في إطار الشراكة الاوروبية المتوسطية أنشئ ​صندوق التنمية​ الاقتصادية الاجتماعية بتمويل من ​الاتحاد الاوروبي​، الصندوق الذي يشهد الجميع على انجازاته ومساهمته الكبيرة في الحد من وطأة ​الفقر​ على المجتمع اللبناني منذ انطلاقته وصولا للضغوط التي شكلها النزوح السوري على المجتمعات المضيفة، حيث تكشفت حجم المشاكل في ​قطاع الخدمات​ والبنى التحتية وبالتالي زيادة الضغوط على الاقتصاد المحلي.

واقع مرير ومسؤولية كبيرة حملها الصندوق على عاتقه محاولا بجميع موارده البشرية وقدراته المالية التي تعتمد على الهبات أساساً لأجل التخفيف من حدة هذه المعانات عبر مكوّني "خلق فرص العمل" و"التنمية المحليّة" لتتخطى عدد المشاريع الذي مولها منذ العام 2003 حوالي10 الاف مشروع وبالتالي خلق 7500 وظيفة لتأتي الهبة الهولندية الاخيرة البالغة 4,4 مليون دولار لتعطي دفعاً جديدا في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وخلق فرص العمل بالمقابل موّل الصندوق أكثر من 300 مشروع في اكثر من 300 بلدة وتجمع لتطال في 50% منها الزراعة والري و30 % قضايا الصحة والتنمية الاجتماعية بهدف تحسين مستوى المعيشة للمواطنين علّ الاوضاع تتحسن خاصة في مناطق الاطراف حيث ضاقت الحياة بساكنيها مع وصول نسبة ​البطالة​ في لبنان بحسب ما اعلنه رئيس الجمهورية الى 46% وهو معدل مخيف يتطلب الوقوف عنده .

وللاضاءة على عمل صندوق التنمية الاقتصادية كان لموقع الاقتصاد مقابلة خاصة مع مدير مشروع التعاونيات في صندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الاستاذ محمد عرابي بالاضافة الى حوار مع مدير العمليات في مكون خلق فرص العمل الاستاذ باتريك عتمه للحديث عن مذكرة التفاهم الذي وقعها الصندوق مع التعاونيات الزراعية في لبنان بالاضافة الى الاضاءة على ​قروض​ الاعمال بالتعاون مع ​المصارف​ والهبة الهولندية الجديدة.

محمد عرابي:

بداية لا بد من التطرق الى دور صندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية واسهاماته في الحد من الفقر وتوفير فرص العمل في المجتمع اللبناني؟

يعمل صندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الممول من الاتحاد الاوروبي لأجل الحد من الفقر عبر مكونين اثنين: التنمية المحلية وخلق فرص العمل ولذلك انجز العديد من المشاريع ذات الابعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية كما ودعم وطور العديد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بهدف خلق فرص العمل.

عمل الصندوق منذ انطلاقته بقضايا التنمية المحلية عبر بوابة البلديات لاعتبارها سلطة محلية منتخبة ومن شأنها ضمان استدامة اي مشروع وتمثل مصالح المواطن حيث يتم عبرها دعوة كافة مكونات المجتمع المحلي للمشاركة في تشخيص الواقع كل في مجال اهتمامه واختصاصه وبالتالي تحليل المشكلات ووضع الأهداف التنموية واستراتيجية العمل في إطار خطة تنمية شاملة متوسطة الأجل كذلك اختيار المشاريع ذات الأولوية ووضع دراسات الجدوى الأولية ومن ثم تمويل المشروع المحدد ومساعدة البلديات تقنياً في التحضير والتنفيذ والمتابعة للمشاريع، حيث تتولى البلديات المعنية مع لجان محلية من المستفيدين مسؤولية متابعة التنفيذ واستلام الأشغال او التجهيزات وغيرها وفقاً لإجراءات الاتحاد الاوروبي، اما المكون الثاني وهو خلق فرص عمل والذي يولي أهمية للأفراد يهدف الى المساعدة بتوفير التمويل لانشاء مشروع خاص او تطوير مؤسسات صغيرة قائمة.

فرضت ​الازمة السورية​ طريقة عمل مغايرة تمثلت بالاهتمام بالمجتمعات المضيفة للنازحين خاصة في مجال البنى التحتية المتمثلة في ​المياه​ و​النفايات​ والصرف الصحي وكذلك الاقتصاد المحلي، ولهذا كان للصندوق منجزات تمثلت في إنشاء معمل لفرز ومعالجة وطمر النفايات في منطقة برالياس بقدرة 150 طن يوميا إضافة لمشاريع لتوفير ​مياه الشفة​ خاصة في شمال لبنان.

وللحد من الضغوط الاقتصادية كان لمشروع دعم الاقتصادات المحلية تدخلات عبر إنشاء برك جبيلية وبنى تحية زراعية وارشاد زراعي كذلك دعم التعاونيات الزراعية الفاعلة في إطار من المنافسة المحلية وبتمويل أيضا من الاتحاد الاوروبي الهادف الى التخفيف عن كاهل المجتمعات المستضيفة للسوريين في لبنان من الناحية الاقتصادية.

وفي الحديث عن توقيع مذكرات التفاهم مع التعاونيات الزراعية، كيف تم اختيار التعاونيات؟ وما هي اهمية هذا المشروع والفائدة التي ستعود على القطاع الزراعي والمجتمع اللبناني ككل؟

يهدف هذا المشروع بشكل عام الى إنعاش الاقتصادات المحلية في المجتمع اللبناني وتحديدا في قطاع الزراعة كونه القطاع الاهم الذي يسهم في تعزيز سبل العيش وتوفير فرص العمل كما يهدف المشروع الى تحسين الانتاجية للمشاريع الزراعية الصغيرة القابلة للاستمرارية وتخفيف كلفة الانتاج.

وتم مراسلة التعاونيات العاملة في كل لبنان بقطاع ​الزيتون​ والنحل و​السمك​ بالاضافة الى تعاونيات التصنيع الغذائي حصرا في البقاع والهرمل وتم اختيار القطاعات بناء على دراسة حجم وتنوع التعاونيات في لبنان والمناطق والاختصاص والوضع القانوني ونسبة الفقر بالاضافة الى حجم النزوح السوري، وأظهر الاحصاء الاولي حينها بان غير اللبنانيين في البقاع مثلاً يشكلون حوالي 104% من ​عدد السكان​ لتحتل محافظة ​عكار​ الدرجة الثانية وبناء على جميع هذه المعطيات تم اختيار القطاعات والمناطق والتعاونيات.

انطلق المشروع برصد حوالي مليون وثلاثمائة ألف يورو له ودعوة حوالي 200 تعاونية للمشاركة في مسابقة أفضل مشروع تعاوني في القطاعات المحددة وتحديد سقف مالي لكل مشروع لا يتعدى 50 ألف يورو. تقدمت 58 تعاونية بمقترحات مشاريع ففازت 42 تعاونية، 17 منها حل في المرتبة الأولى و28 في المرتبة الثانية.

أهمية المشروع تكمن في دعم التعاونيات الفاعلة وتطوير اعمالها وخدماتها كذلك في خلق فرص عمل إضافية وتحفيز جميع التعاونيات للقيام بمهامها وتحقيق الأهداف التي وجدت لأجلها، والصندوق اليوم بصدد تسليم المعدات والتجهيزات لكل تعاونية وتتوج هذا الدعم في التدريب على كتابة وتصميم المشاريع وتوقيع مذكرات تفاهم مع التعاونيات الشريكة لضمان استمرار الخدمات المطلوبة.

باتريك عتمه

في سياق اخر ما هي البرامج الذي اطلقها الصندوق في مجال خلق فرص العمل؟ ومن هي الفئات التي تطالها القروض التي يمنحها الصندوق ؟

يعمل مكون خلق فرص العمل مع الافراد من خلال دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة نظرا الى ان هذه الفئة من المؤسسات تشكل حوالي 95% من المؤسسات الموجودة في لبنان, ومنها حوالي 60% في القطاع الغير الرسمي. من اهم المشاكل التي تعاني منها هذه المؤسسات, هي الوصول الى التمويل على اعتبار ان ​المصارف اللبنانية​ تعتبرها ذات مخاطر عالية وكلفة تسليفها مرتفعة, وبالتالي تعمد المصارف الى التوجه بشكل اساسي الى المؤسسات الكبيرة التي تمتلك ​بيانات مالية​ ولديها تجارب مصرفية سابقة.

وفي هذا الاطار اقدم الصندوق انطلاقا من هدفه بتوجيه ​القطاع المصرفي​ لتلبية حاجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على طرح العديد من البرامج التي تهدف إلى تحفيز المصارف على الإقراض للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. علماً أن ألأستراتيجيات المعتمدة والحوافز المقدمة من قبل الصندوق تختلف وتتنوع بحسب حاجات ومتطلبات السوق. تجدر الإشارة بان الصندوق يتميز بتقديمه منذ العام 2002 بما يعرف بخدمات استشارات الاعمال. تهدف هذه الخدمات إلى التواصل مع أصحاب ​المشاريع الصغيرة​ والمتوسطة ومساعدتهم على اعداد ملف ائتماني شامل بالاضافة الى تقديم ومتابعة طلب قرض الى احد المصارف المتشاركة مع الصندوق.

تجدر الاشارة الى ان عدد المشاريع المموّلة تحت هذا البرنامج تخطت الـــ 10 الاف مشروع وساهمت في خلق أكثر من 7500 فرصة عمل.

ما هي المصارف التي يتعامل معها الصندوق؟ وما هو حجم الفائدة على هذه القروض؟ والقطاعات التي يطلها؟

يتعامل الصندوق حاليا مع 6 مصارف وهي "​الاعتماد اللبناني​ "(CL) , "Societe generale " (SGBL) , "بنك لبنان والمهجر(BLOM) , "FNB Finance" , "BLC" و"​البنك اللبناني الفرنسي​ (BLF) .

يقدم الصندوق تحت برنامج دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، من خلال المصارف المتشاركة معه, نوعين من ​الخدمات المالية​ : الاول هو قرض مدعوم من المصرف المركزي حيث الفائدة متدنية تتراوح 6% تنازلية بالليرة اللبنانية، والثاني قرض غير مدعوم من ولكنه ايضا يتميز بفوائده المنخفضة مقارنة بالفوائد المتعامل بها في السوق . والجدير بالذكر أن القروض الغير مدعومة تستهدف القطاعات الاقتصادية كافة بما فيها قطاع الخدمات والقطاع التجاري في حين ان اغلبية البرامج التي تعمل لا تستهدف هذين القطاعين على اعتبار انهم قطاعات غير انتاجية بحسب ​تصنيف​ مصرف لبنان (باستثناء بعض النشاطات تحت قطاع الخدمات). اما ​القروض المدعومة​ فهي تستهدف ​القطاعات الانتاجية​ فقط.

ما هو سقف القرض ؟ وهل تطال المشاريع القيد التنفيذ؟ والمدة الزمنية للسداد؟

يصل سقف القرض الذي يمنحه الصندوق ,من خلال المصارف المتشاركة معه, 75 مليون ليرة (50 الف دولار) . كم ان برنامج القروض يقوم على دعم المؤسسات القائمة والمؤسسات الجديدة بشرط توفر الخبرة اللازمة في المجال التي ستخوضه والتي تكفل نجاح المشروع. وتختلف المدة الزمنية للقرض بحسب الحاجة والقدرة على السداد التي تحدد بناء على الدراسة التي يعدها الصندوق , نظرا الى ان الهدف الاساسي هو اعطاء كل زبون حاجته من الاموال وعلى المدة الزمنية المناسبة .

ما هي المشاريع الجديدة الذي يعمل الصندوق على تنفيذها؟

استفاد الصندوق حديثا من هبة مقدمة من ​الحكومة الهولندية​ والتي بلغت 4.4 مليون دولار. هذه الاموال ستستهدف المجتمعات المضيفة للاجئين السوريين لدعم المؤسسات الموجودة في هذه المناطق من خلال توفير قروض بفوائد متدنية بالاضافة الى خدمات استشارات الاعمال. نظراً للوضع الأستثنائي في هذه المناطق, سيقدم الصندوق عدة حوافز للمصارف لتحفيزها على تمويل المشاريع الخاصة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة المتواجدة في هذه المناطق. ويهدف هذا البرنامج الى خلق فرص عمل بهدف تحسين مستوى المعيشة على اعتبار ان اغلبية المناطق التي شهدت نزوحا ​سوريا​ كثيفا هي مناطق فقيرة وتعاني كثيرا ليأتي هذا النزوح ليزيد من حدة الفقر والمشكلات الاجتماعية. تجدر الأشارة إلى أن هذا المشروع يستهدف المؤسسات اللبنانية فقط , مع التركيز بشكل خاص على العنصر النسائي .

والهدف الذي يسعى الصندوق الى تحقيقه في العام 2018 هو العمل على تحفيز ودعم عنصر ​الشباب​ نظرا الى ان البطالة مرتفعة وتتخطى نسبة الـ20% بالاضافة الى تحفيز العنصر النسائي في مجال العمل .