انطلقت الإستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة اللبنانية، وكما هو معلوم فإن الإستشارات شكلية وأن الرئيس المكلّف سيكون النائب سعد الحريري، تماماً كما كان معلوماً ان رئيس مجلس النواب "الجديد" سيكون النائب نبيه بري. على كل الأحوال لندّعي أننا نعيش أجواءً ديمقراطية، فلا شك أن إنجاز هذه الإستحقاقات الدستورية سيكون له تداعياته على الإقتصاد اللبناني في الفترة المقبلة.

ومن جهةٍ ثانية، أعلنت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، بالتعاون مع الدول الأعضاء بمركز استهداف تمويل الإرهاب إدراج خمسة مسؤولين رفيعين في حزب الله على لائحة الإرهاب. وقال بيان بإسم وزارة الخزانة الأميركية إنها فرضت عقوبات على أعضاء في مجلس شورى حزب الله بالتعاون مع السعودية والبحرين والكويت وعمان وقطر والإمارات. وبموجب العقوبات تُصادر جميع أملاك وأصول الشخصيات المستهدفة، وتفرض قيود مشددة على فتح حسابات مصرفية لصالح حزب الله.

وللإطلاع على المزيد من التفاصيل حول هذه المواضيع، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير الإقتصادي د. ​إيلي يشوعي​:

- كيف ترى المسار الذي تسير به المؤسسات الدستورية بعد بدء دورة المجلس النيابي الجديد وانطلاق الإستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة، وكيف سيكون تأثير هذا الموضوع على الإقتصاد؟

إن ما حصل في الإنتخابات النيابية من إدّعاء بالتجديد، كان تثبيتاً للأحزاب السياسية نفسها في الحكم، نتيجة القانون الإنتخابي الذي وضعته بنفسها. هؤلاء لديهم النهج نفسه لذلك فإننا لا ننتظر أي تغيير، هذا الفريق السياسي الذي حكم لبنان منذ اتفاق الطائف هو شجرة زُرعت وأثمرت ثماراً سيئة، وكلنا متفقون على ذلك. ومن جهة التأثير على الإقتصاد فإنها سلبية طبعاً، فشخصياً أشعر وكأننا نعيش في العام 1993.

ومن يتحدّث عن ثقة بالمؤسسات الدستورية بعد الإنتخابات، أودّ سؤاله عن أي ثقة يتحدّث؟ ثقة بالفريق نفسه مع تغييرات طفيفة ليقنع الناس بنيته اجراء الإصلاحات. أي نائب من الذين تم انتخابه على اطلاع بالإقتصاد والخطط الإقتصادية؟ أكثرهم رجال أعمال وهذا لا علاقة له بالإقتصاد.

- برأيك، ما هي القوانين ذات الأولوية في مجلس النواب اليوم؟

في البداية سيتم الحديث عن الكثير من المشاريع والورشات والخطط لكن من يتكلّم كثيراً فإنه يفعل القليل. أما برأيي فمن الطبيعي ان يتم العمل على التغطية الصحية الشاملة، ليس من المقبول بعد اليوم ان يموت أحد على أبواب المستشفيات. هل من المنطقي ان يبقى المزارعون خارج الضمان الإجتماعي؟

بالإضافة طبعاً الى القوانين التي صدرت ولم يتم تطبيقها بعد كقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وقانون الغاز والنفط الذي صدر منذ ثماني سنوات ولم نبدأ بالإنتاج حتى اليوم.

وأود الإشارة هنا الى البدء في التلزيمات بـ"بلوك" متنازع عليه! هل هذا أمرّ منطقي بعد ثماني سنوات وعدة حكومات متعاقبة؟ لماذا لم تطلبوا ترسيم الحدود من المجتمع الدولي قبل أن يسمعنا وزير العدو الإسرائيلي تهديداً بقصف المنشآت. الإستثمارات جبانة.

ولازالوا يقولون لنا إن العمل سيبدأ في العام 2019، لكن لن ننسى الأخبار المشابهة التي كانت تبشرنا بالكهرباء 24/24 وعن سدود المياه، سرعة الإنترنت، فرص العمل والإستثمارات.

- أكد كافة خبراء الإقتصاد أن لا تأثير للعقوبات الأميركية على الإقتصاد اللبناني، ولكن هناك بعض المصادر التي تشير الى أنها مقدمة لما هو أخطرحيث ان ​اميركا​ تنوي ادراج ثلاثة بنوك لبنانية اصحابها على ​لائحة الارهاب، كيف سيؤثر هذا الموضوع على الإقتصاد وما هي الخطوات التي يجب على الدولة اللبنانية اتخاذها؟

الجميع بات يعلم ومتأكد، وأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله أكد 100 مرة أن أمواله لا تمرّ عبر المصارف اللبنانية لا من قريب ولا من بعيد بل إنه يتقاضاها نقداً، وكان صريح بخصوص المصدر.

وإذا أرادت الولايات المتحدة معاقبة كل من يتعامل مع حزب الله فهذا جنون ولن ينتهي. حزب الله مكوّن من مكوّنات هذا المجتمع، هل سيعاقبون السوبرماركت التي يشتري منها مقاتلي حزب الله احتياجاتهم؟ الحزب يتعاطى مع شركات محلية لمشاريعه في الداخل وهذا أمر طبيعي.

أما بخصوص إدراج ثلاثة بنوك لبنانية، فإن هذا سيكون قرار إسرائيلي مقصود وليس أميركي. المصارف اللبنانية متشددة جدًّا في المراقبة وهي ترفض أي مبلغ من المال لا ترى أن مصدره ليس واضح 100%، المصارف اللبنانية باتت كمراكز التحرّي.

أما الدولة اللبنانية، وفي حال اتخاذ هكذا قرار، فلا يمكنها اتخاذ أي اجراءات وذلك لأنه بسياستنا الخارجية غير الواضحة أبداً ليس لدينا حلفاء واضحين، روسيا ليست حليفتنا وكذلك الولايات المتحدة وإيران وسوريا والسعودية. لو كانت روسيا مثلاً حليفنا الإستراتيجي فيمكن للدولة اللبنانية وقتها التنسيق معهم حول هذه العقوبات.

- بعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الإتفاق النووي الإيراني وما نتج وسينتج عنه من ارتفاع أكبر لأسعار النفط، كيف سيؤثر ذلك على الخطوات الإصلاحية المتوقعة للحكومة؟

ومن قال أننا نصدّق حديث الحكومة عن الإصلاحات؟ لو كان هناك من يملك القليل من الولاء لهذا البلد والشعب لكان من الأساس عمل على تحقيق النمو. كان بإمكاننا اليوم أن نكون قد حققنا الإكتفاء الذاتي من الغاز والمشتقات البترولية، ولكن ليس هناك نية للسهر على المصلحة العامة.

أثر ارتفاع أسعار النفط سيقتصر على الفقراء في هذا البلد مع ارتفاع سعر صفيحة البنزين الى 30 ألف ليرة.