قال الرئيس الأميركي الراحل فرانكلين روزفلت، "افعل ما يمكنك بما تمتلكه حيثما تكون"، واللبنانية ​رنا حمندي​طبقت القول بالفعل، اذ واظبت على العمل مهما كثرت مسؤولياتها ومهامها، وعلمت جيدا أنها تمتلك القدرة والإمكانيات لتحقيق النجاحات في مختلف مراحل الحياة، ورغم جميع الظروف الصعبة المحيطة؛ فهي الأم الحنون، والمصممة المبدعة، وسيدة الأعمال المثابرة.

وبالتالي لم تفكر يوما بالتخلي عن مسيرتها المهنية، ولا عن الاهتمام بعائلتها، بل على العكس، أصرّت على إفادة نفسها ومجتمعها أيضا؛ ومن الحاجة ولدت أعمالها. فقد أسست "Lil’ Everything" عندما كانت حاملا بابنتها، وأدركت أن السوق اللبناني يفتقر الى المنتجات الحديثة الخاصة بالأطفال، وبعد بحث طويل، تعرفت الى العديد من العلامات التجارية العالمية، وعملت على اختيار المنتجات بعناية فائقة، والتركيز على كل ما هو آمن، عملي، وعصري.

أما "Derecipe"، فهو الدليل الأول والوحيد في لبنان، الذي يقدم المعلومات حول مختلف أنواع مواد، وتقنيات الطباعة، والحرفيين، والمصنعين،... ومهمته مساعدة المصممين في العثور على المصادر الصحيحة لتنفيذ مشاريعهم، وتمكين الحرفيين من خلال عرض أعمالهم على الانترنت، وإعطائهم فرصة للظهور والانتشار، بالاضافة الى مساعدة أي نشاط تجاري في مجال التنفيذ الإبداعي، ليتم العثور عليه من قبل العملاء المناسبين.

في هذا الحوار، تتحدث مؤسسة رنا حمندي لـ"​الاقتصاد​"، عن تجربتها في مجال الأعمال، متطرقة الى الأسباب التي دفعتها الى تأسيس ال​مشروع​ين:

ما هو "Derecipe"؟

"Derecipe.com" هو بمثابة دليل على الانترنت للمصممين، يساعدهم على البحث عن الموردين أو المصادر التي هم بحاجة اليها من أجل العمل على مشاريعهم.

فقد تخصصت بالأساس في التصميم الغرافيكي وتصميم الـ"ويب"، وكنت أواجه صعوبات عدة لإيجاد المواد المعينة، كما كنت أشعر أن قدراتي محدودة، وأنني غير قادرة على تنفيذ الفكرة التي أريدها.

ومع الوقت، لاحظت أن هناك أشخاص عدة يتساءلون حول مصادر الأقمشة والأدوات، وقررت أن أجول في لبنان والحصول على هذه المصادر. فبدأت بزيارة المناطق اللبنانية كافة من أجل إيجاد الأشخاص المناسبين والمواد المناسبة، فحصلت على أكثر من 1000 مصدر.

ولا بد من الاشارة الى أن هذا المشروع كان متعبا للغاية، ويتطلب الكثير من الوقت والجهد، خاصة لأنني في ذلك الوقت، كنت أعمل بمفردي، وفي الوقت ذاته أهتم بطفل صغير، وأصطحبه معي خلال الجولات. وبالتالي تطلب الأمر أربع سنوات حتى تمكنت من إطلاق مشروع "Derecipe"، الذي ولد من خلفيتي كمصممة، ومن المعاناة التي مررت بها خلال تنفيذ مشاريعي الخاصة. كما أنه يساعد المصممين من جهة، والحرفيين من جهة أخرى، وذلك بشكل مجاني.

من أين حصلت على التمويل من أجل العمل على هذا المشروع؟

لقد صممت الموقع الالكتروني لـ"Derecipe" بنفسي، كما أنني أهتم بتحميل المحتوى والمنشورات، وبالتالي وفرت حوالي نصف التكاليف.

وقد تمكنت من القيام بالرحلات في السيارة، والأبحاث، والتحديثات، بجهودي الخاصة، ومن خلال الأموال التي جمعتها على مر السنوات.

وهنا لا بد من القول أن هذا مشروع قابل للتوسع بشكل هائل، لكنه بحاجة الى عدد من الموظفين، بالاضافة الى رأسمال كبير.

هل يلاقي الموقع إقبالا من الناس؟

في الفترة الأخيرة، لم أتمكن من زيادة المحتوى لأنني كنت حاملا، وأنجبت طفلة صغيرة، وبالتالي لم أحصل على الوقت الكافي من أجل استكمال المشروع.

لكن الناس استمروا بزيارة الموقع والتواصل معي من أجل الحصول على النصائح. كما علمت أن هناك العديد من الفنادق ووكالات الاعلانات التي استعانت بخدمات "Derecipe"، الذي بات بمثابة مرجع بالنسبة لهم.

أخبرينا أكثر عن مشروعك التجاري الثاني "Lil’ everything"؟

"Lil’ everything" هو متجر على الانترنت (online store)، أطلقته في أيلول 2017، ولا يزال جديدا الى حد ما.

ومن خلاله، أستورد البضائع ذات الجودة العالية، من الولايات المتحدة واستراليا، وأبيعها في لبنان عبر الانترنت.

وجاءت الفكرة خلال فترة الحمل، اذ كنت في الشهر السابع عندما أطلقته، وذلك لأنني لم أكن أجد القطع المناسبة للطفل؛ فإما وجدت ملابس مرتفعة الثمن، وإما منخفضة الجودة، وإما محدودة بألوان وأشكال معينة. وكنت في تلك الفترة، أبحث عن الملابس عبر الانترنت، وبالتالي اكتشفت قطعا الرائعة، فقررت الاتفاق مع العلامات التجارية من أجل استيرادها الى لبنان.

وهذا المجال، أي البيع عبر الانترنت، بحاجة الى مهارات عالية في مجال التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك فإن تخصصي في مجال التصميم ساعدني كثيرا من هذه الناحية.

ما هي العوامل التي تساعدك على منافسة المتاجر الأخرى الموجودة على الانترنت اليوم؟

أولا، أنا أقدم البضائع المميزة وذات الجودة العالية، كما لا أستوردها من الصين وتركيا كما يفعل معظم الموردين.

ثانيا، لا أحد في لبنان يقدم البضائع الموجودة في "Lil’ everything"، وذلك لأنني بدأت حاليا بالحصول على الحقوق الحصرية لثلاث علامات تجارية، وهذا الأمر مستغرب قليلا في مجال البيع على الانترنت، لكنه يدل على أن ثقة هذه العلامات بعملي كبيرة، خاصة لأنني أطلب شحنات كثيرة في أوقات قصيرة.

ثالثا، تكون البضائع أحيانا محجوزة حتى قبل وصولها الى لبنان، وبالتالي فإن ثقة الناس بي تساعدني أيضا على التقدم.

كيف تنجحين في التنسيق بين جوانب حياتك كافة؟

التنسيق ليس سهلا أبدا، خاصة وأن مسؤولياتي المهنية والاجتماعية والعائلية كبيرة جدا، لكن الأولوية تبقى دائما للعائلة.

ولا بد من الاشارة الى أنني أسعى الى تنظيم وقتي الى أقصى الحدود، وذلك لكي أعطي لكل جانب من جوانب حياتي حقه، خاصة وأنني لا أحظى بالمساعدة من أي أحد، أكان في المنزل أم في العمل، وبالتالي فإن جميع المسؤوليات تقع على عاتقي، وهذا الأمر صعب للغاية.

أين ترين عملك بعد 5 سنوات؟

بالنسبة الى "Derecipe"، أنا أنتظر لأصبح قادرة على تسجيل ابنتي الصغيرة في الحضانة، لكي أتمكن من العودة والتركيز أكثر على الموقع. اذ أنني غير قادرة في الوقت الحاضر، ومع وجود طفلتي البالغة من العمر أربعة أشهر، على التجول في لبنان والبحث عن المصادر.

من جهة أخرى، أسعى للحصول عن شريك في "Derecipe" لكي يتوسع الموقع أكثر فأكثر، ليشمل أيضا خدمات أخرى، مثل الاستشارات والنصائح للشركات والأفراد.

أما بالنسبة الى "Lil’ everything"، فأتمنى أن يصبح المتجر حقيقيا، إضافة الى كونه على الانترنت.

ما هي نصيحة رنا حمندي الى المرأة؟

عندما تؤسس المرأة عملها الخاصة، وتكون مديرة نفسها، ستصبح قادرة على التواجد أكثر مع أولادها، وإعطائهم الوقت الكافي.

لهذا السبب، أنصح كل أم أن تعمل على إطلاق مشروعها التجاري الخاص، لأنها ستجد فرقا شاسعا بين حياتها كموظفة وحياتها كصاحبة عمل، وستشعر حينها أنها قادرة على الاهتمام بشكل أكبر بالأولاد.

وأنا شخصيا أعطي لأولادي ولمنزلي ولعملي أيضا، على حساب صحتي في بعض الأحيان.