أشار وزير المال ​​علي حسن خليل​​ في كلمة له في مؤتمر "موازنة المواطنة والمواطن 2018"، إلى انه "نريد ان نصل الى الدولة التي لا تخفي عن مواطنيها حقيقتهم المالية"، موضحا ان "موازنة المواطن التي نطلقها اليوم تطرح الوضع المالي بالارقام"، معتبرا ان "الوضع المالي يتجاوز بخطورته الوضع الامني ".

وأكد ان "لبنان لم يعد يحتمل مزيداً من السياسات التي ساهمت في وضعه في مصاف الدول التي تحتل مراتب متقدمة للاسف في الفساد". وقال: "على الحكومة الجديدة ان ترتقي برؤية جديدة ل​محاربة الفساد​، ونحن مدعوون لتعزيز ثقة المواطن بدولته".

وأضاف "ليس صحيحا ان كل الادارات في لبنان فاسدة"، مشددا على انه " لم يعد مسموحاً ان نعتبر ان كل اجهزة الرقابة سقفها واطٍ بالمعنى السياسي وان لا رقابة على المشاريع". وقال: "لدينا على مستوى الادارة العامة الكثير من الكفايات والقدرات التي تستطيع ان تنجز وتحقق الكثير من المنجزات اذا ما سمح لهذه الكفاءات المشاركة في القرار في الوزارات".

وجدد وزير المال التزامه الواضح بعملية الحاسابات العامة، و"التي اخذت جدلأً في السنوات الماضية، وذلك ضمن المهلة التي حددها ​المجلس النيابي​ ولقد اصبحنا في مشارف النهاية وهذا امر يضع كل الحقائق عن الحقبة التي طرحت عليها اسئلة كثيرة امام الرأي العام كما سيوضع التقرير بيدي الاجزة الامنية". وأضاف " نأمل ان تتحول موازنة المواطن الى تقليد سنوي يتبع في ​وزارة المالية​ كل عام وهو امر سيلزم الوزارات اللاحقة بتطبيق هذا القرار".

وقال "موازنة المواطن اليوم هي لتقوية التواصل بين هذا المواطن والدولة وهي تعزيز لعلاقة الثقة التي يجب أن تُبنى بينهما والأساس هو تعزيز الشفافية والوضوح أمام الناس وأرقام الموازنة لما هذا الأمر من أهمية استثنائية في تكوين الرأي العام والسماح له في أن يحاسب وأن يراقب.

هي صيغة مبسّطة عن الموازنة العامة يمكن من خلال تصفّحها أنْ يطّلع من يريد على كل هذه التوجّهات والأرقام وأن يبني الموقف على أساسه. أيها الأصدقاء لم يعد لبنان يحتمل مزيداً من السياسات التي ساهمت في وضعه الحالي، في وضعه في مصاف الدول التي تحتل مراتب متقدمة للأسف في الفساد والهدر لم يعد باستطاعتنا أن نستمر في تجاهل منظومة الفساد المركّبة على أكثر من مستوى وصعيد في إدارة الدولة. أصبحنا أمام تحدٍ بنيوي وربما وجودي للدولة في أنْ تواجه كل أشكال الهدر والفساد وأنْ ترسم معالم للمرحلة المقبلة على أساس مكافحة وضرب هذه البنية بشكل يعيد ثقة المواطن بالدولة وثقة المجتمع الدولي بدولتنا ووطننا لبنان. نحن عندما نتحدّث عن المؤتمرات الدوليّة وشروطها ومع تقديرنا لهذا الأمر ولكن الإصلاح الداخلي ومحاربة الفساد وضبط الهدر هو واجب وطني بالدرجة الأولى بغض النظر عن آراء الآخرين بنا، لهذا ما هو مطلوب منا كثير خصوصاً أننا قادمون بعد الانتخابات النيابيّة على تشكيل حكومة جديدة يجب أن تنطلق برؤية واضحة من أجل وضع أسس حقيقيّة أوّلاً لمحاربة هذا الفساد وثانياً لتطوير الأداء بالطريقة التي تسمح بتحقيق الأهداف المرجوّة. كل مؤتمرات الدنيا التي تعقد وكل التقديمات والتسهيلات التي تعطى للبنان لا يمكن أن تحل مشاكله من دون مبادرة داخليّة تستهدف أوّلاً تطوير الإدارة العامة والأنظمة والقوانين ومن دون بشكل أساسي تفعيل أجهزة الرقابة والتفتيش والقضاء والالتزام بالأصول القانونيّة في التعاطي مع مسألة الإدارة وتجاوزات من يريد أن يتجاوز".

وأكد خليل أن "المطلوب إرساء قواعد جديدة للإنفاق تَفرُضُ على الجميع الإلتزام بالأنظمة وبالشفافيّة في إدارة المناقصات من خلال الجهاز المركزي المسؤول عن هذه العمليّة. لم يعد مسموحاً أن نعتبر أنّ كل أجهزة الرقابة "سقفها واطي" بالمعنى السياسي ويمكن تجاهلها، ولم يعد مسموحاً لنا أيضاً أن نعتبر أنّ لا رقابة مؤخّرة على أيٍ المشاريع على عكس ما هو سائد على مستوى العالم. اليوم الرقابة والمحاسبة يجب ان تطال الجميع من دون استثناء ويجب أن تواكب كلّ إنفاق مهما كان هذا الإنفاق صغيراً أو كبيراً".

وقال "في تجربتنا هذه لم نتدخّل لإخفاء رقم واحد بل على العكس كان الحرص أن تقّدم الأرقام كما هي لأننا لا نريد أن يكون هناك أرقام معلنة وأرقام مخفية وأن تكون هناك هندسات إعلاميّة للواقع الذي نعيشه. اليوم هناك مديونيّة عالية جداً أمامنا تفرض إدارة جديدة أيضاً وحكيمة للدين العام والتعاطي مع المسألة كموضوع جوهري يهم كل الدولة بأجهزتها المختلفة. ونحن نعمل على هذا الأساس مع الإدارة بالتنسيق مع الإدارات والأجهزة المعنيّة للوصول إلى تأمين حدٍ مقبول من التوازن خصوصاً أننا شهدنا في الأعوام الماضية على مستوى الموازنة فائضاً أولياً ولكن أثقلت خدمة الدين الموازنة بعجز كبير اطّلعنا عليه جميعاً.

واليوم نحن وإياكم مدعوون لتعزيز ثقة المواطن بدولته وهذا الأمر لا يمكن أن يتم إلا إذا كان إرادة وطنيّة جامعة وتكامل لأدوار المؤسّسات الدستوريّة والإداريّة والرقابيّة للخروج من أزماتنا".

وأكمل "اسمحوا لي هنا أن اقول إنّ لدينا على مستوى الإدارة العامة الكثير من الكفايات والقدرات التي تستطيع أن تُنجز وأن تفعل وأن تُحقّق الكثير من الإنجازات إذا ما سُمِحَ لهذه الكفايات أن تبرُز وأن تأخذ دورها الأساسي على مستوى القرار في الوزارات والإدارات.

صحيحاً أن كل الإدارة العامة فاسدة وليس صحيحاً أنّه لا يوجد موظّفون أكفّاء، بل على العكس ثمة قدرات استثنائيّة يستفيد منها الكثير على مستوى العالم، ولكن علينا أن نعطي الفرصة بالدرجة الأولى، وأن نُشعر الموظّف بالحماية غير السياسيّة وغير الطائفيّة لحماية الدولة كل الدولة والوزراء له في أداء مهامه. وهذا الأمر نحن ملتزمون به ولهذا أعبّر عن تقديري وشكري للمديريات المعنيّة بإصدار الموازنة العامة والتي تابعت وواكبت عبر موظّفيها خلال المرحلة الماضية عمليّة إعادة الانتظام إلى الموازنة العامة وإصدارها، وهذا أمر حيوي وأساسي ساهم في إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح".

وجدد خليل "إلتزامه الواضح بإنجاز عملية التدقيق في الحسابات العامة والتي أخذت جدلاً كبيراً خلال السنوات المنصرمة. نحن ملتزمون إنجاز هذا الأمر ضمن المهلة التي اعطانا اايها مجلس النواب، وقد أصبحنا على مشارف إعداد التقرير النهائي حول هذه المسألة مع المديريات المعنية، وهو أمر سيضع كل الحقائق عن الحقبة التي طرحت عليها اسئلة كثيرة أمام الرأي العام، من دون مواربة وسيوضع التقرير امام الأجهزة المعنية وسيكون بتصرف مجلس النواب الذي طلب هذا الأمر".

وختم قائلاً "اليوم معهد باسل فليحان يقوم بواجب مهم جدا وبعملية أساسية تساعد في حل الكثير من المشكلات وفي إعداد جملة من الدراسات والأبحاث والدورات التدريبية التي تساعد في تعزيز ما نصبو إليه من تحديث وتطوير، وهو أمر مشكور عليه، ويأتي في سياق ما نخطط له على مستوى الإدارة بشكل عام. ونأمل في أن تتحول موازنة المواطِنَة والمواطن تقليداً سنوياً، فتأتي مباشرة بعد إقرار الموازنة العامة، لتكون في خدمة التوعية والمعرفة والناس، وهو أمر سيصدر بقرار واضح يلزم الوزارة والوزراء الذي سيأتون لاحقاُ بتطبيق هذه العملية".

مضمون الكتيّب

ويندرج الكتيّب ضمن سلسلة التوعية المالية والضريبية الصادرة عن معهد باسل فليحان المالي والإقتصادي، ويُقدّم صيغة مُبسّطة لموازنة الحكومة اللبنانية لعام 2018، تستند إلى معطيات الموازنة المُقرّة في مجلس النواب، ليعرض أبرز التوجّهات الماليّة للحكومة بالإضافة إلى البنود الإصلاحية الملحوظة. ويشرح الكتيّب الأهداف العامة لموازنة عام 2018 وفرضياتها، والنفقات المُرتقبة وكيفية توزعّها على مختلف القطاعات، والإيرادات الضريبية وغير الضريبية المُتوقّعة ومصادرها؛ وأرقام الدين العام ومكوّناته، والمشاريع المنوي تنفيذها، والتعديلات الضريبية المُقرّة، والإجراءات الإصلاحية.

ويتوجّه الكتيّب، بحسب ما ورد في مقدمته، "إلى جميع مكوّنات المجتمع من مواطنين ومواطنات، بهدف توعيتهم على أوضاع المالية العامة وتمكينهم من مقارنة وتحليل أرقام الإنفاق العام وتقديرات العجز وإشكالية الدين العام".

وأوضحت المقدّمة أن وزارة المال تهدف من خلال هذا الكتيّب إلى "تسهيل وصول المواطنين والمواطنات إلى المعلومات المالية، ومساعدتهم على فهم أهمية الموازنة وكيفية تأثيرها في حياتهم اليومية، وتوفير الأدوات التي تُمكّنهم من تقييم إلى أي مدى تُلبّي هذه الموازنة مطالبهم وتوقّعاتهم، وتعريفهم على أهمّ سياسات الحكومة المالية والاقتصادية، وتمكينهم من تكوين رؤية واضحة تخوّلهم طرح أفكار تلائم تطلّعاتهم وحاجاتهم". وشددت على أن "الغرض منه هو إشراك المواطنين بشكل أكثر فاعلية في النقاش العام حول مقاربات الحكومة للموضوعات التي يتضمنها، والتي لها تأثير أساسي على الفُرص المتاحة أمامهم وأمام مستقبلهم، وبالتالي تمكينهم من المساءلة والمحاسبة على قاعدة المعرفة.