تسلقت سلم النجاح درجة درجة، وجمعت ما بين المعرفة والتطبيق العملي، فاقتنعت بالفكرة الموجودة في ذهنها وعملت على تنفيذها.

اهتمت بالتنسيق بين العمل والحياة الخاصة والعائلية، وبتحقيق التوازن بين هذين الجانبين، فنجحت في تحديد أولوياتها، وحيّدت نفسها عن الضغوط والصراعات والمشاكل الناجمة عن تعدد أدوار المرأة ومسؤولياتها؛ فباتت اليوم سيدة أعمال منجزة، وربة منزل متميزة.

كان لـ"الاقتصاد" مقابلة خاصة مع مؤسِسة "Neevie Santé Diet Clinic and Catering"، نيفين العلمي، للتعرف الى قصة نجاحها التي بدأت في عمر صغير.

لمحة عن رحلتك الأكاديمية والمهنية، وكيف قررت تأسيس "Neevie Santé Diet Clinic and Catering"؟

تخرجت في العام 2008، من "الجامعة الأميركية في بيروت"، "AUB"، مع شهادة في علوم التغذية. بعد ذلك، خضعت لفترة تدريبية لمدة سنة في مستشفى.

وفي العام 2009، افتتحت عيادتي الخاصة في منطقة المصيطبة في بيروت، لمعالجة المرضى الذين يعانون من المشاكل الغذائية، وتقديم النصائح والحميات.

ومن ثم حصلت على شهادة الماجستير في علوم التغذية من "الجامعة الأميركية في بيروت"، وفور انتهائي في العام 2013، افتتحت مطبخ "Neevie"، وبدأنا بتقديم المأكولات الصحية، وإيصالها الى المنازل.

لماذا اخترت التخصص والعمل في مجال التغذية؟​​​​​​​

خلال فترة المراهقة، تعرفت الى المنتجات قليلة الدهون والخالية من الدسم، التي كانت قد بدأت بالانتشار في لبنان.

فكانت والدتي تحضرها الى المنزل، وبالتالي دفعني فضولي للتعرف الى قيمتها الغذائية والقراءة عنها، ومع الوقت بدأت بالتعلق بهذا المجال، وأصبحت أختبر نفسي، فعل سبيل المثال اذا أردت تناول وجبة خفيفة معينة، كنت أقرأ عن السعرات الحرارية الموجودة في كل نوع منها، لكي أختار الأفضل.

وعندما وصلت الى المرحلة الجامعية، قررت التخصص في علوم التغذية، دون أي تردد.

​​​​​​​

هل تلقيت الدعم من محيطك عندما قررت تأسيس عملك التجاري الخاص؟

تلقيت دعما واسعا من عائلتي ووالديّ، اذ تزوجت في سن مبكرة، بعد أن أنهيت مرحلة الإجازة الجامعية. وبالتالي دعموني كثيرا حتى تمكنت من نيل شهادة الماجستير، وذلك بسبب واجباتي كأم؛ فقد ساعدوني على تربية الطفل، وإيجاد عيادة جيدة.

كما أن زوجي وقف الى جانبي حتى تمكنت من إكمال دراستي، وإطلاق عملي الخاص، أكان من الناحية المادية أم المعنوية. وذلك لأن شركة تقديم الطعام، الـ"catering"، بحاجة الى رأسمال كبير من أجل الانطلاق.​​​​​​​

كيف تمكنت من نشر اسمك والتسويق لشركتك في ظل المنافسة الكبيرة الموجودة اليوم في السوق اللبناني؟

عملت كأخصائية تغذية قبل الدخول الى مجال الـ"catering"، وبالتالي اكتسبت خبرة لمدة أربع سنوات، خولتني الانتشار بشكل أكبر بين الناس.

فعندما أطلقنا المطبخ، بدأنا باستقطاب المرضى الذين يقصدون عيادتي، ومع الوقت أخذت الشركة بالانتشار، وتعلمنا أكثر فأكثر تقنيات التسويق، وذلك من خلال المعارض ووسائل التواصل الاجتماعي التي تعطي نتيجة ملحوظة في أيامنا هذه.

كما أنه من المهم جدا أن نحافظ دائما على الطعمة اللذيذة، والجودة الممتازة، والمعايير العالية في مأكولاتنا، لأن هذه العوامل تسهم في توسع قاعدة زبائننا.

ما هي التحديات والصعوبات التي تواجهك خلال العمل في لبنان؟

في جميع المجالات، يجب أن يشق الانسان طريقه بنفسه، فلبنان لا يقدم شيئا للمستثمر، وصاحب العمل لا يشعر بالارتياح لأنه لا يتم تقدير جهوده، بل على العكس يبقى منزعجا من أمور بديهية كثيرة. وبالاضافة الى ذلك، فإن القوانين والأنظمة لا تخدم مصلحة أصحاب المؤسسات الخاصة، والضرائب المفروضة عليهم كثيرة.

كما أن المنافسة كبيرة، لكنها لحسن الحظ شريفة وعادلة، وتشجعنا على العمل أكثر من أجل صقل مهاراتنا، وتطوير قدراتنا، وتقديم الأفكار الجديدة.

ولا بد من الاشارة الى أن اللبناني اعتاد على أن "يطحش" مهما حصل، وبالتالي أصبح ينزعج لدى حصوله على بعض الامتيازات المريحة.

ما هي مشاريعك وطموحاتك للمستقبل؟

نسعى الى التوسع داخل لبنان، وافتتاح فرع لـ"Neevie" خارج منطقة بيروت.

​​​​​​​

أما على الصعيد الشخصي، فأطمح الى متابعة دراساتي العليا واستحصال شهادة الدكتوراه، والتخصص في علوم التغذية للأطفال بشكل موسع أكثر. ففي أيامنا هذه، يعاني الأطفال من مشاكل غذائية كثيرة، لأنهم يتربون على عادات غذائية خاطئة تؤدي الى مشاكل غذائية مع تقدمهم في السن.

وبالتالي اذا اهتمينا بهم منذ عمر صغير، وركزنا أيضا على الآباء والأمهات، سنتمكن من إحداث فرق ملحوظ وسنصل الى أجيال صحية أكثر.

كيف تنجحين في تحقيق التوازن في حياتك؟

التوازن صعب للغاية خاصة لأنني أم لولدين، وبالتالي فإن تنظيم الوقت مهم جدا بالنسبة لي. فأنا أعمل يوميا على تنظيم جداول المواعيد من أجل الاستفادة من كل دقيقة في النهار، كما أتلقى داعما واسعا من عائلتي.

ولا بد من الاشارة الى أنني أخصص دائما فترات بعد الظهر لأولادي، لأن الأولوية لهم، ولهذا السبب أشعر أحيانا بالتقصير تجاه عملي. لكن العائلة هي رأسمال الانسان في النهاية.

كيف تشجعين المرأة اللبنانية على اتخاذ المبادة لتأسيس مشاريعها الخاصة؟

يجب أن تعمل المرأة ولا تتوقف يوما عن العطاء، وذلك من أجل تطوير نفسها والمجتمع أيضا. ولكن على محيطها أن يتفهم وضعها، وعلى زوجها أن يعي أن وضعها ليس مماثلا للرجل، خاصة عندما تكون عاملة وأم، وذلك لأن المرأة عاطفية وحساسة أكثر، وبالتالي اذا شعرت بالضغط ستصاب بحالات من التوتر، ستؤثر حتما على منزلها وعائلتها.

لكن لا بد من القول أنه لا يمكن للمرأة أن تربي أسرة وتعمل بدوام كامل، وتعطي 100% من ذاتها للناحيتين؛ فهذا الأمر مستحيل. ولذلك اذا أرادت تأسيس عائلة، أنصحها أن تمارس عملا منطقيا مع دوامات مريحة.

فالمرأة تتمتع بالقدرة والقوة والطموح والأفكار المميزة، ولكن عليها أن تحقق التوازن في حياتها كي لا تخسر عائلتها في سبيل مسيرتها المهنية.