تشهد العلاقات بين مصر و​السودان​ ومنذ ​زمن​ طويل تأرجحا مستمرا حيث تتطور الى افضل مستوياتها ثم تتدهور الى حد القطيعة، ومن الواضح ان حلم وحدة وادي ​النيل​ الذي يتمناه الشعبان المصري والسوداني ما يزال بعيد المنال، فالاسباب التي تعكر صفو العلاقات بين البلدين عديدة ولعل الجدل القائم حول ​سد النهضة​ ساهم في جعل هذا التوتر أكثر بروزا، فالسد الذي سيقع في الاراضي  الإثيوبية، على بعد 40 كيلومترا من الحدود السودانية والذي ايده ​الخرطوم​ رأت مصر فيه تهديدا على تدفق نهر النيل إلى أراضيها وسيقلص حصتها من مياه النهر .

وشهدت السنوات الماضية تقدما واضحا في العلاقات السودانية المصرية حيث تزايد تدفق رجال الأعمال بين البلدين، وهو الأمر الذي نتجت عنه زيادة ​التبادل التجاري​، وضاعف عدد ​الشركات المصرية​ في السودان ، ليأتي فشل الاجتماع الذي ضم وزراء الري وخبراء من مصر وإثيوبيا والسودان ، والذي عقد في شهر ايار الحالي في ​اديس ابابا​  في كسر الجمود الذي يعتري ​المفاوضات​ بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي  ليعيد التوتر بين الجانب المصري والسوداني الى الواجهة من جديد .

وفي هذا الاطار وللوقوف عن اسباب توتر العلاقات بين الجانب المصري والسوداني والى ما توصلت اليه المناقشات حول بناء سد النهضة ، بالاضافة الى ملف البحث والتنقيب عن ​النفط​ و​الغاز​ في مصر كان لموقع الاقتصاد حوارا خاصا مع المحلل الاقتصادي المصري والعضو المنتدب  في شركة "أسواق لإدارة ​الاستثمارات​ المالية" حسام الغايش.

1 - بداية  وفي ما يتعلق بسد النهضة الى ما توصلت اليه المفاوضات اليوم مع الجانب السوداني والاثيوبي ؟و كيف تصف علاقة مصر مع السودان؟

العلاقة بين مصر والسودان لها عدة اوجه خاصة بعد ازمة سد النهضة الاثيوبى ورفض الجانب السودانى والاثيوبى للكلمة الافتتاحية لتقرير الخبراء عن تأثير السد على الدول الثلاث فى الاجتماع الاخير لوزراء خارجية الدول الثلاث .

ولكن ومن الناحية الاقتصادية  يمكن ابراز العلاقة بين مصر والسودان من خلال الارقام حيث ان حجم التبادل التجارى بين البلدين وصل الى 839 مليون دولار سنويا وان حجم الاستثمرات المصرية في السودان وصل الى 10 مليار دولار وحجم الاستثمارات السودانية في مصر وصل الى 527 مليون دولار وان حجم ​الصادرات المصرية​ للسودان سنويا قدر ب516 مليون دولار وان عدد الشركات السودانية العاملة بمصر وصل الى 326 شركة وان عدد الشركات المصرية العاملة بالسودان هى 229 شركة .

ومن خلال الارقام يتضح التأثير القوى للعلاقة الاقتصادية بين الجانبين  حيث ان حجم الاستثمارات المصرية لا يمكن ان يضحي بها الجانب السودانى كما وان  السودان ومصر يمثلان تكاملا اقتصادي وامني كبير حيث انهما يستطيعان فى حالة التكامل الاقتصادي ان يحققا اكتفاء ذاتي يحمي البلدين من أزمات الغذاء و​المياه​.

2 - وفي ملف البحث والتنقيب عن النفط والغاز اين اصبحت مصر في هذا الاطار؟

ان البحث والتنقيب عن الغاز والنفط فى مصر يعد من اهم الاهداف التى تسعى اليها الادارة الاقتصادية للبلاد ، من ناحية الاستفادة من عائدات الغاز بالاضافة الى تقليل حجم الاستيراد والضغط على احتياطي العملات الاجنبية في البلاد، وخاصة بعد تحرير سعر صرف ​الجنيه المصري​ حيث ان انتاج مصر من الغاز ارتفع من 5.5 مليار مكعب الى 5.7 مليار مترمكعب سنويا .

كما تهتم مصر الان بكل الاكتشافات النفطية فى منطقة شرق المتوسط لانها الوحيدة التى تمتلك ​تكنولوجيا​ اسالة الغاز فى المنطقة وبالتالى كل الاكتشافات تعد فرصة جيدة للاستفادة منها .

3 - كيف تصف المرحلة الحالية التي يمر بها ​الاقتصاد المصري​ بعد فوز الرئيس ​السيسي​ لولاية ثانية وتطبيق توصيات ​البنك الدولي​؟

ان البلاد تمر اليوم باهم المراحل الاقتصادية على الاطلاق حيث ان برنامج الاصلاح الاقتصادي الذى اعتمده ​صندوق النقد الدولي​ والذى قدمته ​الحكومة المصرية​ للصندوق وينص على عدة توصيات وقرارات تتخذها الحكومة المصرية واجهزتها للوصول الى اطلاق قوي للسوق بطريقة تدريجية داخل اطار متكامل من السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية التى تتسم فيما بينها.

واتضح ذلك من خلال القرارات المتلاحقة التى اتخذتها مصر كتحرير سعر الصرف ورفع الدعم عن ​المحروقات​ و​اسعار الطاقة​ وتم توجيه جزء من هذا التخفيض الى الدعم السلعى ولكن ارتفاع ​معدلات التضخم​ الى اعلى مستوياتها بالبلاد اضر بالمواطنين وخاصة اصحاب الاجور الثابتة والمنخفضة .

ولكن ارقام ومؤشرات الاقتصاد الكلي المصري على الرغم من وصولها الى حدود مرتفعة للغاية ولكنها لا تعد امنة حتى الان ومنها مثلا حجم الدين المحلي والذي وصل الى 3.1 تريليون جنيه بنسبة 91.1% من الناتج المحلي الاجمالي والدين الخارجي الذى وصل الى 80.8 مليار دولار وبنسبة 36% من اجمالي الديون وبذلك يكون اجمالي الديون تمثل 132% من الناتج المحلي الاجمالي