كل شخصية نكتب عنها تحمل معها قصة نجاح بطابع خاص، شخصيتنا اليوم عايشت أقسى أيام الحرب ال​لبنان​ية وتدرجت مسيرتها من مجال هندسة المعلوماتية إلى الشق الإستشاري، فالتعليمي.

كل هذه النشاطات لم تمنعه من خدمة أبناء وطنه عبر إعطاء شباب لبنان في القرى النائية فرصة لإكتشاف قدراتهم التكنولوجية وتسليحهم بالعلوم والمهارات اللازمة لتطوير أنفسهم.

حلمه للبنان الرقمي أن تقوم الدولة بسياسية شاملة لكل شبابها بهدف دعمهم لتطوير أحلاهم لأنه يعتبر أن على الدول دعم الطلاب قبل تخرجهم من الجامعات لأنه الوقت الأنسب للإبداع قبل إنصياعهم تحت رحمة صعوبة الحياة وتأمين قوت العيش اليومي.

ولنتعرف أكثر عن هذه الشخصية النموذجية كان لـ"الإقتصاد" لقاء حصري مع مدير عام شركة "OmniSystems "، والأستاذ الجامعي غابي ديك الذي شاركنا أبرز مراحل حياته الأكاديمية والمهنية.

بداية من أين كانت الإنطلاقة؟

تخرجت من الجامعة الياسوعية في بيروت حاملاً معي شهادة في هندسة علوم ​الكمبيوتر​ عام 1982.

وفي الجامعة أُتيحت لنا الفرصة للتقدّم إلىبرنامج أجنبي يُمكننا من خلاله الحصول على فرصة لنتابع دراستنا تطبيقياً في ​فرنسا​، وحينها كانت أول مرة تجري هذه المسابقة في لبنان، وقد صادف موعد هذه المسابقة في أشد أيام الحرب اللبنانية. أذكر جيداُ المعاناة التي عشتها لأتمكن من الوصول إلى مكان الإمتحان الواقع في مقرّ ​السفارة الفرنسية​ في بيروت. وبالتالي لم أتمكن من نجاح هذا الإختبار نظراً للظروف النفسية التي عايشتها خلال ذهابي للإمتحان. ولم يتمكن سوى 3 من تجاوز هذا الإمتحان من أصل 60 تلميذاً تقريباً.

عملت بعدها في شركة "إستشارات" وهي شركة لا تزال قائمة حتى هذا اليوم، وكان حينها الشخص المسؤول عني هو نفسه أستاذي في الجامعة. تعلمت منه الكثير، وإكتسبت منه أيضاً ما لا يجب أن أقوم به، وهذا لأنني صاحب فكر نقدي. وكان عملي في الشركة لمدة عامين ونصف فترة غنية جداً بالمعرفة والخبرات.

قررت في العام 1985 أن أؤسس شركتي الخاصة "Bits".

كيف تمكنت من تكبّد تكاليف تأسيس شركتك الخاصة خاصة أنك كنت في عقدك الثاني من العمر فقط؟

بالطبع الأمر لا يمكن سهلاً فقد أمضيت الأشهر الـ7 الأولى وأنا أدرس الخطوات التي بإمكاني إتخاذها، رغم كل الظروف القياسية الأمنية والإقتصادية كنت متأكداً من أنه بمقدوري تحمّل هذه المسؤولية الضخمة.

ما هي الصفات التي تتميز فيها شخصيتك التي دفعتك للمخاطرة بوظيفتك الثابتة والتوجه نحو المجهول؟

كان لدي إحساس قوي أشبه باليقين يطمأن قلبي بأنني سأصل إلى أحلامي.

وكيف تطورت الأمور ليتحوّل المستقبل المجهول إلى معلوم؟

خلال الاشهر الـ7 الأولى عملت على مشاريع خاصة صغيرة، وبالإضافة إلى ذلك شهدت مسيرتي المهنية نقلة نوعية لأنني قررت أن أعمل في مجال الصحافة.

عملت من العام 1985 وحتى العام 1987 في أحد المجلات التي إستلمت فيها صفحة المعلوماتية.

وفي هذه الفترة قمت بإعداد أول إحصائية للتسويق عن سوق ​تكنولوجيا المعلومات​، مما أبهر أصحاب الشركات الذين كانوا يقرأون هذه المجلة، وطلبوا مني أني أدعمهم في شق الإستشارات لمعرفتي الجيدة للسوق.

وعندها طلبت مني الجامعة الياسوعية أن أعطي الطلاب صفاً عن سوق تكنولوجيا المعلومات وبدأت بالتعليم منذ العام 1986 وحتى يومنا هذا بالطبع بت أعطي صفوفاً أكثر في مجالات أكثر.

ماذا حصل لشركتك "Bits"؟

تعاونا أنا وأصدقائي في الشركة، ولكنهم سافروا بعد فترة، وكانت قد سنحت لي الفرصة أن أعمل في المجال الإستشاري مع الجامعة اللبنانية.

في العام 1986 عرض عليّ المؤسسين والإدارايين في المجموعةالتي أعمل فيها حالياً "" Midis Group الإنضمام إليهم، رغم أنهم كانوا قد عرضوا علي نفس العرض فور تخرجي من الجامعة ولكني فضلّت عندها العمل في شركة "إستشارات" عوضاً عن العمل في "" Midis Groupكمسؤول مبيعات.

ولا زلت حتى الساعة أعمل في نفس المجموعةالتي تضم أكثر من 100 شركة تحت إسمها منتشرة حول العالم.

أما أنا في المجموعة فأستلم إدارة شركة "OmniSystems" .

كيف ترتب الأمور التالية بحسب الأولوية: الخبرة، رأس المال و الشهادة الجامعية؟

برأيي تأتي الخبرة أولاً عند تأسيس أي مشروع، لم يشكل لي رأس المال عائقاً في مسيرتي المهنية خاصة في مجال عملنا الذي لا يتطلب العديد من المكونات لتأسيس شركة معلوماتية، كل ما تحتاج إليه هو "العقل".

أنا أؤمن أن المكون الأساسي لنجاح أي مشروع هو مزج بين الفكرة الفريدة والكفاءة.

ما هي أبرز الصعوبات التي واجهت مسيرتك المهنية وكيف تخطيتها؟

إن الوضع الإقتصادي الحالي يشكل بالنسبة لنا أكبر صعوبة واجهناها حتى الساعة. ونحن حالياً نعمل بشكل مكثّف مع القنوات التلفزونية، التي تواجه أزمة إقتصادية فعلية، في ظل إكتساح الإعلام الرقمي للإعلام التقليدي. ونحن الآن بصدد دراسة الخيارات المتاحة لنا حالياً لنتطور مع مواكبة الإقتصاد الرقمي.

ما هو طموحك لقطاع المعلوماتية في لبنان؟

للأسف نحن في لبنان نتجاهل العديد من القرى والبلدات النائية في حديثنا عن قطاع التكنولوجيا، فمن قرر أن كل العباقرة والمبدعين متواجدين في المدن فقط؟ علينا إعطاء فرصة حقيقية لشباب لبنان بكافة مناطقه، وهذا ما اقوم به شخصياً من خلال جولات أقوم فيها على ​القرى اللبنانية​ أدرب فيها التلاميذ على البرمجة وغيرها من المهارات الرقمية.

هذه المبادرات لا تكتمل بجهودالقطاع الخاص فحسب فلا بد من إيجاد سياسة دولة لتنظيم هذا النشاط على صعيد لبنان ككل وميزانية خاصة بها، وقد طرحت من حوالي 7 أعوام فكرة إنشاء صندوق للإبداع والإبتكار.

علينا دعم شبابنا قبل دخولهم لعالم الأعمال لأنهم في هذه المرحلة العمرية قادرين على أن يحلموا ويطمحوا للأفضل،فمن بعدها يسعى الشاب إلى تأمين قوته فحسب.

ما هي الرسالة التي تود إيصالها للشباب اللبناني من منطلق خبرتك الخاصة؟

أقول للشباب، إبذلوا الكثير من الوقت على أنفسكم لتكشفوا شغفكم في الحياة ولا تكون مُسيرين وأداة تطبيق لأحلام غيركم.

لا تربطوا أحلامكم المهنية بالأمور المادية، لأن اليوم باتتالأمور أسهل فإبمكان أي شاب في العالم إبتكار فكرة صغيرة وبيعها للعالم بأسره فلا تحدوّا أنفسكم.

اتمنى من شباب لبنان أن تتوقف عن التذمر من الوضع الحالي.. وان ينصب كل تركيزهم على تحسين أنفسهم فهنالك ما يكفي لتحقيق احلامكم.