إنه الواحد من أيار، يوم يحتفل فيه لبنان ب​عيد العمال​ الذي أصبح مجرد شعار فارغ من محتواه، خصوصا في بلد يرزح فيه العامل تحت هاجس الصرف التعسفي، فلا ضمانات ولا تطبيق فعلي لقانون العمل، ونقابات نائمة ومسيّسة غفلت عن الدفاع عن حقوقه وحمايته.

ويأتي عيد العمال هذا العام مترافقا مع عودة الحياة الديمقراطية إذا صح التعبير عبر الإنتخابات النيابية، بعد غياب إستمر لأكثر من 9 سنوات. ويامل العامل اللبناني أن تحدث هذه الإنتخابات تغييرا ملحوظا على مستوى التمثيل في المجلس النيابي، وان ينعكس ذلك إيجابا على الوضع الإقتصادي بشكل عام، وعلى فرص العمل وسوق العمل بشكل خاص.

ولأن العامل هو العنصر الفعال والمؤثر في كافة المجالات، ورغم ذلك بقي مغبوناً ومهدور الحقوق على مدى سنوات مضت، كان لـ "الإقتصاد" مقابلة خاصة مع لمحامي بالإستئناف، والمستشار المعتمد لدى عدة هيئات دولية د. ​شربل عون عون.

هل هناك من تحسينات طرأت على قانوني العمل والضمان الاجتماعي خلال عام 2017؟ وهل هي لصالح الاجير او لرب العمل؟

نعم، هناك تغيير جذري قد حصل في قانون الضمان الاجتماعي من خلال المذكرة الاعلامية رقم 559 تاريخ 24/ تموز/ 2017 والمعمول بها منذ 1/10/2017 وتتعلّق بالضمان الصحي؛ فقبل المذكرة المذكورة كان الاجير يستفيد من الضمان الصحي حتى عمر 64 سنة كحد أقصى وشرط ان يكون مرتبط بعقد عمل؛ ولكن بعد اصدارها اصبح بأمكان المضمونين المتقاعدين الذين تركوا العمل بالاستفادة من فرع الضمان الصحي شرط ان يكون قد سبق لهم ان انتسبوا 20 سنة الى الصندوق المباشرة.

يوم عيد العمل، كيف ترون اوضاع الاحكام والقرارات الصادرة عن القضاء في ظل وجود عدد كبير من الشكاوى امام مجلس العمل التحكيمي؟

برأيي أن محاكم العمل في لبنان تلعب دوراً اساسياً في حماية حقوق الاجير في ظل غياب الدور الفعال من قبل وزارة العمل والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

من المعلوم بانه الكثير من ارباب العمل لا يسجلون اجرائهم لدى الضمان الاجتماعي، ورقابة هذا الاخير ليست جداً فعالة او مفيدة، فهنا يضطر الاجير اللجوء الى المحاكم من اجل حماية حقوقه وإلزام رب العمل بتسجيله لدى الضمان الاجتماعي؛ وبالفعل فإذا كان هنالك اي اثبات لدى الاجير فإن محاكم العمل ستصدر احكاماً مشرِّفة بهذا الموضوع تهدف من خلالها الى حماية حقوقه.

ولعل ما يتمناه الاجير ورب العمل يوم عيد العمل هو قضاء مستقل الذي من شأنه حماية حقوق الطرفين من اي تدخلات سياسية أـو خارجية، وانا ارى شخصيا وضع القضاء حاليا أفضل بكثير مما كان عليه في العهود السابقة.

ماذا عن الضرائب، هل هنالك من اي تعديل على ضريبة الرواتب والاجور؟

ان كافة التغييرات والتعديلات التي طرأت على القوانين الضريبية لم تتطرق الى الضريبة على الرواتب والاجور واعني هنا الشطور التي يخضع اليها راتب الاجير والتي هي تصاعدية تبدأ من 2% لحدود الستة ملايين وصولا الى 20% لما يفوق 120 مليون؛ كما انه لم يطرأ اي تعديلات على التنزيلات العائلية التي يستفيد منها الاجير عن نفسه وعن زوجته وعن اولاده لحدود خمسة اولاد.

ماذا بالنسبة للقانون الجديد الذي صدر في الجريدة الرسمية نهار الخميس الواقع في 19 نيسان 2018، هل من اية تعديلات لها علاقة بقانوني العمل والضمان الاجتماعي؟

ان قانون الموازنة الذي اشرت اليه قد لحظ تعديلات جذرية في قوانين الضرائب في لبنان، من ضرائب جديدة وتخفيض ضرائب ورسوم وغيرها.

لابد لنا من الاشارة الى تلك التي لها علاقة مباشرةً بقانوني العمل والضمان الاجتماعي:

- رسم الطابع المالي على عقد العمل:

كما تعلمون ان كل اتفاق موقع بين فريقين يخضع لرسم الطابع المالي بنسبة 4 %، وكان هذا الرسم يطبق ايضاً على عقود العمل ولم يكن هناك ايّ نص خاص او اعفاء بهذا الشأن بقانون العمل على خلاف ما كان يعتقد البعض. ولكن بموجب المادة 41 من القانون المذكور اصبحت عقود العمل للاجراء اللبنانيين معفاة من رسم الطابع المالي.

ان عقد العمل يمكن ان يكون شفهيا أو خطيا، فأذا كان خطيا فهو اصبح معفى من رسم الطابع المالي.

- اجازة العمل للأجراء اللبنانيين:

للاجراء الاجانب اصبح بامكان وزارة العمل اصدار اجازات عمل لغير اللبنانين لمدة سنتين بدل السنة الواحدة وبالتأكيد بعد استيفاء الرسم عن السنتين.

بالنسبة للضمان الاجتماعي هناك نقطتين تتعلق به:

كما تعلمون عند استخدام اي اجير لبناني، ان مجموع الاشتراكات التي يجب تسديدها الى الضمان هي بقيمة 25.5 % من الاجر الذي يتقاضاه الاجير، 22.5% يدفعها رب العمل و3% يدفعها الاجير. من اجل تشجيع ارباب العمل على استخدام اجراء لبنانيين، سوف تتحمل الدولة اللبنانية تسديد الاشتراكات المترتبة للصندوق الوطني ولمدة سنتين ولكن ضمن شروط معينة:

1- ان يتم استخدام الاجير في الفترة الممتدة من تاريخ نشر القانون ولغاية 31/12/2019،

2- ان لا يزيد أجره عن /18000000/ ل.ل. (ثمانية عشر مليون) عن السنة الواحدة،

3- أن يكون الاجير يعمل لأول مرة، أو كان عاطل عن العمل او كان قد ترك العمل قبل نشر القانون بمدة ستة أشهر على الاقل.

هناك امراً مهماً ايضاً يتعلق بتخفيض الغرامات بنسبة 90% وزيادات التأخير على متأخرات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي شرط ان تسدد المؤسسات هذه المتاخرات مع الغرامات في مهلة اقصاها ستة اشهر من تاريخ نشر هذا القانون ويمكن لتلك المؤسسات ان تقسط المبالغ المتوجبة عليها لمدة خمس سنوات كحدٍ اقصى.

أرى ان هذه التعديلات لا بأس بها وهي من مصلحة رب العمل والاجير ومن شأنها تفعيل الحركة الاقتصادية والبطالة في البلد.