خاص ــ الاقتصاد

من ​قروض​ شخصية لتيسير الحال، الى شراء منزل في وسط بيروت، وصولاً الى إصدار شيكات مؤلجة الدفع واتهامات بالمراباة، انتهت العلاقة ال​مالي​ة بين سيدتين أمام الدوائر القضائية التي فصلت بنزاعهما، وبددت كلّ علاقات الصداقة والقربى التي كانت تجمع بينهما لسنوات.

معطيات هذه القضية توفرت من خلال دعوى جزائية تقدّمت بها "ندى. ع"، أفادت في مضمونها أنها إقترضت مع زوجها "هاني. س" مبلغاً مالياً من  المدعى عليها "رانيا. ر"، وحررت لها مقابل هذا المبلغ شيكات مؤجلة الدفع، تثبت قيمة القرض البالغة قيمته 100 ألف دولار أميركي، بالاضافة الى فائدة قدرها 55200 دولار، أي بما يوازي فائدة نسبتها 20.6 بالمئة، واعتبرت أن "رانيا" ارتكبت جرائم منح قروض بالمراباة واستغلال حالتها المادية الصعبة، وقبض شيكات منها تعلم مسبقاً أنها من دون رصيد.

بناء على هذه ​الشكوى​ جرى استجواب "رانيا" التي أنكرت ما نسب اليها، وأكدت أنها سلمت "ندى" مبلغ 100 ألف دولار أميركي نقداً، الا أنه ليس لديها اثبات على الدفعة النقدية، وأوضحت أن هدف الاقراض هو مساعدتها على شراء شقة سكنية، على أن تعيد لها المال دفعة واحدة كون المدعية تملك شقة في الوسط التجاري، كانت بصدد استعادة الأموال التي سددتها ثمناً لها.

وعزت "رانيا" سبب تقديم الشكوى ضدّها لأسباب غير مالية، إذ أوضحت أنها  طلاقها من زوجها الذي هو خال المدعية الشخصية (ندى)، طلبت من الأخيرة تسديد كامل المبلغ وتوجهت الى محل زوج المدعية "هاني. س" في الحمراء، حيث فوجئت بتنظيمة 14 شيكاً من حساب زوجته، الا أنها أصرت على كامل المبلغ فأخبرها زوج "هاني" أنه سوف يستحصل على دفتر شيكات جديد ينظم لها شيكاً بكامل المبلغ، وأنها اتصلت بالمحامي وكيلها قبل استلام الشيكات الذي طلب منها استلام الشيكات وفي حال عدم قبضها يتم تقديم شكوى، الا أنه حذرها أن الهدف من الاستحصال على دفتر الشيكات هو المماطلة، وأنكرت علمها لدى استلامها الشيكات بأنها دون مؤونة، وأقرت بأنها قبضت قيمة 12 شيكاً، ولدى سؤالها عن تفسيرها لاستلام شيكات مؤرخة بتاريخ لاحق لتقديم لادعاء، اكتفت بالاجابة أنه يقتضي توجيه السؤال الى المدعية وزوجها.

بناء على هذه الإفادة، جرى الإستماع الى "هاني. س" زوج المدعية بصفة شاهد وعلى سبيل المعلومات، فأفاد بأنه كان يقترض المال من "رانيا" بشكل دائم من أجل تسهيل أموره التجارية وشراء البضاعة، لكن قرض المئة ألف دولار أميركي كان من أجل شراء منزل، وأن زوجته نظمت الشيكات كون اسمه مدرج على اللائحة السوداء وأنه سلم الشيكات دفعة واحدة الى المدعى عليها "رانيا" خلال لقاء جمعهما في ​مطعم​ بمنطقة السوديكو، وأنه بسبب عدم تأمينة مؤونة الشيكات المؤجلة، أصبح يشدد قيمة كل شيك على دفعتين ثم يسترجع الشيك من خلال سائق المدعى عليها.

قاضي التحقيق في بيروت وائل صادق الذي اجرى تحقيقاته في القضية، اعتبر أن مجمل معطيات الملف، تبين أن المدعى عليها "رانيا. ر" استلمت من المدعية الشخصية وزوجها الشيكات موضوع الشكوى الراهنة، مع علمها أنها من دون مؤونة، بدليل التسلسل في تواريخ اصدار الشيكات والتسلسل في أرقام معظمها، فضلاً عن عدم انكار المدعى عليها استلامها شيكات مؤجلة ومؤرخة بتاريخ لاحق لتقديم الشكوى، بالاضافة الى وجود علاقة قربى بين فريقي الدعوى من شأنها أن ترجح معرفة المدعى عليها بعدم توفر مؤونة للشيكات التي استلمتها، وأنه تبعاً لذلك يكون فعل المدعى عليها يؤلف جرم المادة 667 من قانون العقوبات، التي تنص على انه يعاقب بالسجن من ثلاثة اشهر حتى ثلاث سنوات من اقدم عن معرفة على استلام شيك من دون مؤونة، وتضاعف العقوبة اذا كان حامل الشك قد استحصل عليه لتغطية قرض بالربا حتى ولو لم يكن متدخلا.

أما بما خصّ الادعاء بجرم المادة 662 التي تنص على انه من رابى شخصا لاستغلال ضيق ذات يده عوقب بالسجن بمدة لا تتجاوز السنة وبغرامة ماليه، والمادة 661 والتي تنص على ان كل قرض مالي لغاية غير تجارية يفرض على المستقرض فائدة اجمالية ظاهرة او خفية لمعدل يزيد عن الـ12 بالمئة سنويا يؤلف قرض مراباة،  فإنه يقتضي لتحقيق هذين الجرمين توفر عدة شروط، من بينها استغلال ضيق ذات اليد، وأن يكون الدين لغايات غير تجارية، وأنه بالعودة الى معطيات القضية يتبين من أقوال زوج المدعية أنه تاجر ألبسة وهدايا، وأنه كان يقترض من المدعى عليها المال لتيسير أمور تجارته، ما يعني أنه كان يقترض لأمور تجارية، فضلاً عن أن المدعية لم يثبت أنها كانت بحال ضيق مادي هي وزوجها، إذ تبين أن سبب القرض هو شراء منزل سكني.

وخلص القاضي صادق الى الظنّ بالمدعى عليها "رانيا. ر" بجنحة المادة 667 من قانون القوبات لجهة، تسلمها شيكات مصرفية مع علمها أنها من دون مؤونة، ومنع االمحاكمة عنها من جرم المراباة، وأحالها على القاضي المنفرد الجزائي في بيروت لمحاكمتها.