بعد 9 سنوات لحكم طبقة لم تترك ملفاً إلا وعبثت به، بدءاً من ​الكهرباء​ والمياه، الى ​النفايات​، المناقصات ورائحة ​الفساد​ التي ملأت كل ركن من ​أركان​ هذا الوطن، الى الطبيعة التي لم تسلم من كساراتهم وتوسع عقاراتهم ومكباتهم، الى رواتب موظفي سكة ​الحديد​ غير الموجودة أصلاً، الى العشرات ممّن توفوا على أبواب المستشفيات، تنمّر زعران الأحزاب في شوارع افتقدت للأمن والأمان، الى ​مافيا​ المولّدات، والكثير من الملفات المشابهة التي لم تظهر فشل الطبقة بل محاولات عبثها بحياتنا ومستقبلنا...وهل يدرون أن هذا البلد هو كل ما نملك؟

عبث هذه السلطة تجلّى في جلسة 6 شباط، التي كانت أكثر جلسات ​مجلس النواب​ هدوءاً وتوافقاً. في هذه الجلسة، صوّت النواب على قانون بصفة "معجل مكرر" تبين لاحقا انه عدَّل القانون رقم 25/74 المتعلق برواتب ومخصصات النواب والرؤساء والسابقين وعائلاتهم. وقد نشر في الجريدة الرسمية فورا بعد 4 ايام.

أمّا اليوم وعلى أبواب الإستحقاق النيابي، فإن ما بعد 6 أيار ليس كما قبله. إنتاج المجلس النيابي الجديد هو مسؤوليتنا، وسنتحّمل نتائج أخطائنا إن مدّدنا نحن لهم هذه المرّة.

ولمعرفة المزيد عن تأثير الإنتخابات على الوضع الإقتصاد وعدد من الملفات الأخرى كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير الإقتصادي ومستشار الرئيس ميقاتي د. سمير الضاهر:

ما هي توقعاتك لفترة ما بعد الإنتخابات، وكيف ترى البرامج الإنتخابية من الناحية الإقتصادية؟

في الواقع لن يتغير شيء في هذه الفترة، وذلك لأن الأوضاع متردية أصلاً. لن يكون في هذه الفترة اي معطيات جديدة، إلا إذا لا سمح الله شهدنا أحداث أمنية جديدة.

أما عن البرامج الإنتخابية، فعدد قليل من السياسيين والمرشّحين يطرحون برامج اصلاحية تتعلق ببناء دولة القانون والمؤسسات أو برامج تتعلق بالإصلاحات الإقتصادية والإجتماعية على مستوى البلد أولاً وعلى مستوى المناطق ثانياً.

بعض الأحزاب كانت قد طرحت برامج إقتصادية، فمنذ حوال العام تقريباً طرح التيار الوطني الحر برنامجاً اقتصادياً في ​لبنان​ والخارج، الا ان البرنامج ضاع في التجاذبات السياسية والإنتخابية.

نتمنى من الشعب ان يلعب دوره بعد يومين وأن يكون مصدر سلطة رقابية تحارب الفساد وتقدّم اقتراحات قوانين ذات منفعة. في 12 عاماً متتالية شهدنا استباحة للمال العام بغياب ​الموازنة​، انفاق دون حسيب ولا رقيب. لذلك، نحتاج الى خطوات عملية لمكافحة الفساد.

برأيك كيف أثّر إجراء الإنتخابات للمغتربين على ثقتهم بالوطن الأم، وخاصّةً أنهم الداعم الأساسي للإقتصاد فيه؟

كان هناك اعتراف من كافة الجهات الدولية ان تصويت المغتربين هو خطوة للأمام، إلا أن النسبة ضئيلة كما تابعت، خاصّةً وأن الذين شاركوا هم المنتمين الى الأحزاب.

أما من ناحية الثقة فلا أعتقد ان اقتراعهم سيكون له تأثير عليها وعلى تحويلاتهم.

والجدير بالذكر أن المبدأ الأساسي في الإصلاح الإقتصادي هو خلق فرص العمل كي لا نجبر النخب لدينا على ال​هجرة​ الا ان بعض الشخصيات في لبنان يهمها هجرة ​الشباب​ والا كيف لحفلة ​الإنفاق​ هذه ان تموَّل. إذا لم يهاجر الشباب سنفقد هذه المليارات التي مصدرها ​التحويلات​.

ما هي أولى الإجراءات التي يجب اتخاذها بعد الإنتخابات وتشكيل الحكومة؟

أولى الإجراءات يجب ان تتمثل بتطبيق برامج إصلاحية على المستوى الإقتصادي والإجتماعي بالإضافة الى ​تحديث​ التشريعات والقوانين، يجب على كل نائب في الفترة المقبلة ان يأخذ على عاتقه مسؤولياته التشريعية والمسؤوليات الرقابية بإصلاح جميع المواد والمسائل التي تتعلّق بالموازنة والمالية العامة.

كمستشار إقتصادي للرئيس ​نجيب ميقاتي​، سأشرح عن البرامج التي طرحها بالنسبة للإقتصاد: أوّلاً، الإصلاح المؤسساتي وإصلاح الإدارة العامة لأن هيكلية هذه الإدارة تعود الى الستينيات ولا تتماشى أبداً مع حاجات ​الحكومة اللبنانية​، ثانياً، التصدّي لآفة الفساد بإقتراحات عملية لإنشاء جهاز لمكافحة الفساد، ثالثاً، الحقوق والحريات العامة من الإعلام الى التعبير الى الحق في الوصول الى المعلومات، رابعاً، استقلالية القضاء وهو الأهم والمحور الأخير والموجود في وثيقة الوفاق الوطني وهو إحلال اللامركزية الإدارية.

كما أنه على المجلس العتيد أن يضع في سلم أولوياته حماية الفئات المهمّشة، التغطية الصحية الشاملة، وضمان الشيخوخة ونظام التقاعد الذي لا يستفيد منه اليوم الاّ موظفي ​القطاع العام​، بالإضافة الى تأهيل المناطق النائية وتنميتها التي تفتقر لفرص العمل وشبكة الطرقات والكهرباء.

نطالب المجلس النيابي الجديد بتشكيل سلطة تنفيذية تتضمن المعارضة التي من مهامها لعب دور المعطّل، المحاسب والمراقب في الحكومة. مؤخراً، شكّل رئيس مجلس النواب نبيه بري لجنة لمتابعة تنفيذ القوانين، وذلك لأن هناك الكثير من القوانين التي تنقصها المراسيم التطبيقية ولا تنفّذ.