أنتجت الإنتخابات النيابية الاخيرة التي جرت بداية الشهر الجاري، مشهداً جديدا في الساحة ال​لبنان​ية على صعيد أحجام القوى السياسية، وهذا من شأنه أن يرسم خريطة جديدة للتحالفات داخل البرلمان اللبناني الجديد، وإن كانت هذه التحالفات لا تقلب المشهد السياسي في البلد، في ظل التوازنات الطائفية المشكّلة لنظامه السياسي.

ولكن لطالما أثرت المشاكل السياسية في لبنان على إقتصاده، ومن الواضح ان نتائج الإنتخابات الحالية تشكّل عقبة امام من سيتولّى تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، التي ستحمل إرثاً ثقيلا عن الحكومة الحالية، وملفات ضخمة تحتاج إلى إستمرارية العمل والتنفيذ بدون أي عراقيل، وعلى رأسها ملفات مؤتمر "سيدر"، بالإضافة إلى ملف الكهرباء والإصلاحات المطلوبة على صعيد ​القطاع العام​ اللبناني والفساد في المرافق العامة.

فهل سندخل مجدداً في معضلة تشكيل حكومة جديدة ؟ وما هي أهم التحديات أمام هذه الحكومة في ظل تغيّر المشهد الداخلي والتطورات الأخيرة على مستوى المنطقة ككل ؟ ما هو مصير مؤتمر "سيدر" ؟ وما هي التوقعات لموسم الصيف الحالي خاصة بعد الاحداث الأمنية الأخيرة التي شهدتها بعض مناطق العاصمة بيروت وأطرافها؟

أسئلة كثيرة أجاب عنها الخبير الإقتصادي وليد أبو سليمان في هذه المقابلة مع "الإقتصاد".

بداية، هل تعتقد ان تشكيل الحكومة الجديدة سيتم بدون أي عراقيل ؟ وما هي أهم التحديات التي تنتظر هذه الحكومة ؟

كلنا نعلم انه في لبنان يستغرق تشكيل اي حكومة جديدة اسابيع لا بل أشهر، واعتقد أن إنجاز هذا الأمر خلال المهل التي تعوّدنا عليها سابقاً سيكون أمراً جيداً .. وكما نعلم ان أيضاً ​المجتمع الدولي​ يواكب لبنان في المرحلة الماضية عن قرب ويحرص على إبقاء الإستقرار السياسي والأمني والمالي والإقتصادي أيضا، وهذا يعني ان لبنان سيتعرض لضغط من قبل المجتمع الدولي لتشكيل حكومة جديدة بأسرع وقت ممكن، وقد يضع المجتمع الدولي مهلة محددة للبنان من أجل إنجاز هذا الامر، وسيكون من الصعب على القوى السياسية تخطي هذه المهلة.

أما فيما يخص الإستحقاقات التي تنتظر هذه الحكومة بعد تشكيلها، فهي كثيرة، وابرزها الإصلاحات التي طلبتها الدول المانحة في مؤتمر "سيدر" كشرط أساسي للحصول على تمويل من أجل مشاريع البنى التحتية، أضف إلى ذلك موضوع إستبدال سندات خزينة بين البنك المركزي ووزارة المالية بقيمة 6 مليارات دولار بغية تخفيف خدمة الدين والفوائد على ​الدين العام​، وهناك أيضا ملف الكهرباء وعدد كبير من الملفات الإقتصادية الأخرى.

أما من الناحية السياسية، فإن الحكومة الجديدة تأتي في ظل تطورات كبيرة على الساحة الإقليمية، خاصة بعد إنسحاب الولايات المتحدة من الإتفاق النووي مع طهران، وما رافقه من تشنج إسرائيلي إيراني في الجولان السوري، أضف إلى موضوع إفتتاح السفارة الإسرائيلية في القدس مما سيوتّر الاوضاع أكثر في المنطقة، وسينعكس بدون شك على لبنان الذي يقع في قلب العاصفة، وهذا يحتّم على الحكومة الجديدة العمل على تحصين الساحة الداخلية قدر الإمكان لكي تتمكن من الإنصراف إلى الملفات الإجتماعية والإقتصادية.

ما هو مصير مؤتمر "سيدر" والملفات العالقة الاخرى وعلى رأسها ملف الكهرباء، في حال تمت عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة ؟

من اجل إسترجاع ثقة المستهلك والمستثمر، يجب على لبنان ان يرفع من الاجواء الإيجابية التي شهدناها من خلال إجراء الإنتخابات النيابية، وذلك يتم عبر تشكيل حكومة جديدة بأسرع وقت ممكن، فأي تأخير لن يكون من مصلحتنا وسيعرقل كافة المشاريع والملفات المطروحة، خاصة أن الحكومة الحالية ستدخل في مرحلة تصريف الأعمال ولن تتمكن من إتخاذ قرارات او إجراء إصلاحات.

لذلك أي تأخير في تشكيل الحكومة سيؤثر على ​الوضع المالي​ والإقتصادي، وسيؤثر على صورة لبنان تجاه المجتمع الدولي أيضاً.

ما هي التوقعات لموسم الصيف الحالي خاصة بعد الاحداث الأمنية الأخيرة التي شهدتها بعض مناطق العاصمة بيروت وأطرافها؟ إضافة إلى التطورات الإقليمية الاخيرة ؟

أثبت المغتربون اللبنانيون في السنوات الماضية أنهم لا يتخلوا عن لبنان، وأعتقد ان هذا العام سيشهد على قدوم أعداد كبيرة من المغتربين، ولكننا نعوّل اليوم على عودة السائح الخليجي الذي كان يشكل 35% من نسبة السياح، إلا ان التشنج الذي يحصل في المنطقة مؤخراً قد يؤثر على الوعود والتطمينات التي اطلقتها ​دول الخليج​ حول عودة السياح الخليجيين إلى لبنان.

لذلك أعتقد ان الموسم السياحي سيتأثر في حال تطوّر الأمور سلبياً في المنطقة، وسيقتصر فقط على المغتربين اللبنانيين وبعض السياح العرب والأجانب. اما في حال تطور الامور إيجابيا، فمنحن نامل بأن تتحقق وعود الدول الخليجية بقدوم اعداد كبيرة من السياح إلى لبنان.

هل انت متفائل حيال المرحلة المقبلة ؟ وما هي توقعاتك لنسب النمو نهاية العام ؟

نقترب من إنتصاف العام الجاري، والنصف الأول كان ضاغطاً بسبب الإستحقاق الإنتخابي، ولكن انا متفائل في المرحلة المقبلة، خاصة إذا تم تشكيل حكومة سريعا، وآمل أن تصل نسب النمو مع نهاية العام إلى أكثر من 2%.