، دون التخلي عن أولويتها الأساسية: العائلة.

في هذه المقابلة الخاصة مع "الاقتصاد"، سنتعرف الى عفاف بلعة زيدان، التي أطلقت معجون "Da3douka" لبناني الصنع، والذي ينافس أكبر الماركات العالمية:

قدمي لنا لمحة مختصرة عن مسيرتك الأكاديمية والمهنية؟ 

تخصصت في التربية الحضانية، كما خضعت لدورات عدة متعلقة بتخصصي وبمجال ​إدارة الأعمال​ أيضا.​​​​​​​

ما هي المراحل التي مررت بها حتى قررت إطلاق "Da3douka"؟

عندما تزوجت لم أفكر أبدا بالعمل، بل فضلت الاهتمام بالمنزل والأولاد فقط، ولكن عندما بدأت التحديات الحياتية والظروف المعيشية الصعبة بالظهور، بسبب الأوضاع غير المستقرة في لبنان، اضطررت الى مساعدة زوجي في تأمين مدخول المنزل، وبدأت بالبحث عن وظيفة.​​​​​​​

لكنني للأسف لم أجد أي فرصة مناسبة، وذلك بسبب غيابي عن سوق العمل لفترة، وعدم اكتسابي الخبرة اللازمة، وبالتالي قررت العودة الى الدراسة، من أجل تعزيز مستوى شهادتي.​​​​​​​

تخصصت في البداية في مجال ​علم​ النفس لكنني لم أحبه، فتوقفت عن الدراسة، وتوظفت بعد ذلك في حضانة، إنما لم أتمكن من مواصلة العمل، لأنه يتطلب الكثير من الجهد و​الطاقة​، وكنت أشعر بتعب كبير، ما يؤثر على تواصلي السليم مع أولادي واهتمامي بهم؛ فالأولوية الدائمة بالنسبة لي هي لمنزلي وأولادي.​​​​​​​

ولهذا السبب، بدأت بالعمل من المنزل في الأشغال اليدوية، وكنت أبيعها الى التجار، لكن هذا العمل كان موسميا فقط، وبالتالي حصلت على وظيفة إدارية في مركز اجتماعي في ​صيدا​، حيث كنت مسؤولة عن البرامج، وعن الطلاب المتسربين من المدارس.

بعدها، فكرت بالقيام بمشروع ضمن اختصاصي، يهدف الى تنمية مهارات الطفل الفنية والفكرية، ولكن ضمن تكلفة متواضعة. فاشتريت الأدوات، وبدأت بالتوجه الى المطاعم والصالات من أجل ترفيه الأطفال، من خلال الرسم على الوجه، وصب الجص، والتلوين،... واستمرينا بهذا العمل تحت اسم "Junior Arts"، لمواسم صيفية عدة، وكانت فريق العمل مكون حينها مني ومن أولادي.​​​​​​​

بعد فترة، افتتحت زواية خاصة في "​سبينس​" في صيدا، ومن ثم في منطقة الهلالية. ومن هنا، شرعت في التفكير عن بديل للمعجون الذي أشتريه من الأسواق، وبدأت بالبحث على ​الانترنت​ عن وصفات آمنة. واستمريت بالعمل في المعجون لمدة سبع سنوات، حتى أطلقت الوصفة الثابتة بشكل رسمي منذ حوالي سنتين.​​​​​​​

ولكن عندما مرض زوجي وتوفي، أوقفت العمل في "Junior Arts" وفي المعجون، وهنا يكمن التحدي الأكبر بالنسبة لي.

ما هي "Da3douka"؟   

"دعدوكة" هي معجونة لعب للأطفال مصنوعة من مواد طبيعية، ومتوفرة بثلاثة ألوان أساسية، هي أحمر، أصفر وأزرق. ويمكن مزج الألوان الأساسية للحصول على ألوان ثانوية، وهي برتقالي، وأخضر، وبنفسجي، وبني.

كما أن رائحة الفاكهة اللذيذة تفوح "دعدوكة"، وهي تأتي بأجحام مختلفة: علب صغيرة 3×150 غرام، علب متوسطة 3 × 500 غرام، وعلب كبيرة 6×500 غرام.​​​​​​​

ولا بد من الاشارة الى أننا نقدم عروضا خاصة عند طلب كميات ولدور الحضانة، ولكن يجب تبليغنا بالطلبية قبل أسبوع واحد على الأقل من التاريخ المحدد لاستلامها.

كيف تمكنت من العودة الى سوق العمل بعد وفاة زوجك؟

بعد أن توفي زوجي، فكرت بإعادة افتتاح المركز ذاته، لكن الأمر كان صعبا للغاية بسبب التكاليف المرتفعة، كما أن قاعدة المنافسة باتت أوسع.

وبما أن خطة العمل لا تزال موجودة، عدت الى مراجعتها، وقررت دراستها من أجل تسويق المعجون "Da3douka"؛ وهذا ما حصل، فأنا أعمل اليوم من المنزل، وأوصل الطلبيات الى الزبائن، كما أنظم ورش العمل الخاصة بموضوع الأطفال والتربية الفكرية والفنية.

​​​​​​​

وبالتالي فإن اسمي لا زال موجودا في السوق ضمن منطقة صيدا. ومن خلال ​مواقع التواصل الاجتماعي​ أيضا، تمكنت من الانتشار بشكل أوسع بين الناس. لكنني لا أتكل عليها 100%، بل أفضّل التواجد على أرض الواقع والتواصل مع الزبائن، وذلك من خلال المشاركة في المعارض والمهرجانات في مختلف المناطق اللبنانية.​​​​​​​

هل تجدين إقبالا على "Da3douka" في ظل المنافسة العالمية الكبيرة؟

بصراحة​، لم أتوقع أن تلاقي "Da3douka" هذا الكم الواسع من الإقبال، والأصداء ايجابية على الدوام، اذ أن النتائج جاءت أفضل بكثير من التوقعات. فالناس يقارنون بين نوعية "Da3douka" والمعجون الموجود في الأسواق، ويجدون فرقا شاسعا.

فمعجون "Da3douka" تفوح منه رائحة ​الفواكه​، كما أنه محلي الصنع، وطري، وغير لزج، ولا يلتصق باليدين، وبالتالي لا يضايق الطفل أثناء اللعب. وبالاضافة الى ذلك، يمكن إبقاءه خارج البراد لمدة شهر.

وبالاضافة الى ذلك، نحن ننظم ورش عمل، من أجل التركيز على الترفية المرح، وكيفية تعليم الأطفال من خلال اللعب. كما نهتم بإعادة الحس الإبداعي للطفل، في ظل هيمنة الانترنت و​الأجهزة اللوحية​ التي تبعده عن النشاطات الخلاقة، ونشجع الأمهات على العمل مع أولادهن من أجل تعزيز التواصل في ما بينهم.​​​​​​​

ما هي مشاريعك المستقبلية؟

أطمح للتوسع الى خارج لبنان، لكن هذه الخطوة تأتي في مرحلة لاحقة، اذ أركز اليوم على تثبيت "Da3douka" في لبنان.

ما هي الصفات التي أسهمت في تقدمك المهني؟

أولا، الصبر والتحدي.

ثانيا، أن يكون الهدف واضحا أمامنا، فالنجاح قد يتطلب وقتا طويلا لتحقيقه، في ظل الظروف القائمة في لبنان.​​​​​​​

ثالثا، عندما تكون المرأة زوجة وأم، ستتحمل مسؤوليات كبيرة، لكنها ستصل في النهاية الى طموحاتها كافة، اذا ثابرت وتحلت بإرادة صلبة.

برأيك، هل تقدمت ​المرأة اللبنانية​ في سوق العمل؟​​​​​​​

لقد شاركت في العديد من الدورات الهادفة الى تمكين المرأة ودعمها، كما أنني أتابع كثيرا النساء الناجحات في لبنان والخارج، من أجل التعلم من تجاربهن، والتعرف الى التحديات التي قد تواجههن، وكيفية تحقيق التوازن، وعدم التقصير تجاه العائلة أو المهنة.​​​​​​​

ما هي نصيحة عفاف بلعة زيدان الى النساء في لبنان؟

أولا، المرأة تحمل رسالة بحد ذاتها وهي الأمومة، وبالتالي عليها تثبيت أولويتها للمنزل. فالأسرة في لبنان، لا زالت متماسكة الى حد ما، وغير متفككة كما هو الحال في الخارج، ولكن من خلال عدم التوازن بين المنزل والعمل، قد نصل للأسف الى هذه المرحلة.

ثانيا، يجب أن تعمل المرأة وتسعى الى تحقيق أهدافها، لأنها تتمتع بقدرات كبيرة تتيح لها التميز والوصول الى أبعد الحدود.

ثالثا، لا يجب أن تضع العمر عائقا أمامها، لأن التقدم في السن لا يقف أبدا في طريق أي سيدة.

رابعا، عليها أن تكتب كل فكرة ترد الى ذهنها، دون الاستخفاف حتى بأصغر الأفكار وأكثرها تواضعا، لأن فكرة واحدة قد تشكل نقطة البداية لأي مشروع ناجح.