تقول مقدمة البرامج الحوارية الأميركيةأوبرا وينفري​، "الشغف طاقة، اشعر بها تتدفق في عروقك وتنبع من الأشياء التي تثيرك وتحفزك"، واللبناني كميل عطية يعتبر الشغف المحرك الرئيسي للأعمال، وبدونه تبقى المشاريع مجرّد أفكار وأحلام في الذهن.

فهو لطالما ثابر ليكون شغفه وحبه لعمله ظاهرا وحاضرا، اذ يعتبر أن مردود النجاح في ما نحبه أفضل وأهم من أي نجاح آخر.

لكن الشغف وحده لا يكفي، ومن هنا يمكن القول أن عطيةرائد أعمال على طريقته الخاصة، فهو شاب يتحلى بالذكاء والإصرار والحماس والروح الايجابية، وقد يصعب تصوّره في مجال يتطلب مزاولة أعمال مكتبية يومية،اذ أن شخصيته المتفائلة والمليئة بالطاقة،دلالة على انخراطه الكامل بعالم الرياضة واللياقة البدنية، كما أن اندفاعه الى نشر مفاهيم العافية والصحة في مجتمعنا اللبنانية، بالاضافة الى إرادته الصلبة، يظهران من خلال رغبته العارمة في الوصول لتحقيق أهدافه، وتطوير الذات، واكتساب المهارات وتنميتها.

فلنتعرف أكثر الى مسيرة مؤسس شركة "ProMax"، كميل عطية، في هذه المقابلة الحصرية لـ"​الاقتصاد​":

  • من هو رائد الأعمال اللبناني كميل عطية؟

منذ اليوم الذي يولد فيه الانسان، ينمو في داخله شغفه، وقد يكتشف هذا الشغف في مرحلة مبكرة أو متأخرة، وفي بعض الأحيان، قد لا يكتشفه أبدا.

أما بالنسبة لي، فقد بدأ شغفي منذ عمر صغير، لكنني وصلت الى مرحلة، عرفت خلالها، كيفية تنفيذ الأفكار الموجودة في داخلي، وتحويلها الى عمل تجاري حقيقي على أرض الواقع، لكي تصبح متاحة لجميع الأشخاص.

فعندما نجحت في الوصول الى المرحلة الجامعية، كنت أتحضر للتخصص في الطب، لكنني اخترت بدلا من ذلك مجال التربية البدنية والرياضة، وربطت بعدها اختصاصي بإدارة الأعمال، وحصلت على ماجستير في الإدارة الرياضية (sports management)، وماجستير ثان في هذا المجال من جامعة "Lille II" في فرنسا.

أما الأطروحة الأخيرة التي عملت عليها، فكانت تتمحور حول كيفية تغيير نمط حياة الموظفين في الشركات لكي نعيد أسلوب الحياة النشيط والحيوي الى عملنا؛ ففي الماضي، كان المفهوم المتداول هو "work and workout"، أي العمل والتمرين، خلال ممارسة مهنة الزراعة مثلا، في حين أن اليوم بات العمل من جهة والتمارين الرياضية من جهة أخرى، ولهذا السبب نرى أنه لم يعد لدينا الكثير من الوقت للرياضة. وبالتالي فكرت بطريقة لإعادة برامج العناية بالصحة (wellness programs)، الى حياتنا اليومية بشكل عملي ومفيد. وأجريت دراسة على 1600 موظف، وبعد الدراسة والاحصائيات، حصلت على مجموعة من الاقتراحات والحلول التي تدفع بالأشخاص لإعادة النظر حول كيفية إعادة النشاط جددا الى الأفراد.

  • متى أطلقت "ProMax" بشكل رسمي؟ وما هي العناصر التي أسهمت في استمراريتها لأكثر من 10 سنوات؟

انطلقت "ProMax" رسميا بين عامي 2006 و2007، أي منذ أن قررت أن أحوّل شغفي الى عملي، وأتوقف تماما عن القيام بالأعمال الروتينية.

أما استمرارية الشركة، فكانت ثمرة الاصرار والمثابرة والرؤية المستقبلية الواضحة. فالانسان يبني طريقه بحسب مبدأ "trial and error"، أي التجرية والخطأ، ومن خلاله يعزز قواعد العمل، وبالتالي تصبح كل الأخطاء موجودة تحت هذه الأساسات، التي يستطيع الوقوف عليها بثبات وشموخ.

  • ما هي أهم الخدمات التي تقدمها "ProMax

أولا، نحن نعمل على مستوى الأفراد، ونقدم الخدمات المتعلقة باستشارات اللياقة البدنية والتدريب الصحي (fitness consulting and health coaching)، كما لدينا استوديو خاص بالتدريب الشخصي (personal training)، في منطقة حرش تابت.

ثانيا، على مستوى الشركات، اذ نتعامل مع الموظفين، وننظم الندوات الخاصة بالعناية الصحية، بالاضافة الى النشاطات الهادفة الى تحقيق أهداف معينة مثل تنمية المهارات وروح القيادة.

ثالثا، نعمل على تنظيم النشاطات في الطبيعة، الموجهة الى جميع اللبنانيين من المناطق كافة مثل رياضة المشي (hiking)، والسير على الثلج (snowshoeing). وهذه النقطة تدخل ضمن مبدأ "الرياضة للجميع"، فالنشاطات المسلية في الطبيعة تعتبر بمثابة علاج يتيح للانسان تجديد نفسه من الداخل والخارج، ليس فقط من خلال النشاط الرياضي، بل أيضا من خلال النشاط النفسي والتفاعل مع الطبيعة وألوانها وكذلك محبيها.

رابعا، نهتم بمبدأ "المسؤولية الاجتماعية للشركات" (CSR)، وذلك من خلال أربع حملات صحية:

حملة "جدّي وستّي" (Jeddi w Setti)، للحفاظ على الارث الثقافي والتراثي الموجود في القرية؛ فعمر الانسان يطول عندما يعيش بين أحضان الطبيعة، ويتناول المأكولات الصحية، ويمارس النشاطات الجسدية. وبالتالي طورنا برامج صحية خاصة بموظفي الشركات، لكي يزوروا القرى اللبنانية للتسلية واللعب والابتعاد قليلا عن أجواء العمل، ويعودوا في اليوم التالي الى العمل بنشاط متجدد، ما يعطيهم دفعة لرفع الانتاجية في الشركة، والتعاون مع بعضهم البعض بشكل فعال أكثر.

حملة "تحت الشجرة" (Taht El Chajra) الموجهة الى الشباب، لنعيد من خلالها التلاميذ الى "تحت السنديانة"، حيث كانوا يتعلمون في الماضي، وذلك من أجل إعادة حسّ المشاركة وتبادل الأفكار، وتعريف الشبان والشابات الى مواضيع لا تعلّمهم إياها المدرسة العادية بل مدرسة الحياة.

حملة "درّجا"، التي تهدف الى نشر مفهوم السلالم بدلا من المصاعد الكهربائية، وإدخاله الى حياتنا اليومية.

حملة "مشّيا" (Mashiya)، وهي بمثابة برنامج مخصص لممارسة رياضة المشي خلال حياتنا اليومية؛ مثلا حين نتكلم على الهاتف.

  • هل بامكانك الجزم أنك حققت اليوم في "ProMax" ما كنت تطمح اليه عندما أسست الشركة في العام 2006؟

نعم بالطبع، فكلما تقدمنا خطوة الى الأمام، تصبح الرؤية أكثر وضوحا أمامنا. ومنذ العام 2006 والى حد اليوم، حققنا نتائج ملموسة، ونجحنا في ترجمة كل الأهداف والأحلام الموجودة في رؤوسنا؛ فعندما نرى حلما، ونتأكد من امكانيتنا على تحقيقه، سيصبح حقيقة حتما، وفي المقابل عندما نتردد، فنحن على الأرجح لن نقوم به أبدا.

  • كرائد أعمال لبناني، كيف تمكنت التنسيق بين أعمالك المتعددة وحياتك الاجتماعية ووقتك الخاص؟

يفتقد غالبية رائدي الأعمال الذين يتواجدون وراء المكاتب، الى الوقت الخاص، ويحاولون دائما إيجاد الطرق للتوفيق بين الحياة الاجتماعية والعاطفية والمهنية،... لكنني لا أعاني أبدا من هذه المشكلة، اذ تمكنت من تأسيس شركة تجمع بين عالمي الخاص ولبنان الأخضر.

فأنا أعمل مع أشخاص إيجابيين قرروا العيش بطريقة ايجابية، كما أن مهنتي هي شغفي، والعكس صحيح، وبالتالي لا يوجد خط فاصل بين عملي وحياتي الخاصة؛ فكل ما أحب القيام به خلال أوقات الفراغ، أمارسه في عملي، مثل المشي، والقراءة، والندوات،...

  • نصيحة من كميل عطية الى الشباب.

أنصح الشباب أن يبحثوا في داخلهم يوميا، لكي يتعرفوا تماما الى أهدافهم، وينغمسوا في أبعادها، بهدف إيجاد أنفسهم. فالبحث عن الذات هي حالة متواصلة ومستمرة، ولا تتوقف أبدا الا عند موت الانسان.

كما أنه بإمكان كل شخص إيجاد جانب يشبهه في سوق العمل، والنجاح فيه؛ فنحن نستطيع الاستماع الى آراء الجميع، ولكن في النهاية علينا أن نتبع شغفنا الخاص.