اظهر تقرير صادر عن المكتب الوطني للأبحاث ال​اقتصاد​ية أنه في حالة وقوع ركود اقتصادي في ​الولايات المتحدة​، يميل المواطنون إلى الوظائف الحكومية بشكل أكبر كونها أكثر استدامة.

وتابع التقرير أنه عند ارتفاع ​معدل البطالة​ بنسبة 1%، فإن الخريجين الجدد من الجامعات والموظفين الآخرين العاملين لدى الحكومة يتوقعون نموا بنسبة 5% في ​الأجور​ على المدى الطويل.

أما العاملون لدى ​القطاع الخاص​، فيتوقعون آثارا سلبية على الأجور على المدى الطويل، وهو ما يجعل الكثيرين يهرعون نحو ​القطاع العام​ أثناء فترات ​الركود​.

ايضا ً معظم السعوديين يفضلون العمل الحكومي (75 % من السعوديين و78 % من السعوديات) وقلة تفضّل القطاع الخاص (19 % رجال، 14 % نساء). وهذا بسبب الشعور بالأمان الوظيفي في ​القطاع الحكومي​، رغم أن غالبية السعوديين يرون أن رواتب القطاع الخاص مغرية. هذه معادلة تحتاج ​موازنة​..

هذا الواقع، لا ينطبق فقط على ​الولايات المتحدة الاميركية​ ، ولا على المملكة العربية ​السعودية​ بل على اكثر البلدان وفي ​لبنان​ ايضاً. الموظفون والمستخدمون في القطاع العام دائما في احسن حال علما ً ان التقدم للحصول على العمل فيه ليس مشجّعاً لضيق فرص امكانية التقدم في المراكز.

الا ان أسباب جاذبية وظائف القطاع العام موجودة بدورها واهمها : أن القطاع العام يقدم مزايا وظيفية مثل الأجور المتميزة والحوافز. العمل في القطاع العام يحمي المرء من القلق على مخاطر الفصل ويوّفر له الأمان الوظيفي . ويقترن هذا في الغالب مع انخفاض نسبي في المطالب المتعلقة بالإنتاجية.

ويرى العديد من الخبراء بأن التكاليف المقترنة بالتركيز العالي للوظائف في القطاع العام سيؤدي على الأجل الطويل إلى تدني النموالكلي لعوامل الإنتاج ومن ثم يكون له تأثير سلبي على جهود الحد من الفقر. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك هو ​الشباب​ المتعلم الذين يواصلون انتظار وظائف غير متعبة في القطاع العام بدلا من تعريض أنفسهم لآليات العرض والطلب المدفوعة باعتبارات السوق.

ساعات العمل

وتعتبر ساعات العمل المحددة ​حافز​ آخر للدخول الى القطاع العام . اذ انها بشكل عام هي اقل الى جانب تعدد ايام العطلات السنوية الرسمية والاعياد التي تستحق للموظفين .

في 18 نيسان، أقرّ مجلس الوزراء في لبنان دوام العمل الجديد في الوظائف العامة من الـ7:30 صباحاً حتى 3:15 من بعد الظهر من الإثنين الى الخميس، ومن 8 صباحاً حتى 11:00 ظهرًا يوم الجمعة. و هذا لا ينطبق على القطاع الخاص .

المستشار القانوني المعتمد لدى منظّمة العمل الدوليّة المحامي الدكتور ​شربل عون​ يوضح "للاقتصاد " : إن تعديل دوام العمل الاسبوعي من 32 ساعة الى 34 ساعة موزعة، وذلك بحسب القانون الجديد الصادر في الجريدة الرسمية في الملحق عدد 18 نهار الخميس الواقع في 19 نيسان 2018، يشمل موظفي القطاع العام والمتعاقدين والأجراء في الادارات العامة، وفي ​الجامعة اللبنانية​، والبلديات واتحادات البلديات والمؤسسات العامة غير الخاضعين ل​قانون العمل​. ولا يشمل الاجراء الخاضعين لقانون العمل اللبناني؛ إذ إنه بحسب قانون العمل، ان دوام العمل لا يزال 48 ساعة في الاسبوع كحدٍ اقصى وليس هنالك من اي تغيّرات على الاطلاق قد طرأت على هذا الموضوع حتى تاريخه.

من المعلوم ان قانون العمل حدد ساعات العمل بـ48 ساعة كحد اقصى (المادة 31) ويمكن ان تكون ساعات العمل اقل كما هو في ​المصارف​ ، وكل ساعة اضافية عن48 ساعة تعتبر عمل إضافي أي أن أجرها يساوي أجر ساعة ونصف. ويجب تقسيم ساعات العمل على ستة ايام ولكن الكثير من المؤسسات تقسمها على 5 أيام، أو تحتسب نهار السبت نصف نهار.

الأجور الضحمة

وفق دراسة اعدها صندوق النقد الدولي في كانون الثاني 2018، تعتبر اجور القطاع العام في ​منطقة الشرق الاوسط​ و​آسيا​ الوسطى ضخمة .

وطالبت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ​الدول العربية​ بخفض رواتب القطاع العام والدعم الحكومي ، وذلك من أجل ضبط ​الإنفاق​ وتحقيق نمو قابل للاستمرار وخلق وظائف وفرص عمل جديدة.

بلدان كثيرة في المنطقة فواتير أجور القطاع العام فيها كبيرة، نسبة إلى إيراداتها ونفقاتها الذاتية وكذلك بالمقارنة مع نظرائها على المستوى العالمي. وقد يكون ذلك مرتبطاً بمستويات ​التوظيف​ العالية في القطاع العام، أو بالمكافآت الضخمة غير العادية، أو في بعض الأحيان لكلا الأمرين. ورغم حجم فواتير أجور القطاع العام الكبيرة غير المتناسب فقد عجزت هذه الفواتير الكبيرة عن زيادة وتحسين جودة ​الخدمات العامة​ الضرورية لمعالجة تحديات التنمية الاقتصادية المذكورة سابقا. وفي ذات الوقت، تتعرض أسواق العمل للتشوهات في البلدان التي تتجاوز تعويضات موظفي القطاع العام فيها تعويضات القطاع الخاص بشكل فادح.

وعشية انعقاد مؤتمر سيدر-1- في ​باريس​ اوصي ​البنك الدولي​ لبنان بضرورة تعديل نظام التقاعد الذي ينقسم حالياً إلى 3 أنظمة، وهي نظام للعسكريين وآخَر لموظفي الدولة، وثالث للقطاع الخاص، ويقترح البنك الدولي توحيد نظام التقاعد، على أن يتم حكماً تقليص الإنفاق على التقاعد في القطاع العام . والاهم من ذلك التركيزعلى إصلاح القطاع العام وضبط الرواتب والأجورفيه.

مشكلات القطاع العام

هناك شبه إجماع على ان القطاع العام اللبناني يشكو من عدة امور بينها:

عدم إحترام القانون والالتزام بتطبيقه ما يساهم في تعزيز ​الفساد​ والفوضى .

البيروقراطية : فمركزية القرار تصعّب وتؤخر اتخاذ القرارات . وهذا الأمر يفقد الخدمات جودتها ويدفع بالفرد الى اللجوء للرشاوى بغية الحصول على مطلبه بأسرع وقت.

- قدم الوسائل والأساليب الإدارية: المتمثّل في استعمال أنظمة وأساليب وأدوات تقليدية من شأنها أن تولّد البطء في الإجراءات والمعاملات التي تمتد أحيانًا لأشهر عندها، الأمر الذي يجعل المواطن يعدل عن الحصول على خدمته المطلوبة أو يلجأ لأسلوب الرشوة.

- نقص كفاءة الموظفين، والمهارات ، والخبرات وذلك بسبب التوظيفات العشوائية والمحسوبيات السياسية والأقارب ...

- غياب الرقابة: واجهزتها غير الفعّالة القادرة على المساءلة والمحاسبة وعلى ضبط المخالفات. وهذا طبعاً مرتبط بحجم التدخّلات السياسية .

احتدم الخلاف لزمن طويل بين أنصار دور الدولة اي القطاع العام في ​النشاط الاقتصادي​ وبين أنصار " اقتصاد السوق اي القطاع الخاص. وبالطبع فإ ن في كل من القطاعين وظائف خاضعة للعرض والطلب ، ولقواعد وشروط تتراوح بين المرونة والصعوبة.واذا كان العمل في القطاع الخاص كفيل بتحقيق النمو، فإنه في القطاع العام يوفّر استدامة الوظيفة.