نادين حشاش حرم هي طبيبة جراحة في ​لندن​، رائدة أعمال وشريكة مؤسسة لشركة "Proximie"، محاضرة في "كلية لندن الجامعية" (UCL)، ومتحدثة في المؤتمرات العالمية "TED".

دفعها حبها للابتكار والتعليم والجراحة العالمية، الى المشاركة في تأسيس "Proximie" التي لاقت اهتماما واسعا في مختلف دول العالم، وفازت بالعديد من الجوائز، وذلك بالاضافة الى كونها المحور الرئيسي لـ"رابطة الصحافة الأجنبية" (Foreign Press Association)، عن فئة "قصة العلوم السنوية".

حرم هي مثال جديد على ​نجاح المرأة​ ال​لبنان​ية، وقدرتها على تحقيق أكبر الانجازات، أضف الى ذلك تميزها وقوتها واتزانها وجديتها. فقد أثبتت جدارتها وأظهرت صورة لبنان المشرفة والمشرقة في كل أنحاء العالم، من خلال تحصيلها العلمي والعملي أيضا، فكانت خير من يمثل بلدها في الخارج.

فلنتعرف أكثر الى مسيرة الدكتورة نادين حشاش حرم، والى شركتها "بروكسيمي"، ونصيحتها للمرأة اللبنانية، في هذه المقابلة الخاصة مع "الاقتصاد":​​​​​​​

من هي نادين حشاش حرم وما هي المراحل التي مررت بها خلال مسيرتك المهنية؟

ولدت في ولاية ​كاليفورنيا​ الأميركية، وأمضيت فترة المراهقة في لبنان، كما تابعت الدراسة لبعض الوقت في "الجامعة الأميركية في بيروت"، "AUB"، وسافرت بعدها لإكمال دراستي في مجال الطب في الخارج.

وأنا أعمل منذ حوالي 10 سنوات، في مجال جراحة التجميل والترميم (Plastic Surgery Registrar) في هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS).

وفي الماضي كنت أسافر كثيرا مع جمعيات خيرية معنية بالجراحة، ومنذ حوالي أربع سنوات، تعرفت الى شريكي في "بروكسيمي"، طلال علي أحمد، الذي كان متطوع أيضا في عمل خيري، وتمكنا معا من تطوير فكرة هذا المشروع.

ما هي "بروكسيمي"؟

أسست هذه الشركة مع شريكي مهندس الاتصالات​​​​​​​المقيم في ​الولايات المتحدة​، طلال علي أحمد، بهدف تسهيل المشاركة البصرية والعلمية لأي جراح اختصاصي بالتعاون عن بعد، من أجل توفير الكلفة، خاصة تكاليف السفر، فضلاً عن توفير الوقت، وخفض معدلات إعادة العمليات الجراحية، والتأكد من حصول المريض على أفضل رعاية من المرة الأولى. والأهم، توفير المشورة والمساعدة للجراح المحلي عن طريق الاستعانة بجراح اختصاصي آخر عن بعد.

​​​​​​​​​​​​​​

ففي وقت الذي يفتقد فيه نحو ثلثي سكان العالم، لإمكانية الوصول لعمليات جراحية آمنة، ستسمح هذه ​التقنية​ للجراحين بالإشراف على العمليات الجراحية التي تتم في البلدان والمناطق النائية، وحتى على أرض المعركة في ​الحروب​. ما يضيف خدمة مميزة على العمليات الجراحية، ويخفض نسب الفشل التي قد تنشأ نتيجة افتقار بعض الجراحين إلى الخبرة.

ولا بد من الاشارة الى أن منصة "بروكسيمي" تعمل مع مختلف الأجهزة، وبالتالي يمكن إضافتها لأي جهاز طبي ولكل المعدات. كما نستطيع اليوم، بفضلها، تطوير تعاون الأطباء مع بعضهم البعض في جميع أنحاء العالم، وتدريبهم، وتطويرهم، وتسهيل تبادل خبراتهم بغض النظر عن نوع العملية الجراحية والجهاز أو التقنية المستخدمة.​​​​​​​

وبالتالي فإن مهمتنا الأساسية تتلخص في تأمين أفضل رعاية طبية ممكنة للمريض في كل مرة. فقبل إطلاق "بروكسيمي"، تابعنا فترة تجريبية لمدة سنة بين كاليفورنيا وبيرو، لكي نتأكد من أن هذه ال​تكنولوجيا​ تقدم قيمة مضافة، ووجدنا أنها تحدث فرقا واضحا في رعاية المرضى، كما بامكانها إحداث تغيير كبير في مجال ​الرعاية الصحية​ بشكل عام.

ومع الوقت باتت الفكرة تلاقي اقبالا واهتماما من مختلف وسائل الاعلام العالمية، وأصبح فريق العمل مكونا اليوم من 25 شخصا، كما لدينا مكاتب في ​بوسطن​ ولندن وبيروت.

هل تفكرين بالعودة للاستقرار بشكل دائم في لبنان؟

أنا أعيش بين بيروت ولندن، وأزور لبنان أكثر من 10 مرات سنويا، من أجل الاطمئنان على عائلتي، ومراقبة سير العمل بسبب وجود غالبية الموظفين في بيروت، بالاضافة الى تقديم بعض المحاضرات في "الجامعة الأميركية في بيروت".​​​​​​​

وفي الوقت الحاضر، من الصعب جدا علي أن أعود بشكل دائم، لكن لا أحد يعلم ما يخبئ له المستقبل.

من قدم لك الدعم طوال مسيرتك المهنية؟

حظيت بدعم واسع من عائلتي وزوجي، فقد ساعدوني في التنسيق وتحقيق التوازن بين عملي ودوري كأم لثلاثة أولاد. كما أن أخواتي نهى ويمنى وسابين، لطالما وقفن الى جانبي وقدمن كل المساعدة اللازمة.

وبالتالي لولا وجود عائلتي الى جانبي على الدوام، لما تمكنت من الوصول الى ما أنا عليه اليوم.

هل لاحظت فرقا كبيرا في وضع المرأة في سوق العمل اللبناني والبريطاني؟

الصعوبات التي تواجه المرأة العاملة هي عالمية، وليست محصورة في لبنان أو أي بلد آخر. لكننا نلاحظ لحسن الحظ، تقدما ملحوظا في وضع المرأة، محليا وعالميا أيضا.​​​​​​​

ففي مجال صناعة التكنولوجيا في لبنان، نرى عددا لا بأس به من ​النساء​ اللواتي أسسن ​شركات ناشئة​ أو شاركن في التأسيس. واذا نظرنا أيضا الى مختلف القطاعات، نرى أن نسبة النساء تتزايد أكثر فأكثر يوما بعد يوم. والأمر ذاته ينطبق على ​بريطانيا​، فمنذ 20 عاما، لم يكن عدد النساء العاملات في مجال الجراحة مرتفعا كما هو اليوم. وبالتالي فإن المرأة باتت تحصل حتما على دعم أكبر للعمل والتميز وتحقيق الانجازات، مع العلم أن هذا التقدم يتطلب وقتا طويلا ليتحقق.

فالمرأة تعاني من ضغوط كثيرة، خاصة في مجال تحقيق التوازن بين العائلة والعمل، لكن الدعم الذي تتلقاه يتيح لها التقدم بشكل أكبر وأسرع.

هل تعتبرين أن "بروكسيمي" هي الانجاز الأكبر الذي حققته الى حد اليوم؟

كل شخص يسعى دائما الى إنجاز الأكبر والأفضل والأهم، لكنني فخورة جدا بما استطعت تحقيقه في "بروكسيمي"، الى حد اليوم؛ اذ تمكنا من تحسين الرعاية الصحية، وتقديم تكنولوجيا قابلة للاستخدام من قبل جميع الناس، من خلال الهواتف الذكية أو أجهزة ​الكمبيوتر​.

كما نجحنا في إضفاء الطابع "الديمقراطي" على مجال الرعاية الصحية والتكنولوجيا أيضا.

وأنا كوجه الشركة، أعتبرها انجازا كبيرا بالنسبة لنا، خاصة وأن 50% من فريق ​المهندسين​ مكوّن من النساء، اللواتي أفتخر بهنّ الى أقصى الحدود.

كيف تصفين نفسك اليوم كسيدة أعمال؟ وما هي العناصر التي تساعد المرأة على التقدم وتحقيق النجاح المهني؟

أولا، من المهم أن تثق المرأة بنفسها، وتؤمن بإمكانياتها وقدرتها على تحقيق كل ما تطمح اليه.

ثانيا، عليها أن تثابر، فسوف يتم أحيانا إبعادها عن المسار، ولكن من خلال المثابرة والإرادة هي قادرة حتما على العودة واستكمال المسيرة؛ وأنا شخصيا مررت بهذه التجربة في رحلتي المهنية، وأهدافي لم تكن يوما سهلة التحقيق.

ثالثا، يجب أن تحظى المرأة بنظام دعم متين، مكوّن من أشخاص يؤمنون بأهمية دعمها؛ وأنا أعتقد أنه كان من المستحيل أن أحقق أهدافي، لولا وجود عائلتي الى جانبي، أي زوجي، والدي، والدتي، أخواتي، وأولادي. فقد أصبحت أقوى من خلال وجودهم الدائم وتشجيعهم اليومي.

​​​​​​​

رابعا، تحتاج المرأة الى مرشدين جيدين، وأنا كنت محظوظة جدا طوالي رحلتي المهنية، لأنني حظيت بمرشدين رائعين كشفوا الطريقة أمامي وشجعوني على الاستمرار مهما اشتدت الصعاب.

خامسا، عملي في مجال الطب مختلف تماما عن التكنولوجيا التي قدمناها من خلال "بروكسيمي"، وبالتالي كان لا بد لي الايمان بهذا المشروع، والحصول على كل الدعم اللازم لمتابعته. وبالتالي اذا ركزنا على التفاصيل الصغيرة، وقطّعنا المهمات الى أجزاء، سنتمكن، مع مرور الأيام، من تحقيق الهدف الذي نطمح اليه.

ما هي الرسالة التي تودين إيصالها الى ​المرأة اللبنانية​؟

نحن نعيش في عصر مليء بالفرص، لأننا نرى تقبلا أكبر لوجود المرأة في مختلف القطاعات في لبنان، وخاصة في مجال التكنولوجيا.

وبالتالي فإن هذه الفترة رائعة للنساء المهتمات بالمشاركة في هذا المجال، خصوصا في ظل وجود جهات عدة في لبنان، تهتم بهذا القطاع وتركز عليه.

ولهذا السبب يجب أن تسعى المرأة اليوم الى التألق والتميز وتحقيق النجاحات.