خاص ــ الاقتصاد

عادة ما يكون رجل القانون هو الدليل والمرشد لتجنيب موكله أو تحذير الناس، من خطر الانزلاق في مصيدة الخارجين عن النظام ومرتكبي الجرائم على اختلافها، لكن أن يقع محامٍ عايش الكثير من هذه الحالات، وإكتسب خبرة طويلة في المحاكم وأروقة قصور العدل، ضحية عملية إحتيال يخسر فيها مبالغ طائلة، هي مسألة تدعو الى الدهشة والاستغراب، خصوصاً وأن المحامي الضحية سلّم المدعى عليه أمواله على دفعات، من دون أن يساوره الظنّ بأن الأخير ينصب له فخّاً، ويستولي على أمواله بطرق ملتوية.

تفاصيل هذه القضية، كشفتها دعوى قضائية تقدّم بها "هادي. د"، أفاد فيها بأنه محامٍ بالاستئناف، وقد تعرف على المدعى عليه "صافي. ع" عن طريق صديقه "حسن. م"، وقد تطوّرت هذه المعرفة الى علاقة وأعمال مشتركة، أقدم خلالها "صافي" على توكيل المحامي بعدّة قضايا في ​لبنان​ والخارج لمتابعتها، ووعده بتسديد أتعابه كاملة، ومع توطيد ​أواصر​ الصداقة، تمكّن المدعى عليه من أيهام المحامي أن بإستطاعته تأمين إقامة دائمة له في إمارة ​دبي​ في دولة الامارات االعربية المتهدة، وحمله تحت هذا الوهم على تسليمه مبالغ ​مالي​ة على دفعات بلغت 37000 دولار أميركي أعطاه اياها على دفعات، إما نقداً وإما بموجب شيكات مصرفية، لكنّ المدعى عليه لم يف بوعده ولم ينجز الإقامة الموعودة للمحامي الذي سارع الى تقديم دعوى قضائية ضدّه.

وبناء على هذا الإدعاء جرى استجواب "صافي. ع" فأنكر ما أسند اليه، وأفاد بأنه لم يستلم من المدعي أي مبالغ مالية لا نقداً ولا بموجب شيكات لزوم الإقامة المذكورة، زاعماً أن لا علاقة له بموضوع الإقامة في دبي، وأن صديقه "حسن. م" هو المعني بتأمين هذه الإقامة للمدعي، كما جرى الاستماع الى الشاهد "صالح. ج"، فأكد الأخير أنه كان موجوداً مرات عدة برفقة المدعي الذي كان يلتقي المدعى عليه في أحد المطاعم، وكان المحامي يعطي "صافي" مغلفاً فيه أموال عبارة عن ​دولارات​ كان الأخير يخرجها ويعدّها، وعندما يسأله المحامي أين أصبحت الاقامة، يردّ المدعى عليه: "يجب أن يصل المبلغ الى 40 أو 50 ألف دولار، لكي أتمكن من الحصول على إقامة". ولدى إجراء مقابلة بين المدعى عليه والشاهد أصرّ كلّ منهما على أقواله.

قاضي التحقيق في بيروت فؤاد مراد، رأى أجرى تحقيقاته في هذه الدعوى، لفت في حيثيات القرار الظني الذي أصدره، أن معطيات الدعوى وإفادة الشاهد "صالح. ج" بيّنت أن المدعى عليه "صافي. ع" أوهم المحامي بأنه سقوم بتأمين إقامة له في دبي، وحمله تحت هذا الوهم على تسليمه مبلغ مالي استولى عليه بالطرق الاحتيالية، وإن فعل المدعى عليه ينطبق على المادة 655 من قانون العقوبات، التي تنص على عقوبة السجن حتى ثلاث سنوات، وأحاله على القاضي المنفرد الجزائي في بيروت لمحاكمته.